بين الخيبة والفوز.. ماذا حقّق أقصى اليمين؟!

بين الخيبة والفوز.. ماذا حقّق أقصى اليمين؟!

  • ٠٨ تموز ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

قيادات أوروبا تخشى أقصى اليمين!

«هذه مجرد البداية».. بهذه العبارة، استقبل أعضاء التجمّع الوطني، مارين لوبان، بعدما احتلّت كتلة حزبها  المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية، يوم أمس، مؤكّدين أنّهم لا يعدّون ذلك هزيمة.  فقد حصد حزب أقصى اليمين في فرنسا ما بين 115 و150 مقعداً في البرلمان الفرنسي، وكانت الآمال بانتصاره كبيرة، إلا أنّه قد استطاع ولو  ليس بقدر التوقعات بعد أكثر من خمسين عاماً على تحقيق فوز لافت.
 اشتهرت مارين لوبان، بموقفها المعادي للمهاجرين ودعوتها إلى الترحيل الفوري لمن يقيمون في فرنسا بصفة غير قانونية، في وقت تعاني  فيه أوروبا بأكملها من هذه الظاهرة. 
إلى ذلك، حملت مارين لوبان قضية الهجرة والأمن الوطني ما أثار إهتمام الناخبين، في فرنسا التي تعاني من البطالة، وتراجع الإقتصاد. ومن جهة أخرى، يحافظ حزب الجبهة الوطنية على إستراتيجيته المتمثلة في وضع نفسه كمدافع وحيد عن الديمقراطية والشعب ضد «فوضى اليسار المتطرف». 
الجدير ذكره، أنّ الجبهة الشعبية الجديدة هي تحالف يساري، تشكّل قبل أقل من شهر من الإنتخابات، واكتسح أكبر عدد من المقاعد. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا إلى هذه الإنتخابات، بعد فوز  أقصى اليمين في الإنتخابات الأوروبية . 
إنطلاقاً هذه الفوضى السائدة اليوم ، تسببّ هذا الردع الأوروبي تجاه اليمين. علاوة على ذلك، ما حصل عام 2002، فقد قام بعض الناخبين الفرنسيين بوضع مشبك ملابس على أنوفهم أثناء توجههم إلى مراكز الاقتراع، لإظهار أنّهم مضطرون للتصويت لمرشح لا يرغبون فيه في الواقع، لكنهم يفعلون ذلك لإبعاد أقصى اليمين ليس إلا.
واليوم، أوقع ماكرون اليمين في فخّ لم تحسبه الإستطلاعات والتحاليل، فهو لم يهزم اليمين، لكنّه حافظ على شخصه في فرنسا، بعد التحالفات التي أزاحت اليمين مجدّداً عن طاولة قمار السياسة الفرنسية. 
ومع ذلك، يبقى بالنسبة للعديد من الفرنسيين، أنّ حزب مارين لوبان يقدّم برنامجاً سياسياً موثوقاً، في إدارة اقتصادهم وماليتهم العامة، بصرف النظر عما يدعيه منتقدوه. 

من هو اليمين ؟ 
في سياق متّصل، تمثّل أحزاب أقصى اليمين الأيديولوجيات الوطنية المنهزمة في الحرب العالمية الثانية، إلّا أنّها تغيّرت أولوياتها، مع مرّ السنين، خاصة في فرنسا، حيث ورثت لوبان هذا الحزب عن أبيها، وظلّت  تردّد في خطبها أمرين أساسيين، الأول هو الهجرة ، مؤكّدة أنها لا ترفض الهجرة باعتبارها ظاهرة ولكنها تشترط ما تسميه اندماج المهاجرين في الثقافة الفرنسية، أما الأمر الثاني فهو الإسلام، إذ تحذّر منه باستمرار وتعتبره «خطراً يهدد الثقافة الفرنسية». ومؤخّراً، بدأ اليمين يأخذ مكانته في الأجواء السياسية الأوروبية، إذ سهّلت الأزمة المالية العالمية 
عام 2008 و2009، صعود اليمين في أوروبا، فأصبح «الطوق الصحي»، الذي كان قد وضعه الإتحاد الأوروبي ممزّقاً. 
تحرّرت فرنسا من هذه العقدة، والدليل أرقام الإنتخابات الأخيرة، تأكيداً على ما جاء بلسان لوبان:  «توقفوا عن إعطائنا دروسًا في الأخلاق، توقفوا عن إخبارنا أين يجب أن نصوت، وكيف يجب أن نفكر».

بماذا يؤمن اليمين؟ 
قام مشروع أقصى اليمين،  على حفظ الهوية والثقافة الوطنية الفرنسية، ومنها حرية الفكر والعدالة الإجتماعية وادارة التنوع والمتغيرات الاجتماعية، محاربة شتى الأيديولوجيات المتطرفة على الأراضي الفرنسية، وإنشاء «حدود مزدوجة» من خلال فتح مفاوضات مع الشركاء الأوروبيين، والحياد الديني في القانون الداخلي، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وحماية الحدود الوطنية، وحظر المظاهر الدينية في الأماكن العامة، وإعتبار المهاجرين غير الشرعيين عائقاً أمام التقدّم  والنظام الليبرالي الحر.
في المقابل، يرفض اليمين وصول مزدوجي الجنسية إلى السلطة، ما يجعله متشدّدًا في قانون الهجرة، و معارضاً مشاركة  فرنسا في الحروب الخارجية. 
واللافت، تعليقات الدول الأوروبية، على نتائج الإنتخابات الفرنسية الأخيرة، حيث ظهرت الخشية من وصول اليمين إلى السلطة، واعتبر بعض الوزراء في الدول الأوربية، أنّ فرنسا رفضت «أقصى اليمين»، فيما اشارت لوبان إلى أنّ حزبها خسر فقط بسبب التصويت التكتيكي بين ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة ومعسكر ماكرون.