إسبانيا تنقذ كرة القدم

إسبانيا تنقذ كرة القدم

  • ١٦ تموز ٢٠٢٤
  • موسى الخوري

الحمد لله أنّ المنتخب الأفضل هو الذي حقق لقب اليورو، كون المدربين يتأثرون دومًا بأسلوب لعب الفرق البطلة. وبما أنّ الإسباني لعب وأبهر، فسيكون قدوة للآخرين لانتهاج أسلوبه السلس والفعال

إسبانيا فازت وقدمت كرة قدم جميلة خلال اليورو الأخير توجته بلقب من دون أن تخسر أو حتى تتعادل في أي من لقاءاتها السبعة التي خاضتها في طريقها نحو اللقب الرابع لها خلال مسيرتها الأوروبية وهو رقم قياسي بعد أن كانت تتشاطر عدد الألقاب مع المانيا بثلاثة لكل منهما. 
لماذا يمكن الاعتبار أنّ إسبانيا انقذت اللعبة؟ لأنّ الفرق الفائزة في البطولات الكبرى، سواء كانت كأس العالم أو بطولة الأمم الأوروبية تصبح قدوة للفرق الأخرى التي ترى في الفوز وسيلة لاتباع تكتيك ناجح يؤدي إلى حصد المزيد من البطولات. وبما أنّ رجال المدرب الاسباني لويس دي لا فوينتي أبهروا العالم بأسلوبهم السلس والراقي، سيكون «مشروع» إسبانيا قابلًا للنسخ من قبل فرق اخرى ومدربين آخرين سيحاولون النسج على نفس منوال الفريق الإيبيري علّهم يحصدون النجاح نفسه الذي حققه الإسبان. 
وعلى الرغم من كونه مرشحًا ولكن أقل من عادي للفوز بالمسابقة، فقد خالف لاعبو إسباننيا التوقعات وأدّوا أداء رائعًا في كل مبارياتهم، من دون أن ننسى أنّهم قدموا مجموعة جديدة من النجوم الذين سيكون لهم دور كبير في مستقبل كرة القدم العالمية وعلى رأسهم الشاب الأسمر لامين يامال. ولا يجب أن ننسى أنّ منتخبات مثل إنكلترا المدججة بالنجوم وفرنسا بصحبة نجمها كيليان مبابي وألمانيا الدولة المضيفة والبرتغال التي كان من المتوقع أن يلعب نجمها كريستيانو رونالدو بطولته الرسمية الأخيرة، كلهم دخلوا البطولة مرشحين بنسب متفاوتة لكن مرشحين اكثر من إسبانيا وكانت جماهيرهم تتوقع ان يرفع أحدهم كأس البطولة. 
لكن هناك عدة عوامل ساهمت في ترجيح كفة اسبانيا وفوزها باللقب. فتحقيق سبع انتصارات متتالية في بطولة تعتبر الأقوى عالميًا وعلى اقوى المنتخبات لا يمكن أن يكون صدفة، بل هو بالتأكيد نتاج عمل دؤوب ومتواصل لمنتخب اعتاد على منصات التتويج في السنوات الأخيرة. 
عوامل عدة ساهمت في فوز الإسبان لعل اهمها: 
استقرار التشكيلة. نعم استقرار، صحيح أنّ لويس دي لا فوينتي لم يتسلم تدريب المنتخب سوى منذ سنتين خلفًا للويس انريكي الذي إنتقل إلى باريس سان جرمان، لكن كل من يتابع مسيرة هذا المدرب المحنك والخبير (٦٣ عامًا) يدرك جيدًا ان العمل الذي كان يقوم به مع منتخبات الفئات العمرية في اسبانيا لم يمر مرور الكرام. فمعظم اللاعبين الشباب كانوا تحت إشرافه، وكل الصحافيين كانوا يثنون على أداء المنتخبات التي اشرف عليها دي لا فوينتي قبل الوصول لتولي سدة تدريب المنتخب الأول. وها قد اثبت الإتحاد الاسباني صوابية خياراته وأنّه ليس من الضروري الاستعانة بمدرب صاحب صيت ذائع من أجل تحقيق الألقاب. 
النشاط الجبار من الأطراف. فالإسباني نجح في احكام قبضته على خصومه بفضل عدة أساليب، لكن ابرزها كان سيطرته على أطراف الملعب، ليس فقط هجومًا بل دفاعًا. فالجهة اليسرى تكفل بها مارك كوكوريلا من الخلف ونيكو وليامس من الأمام، بينما تكفل داني كازفاخال ونجم البطولة الشاب لامين يامال العمل باشعال الجهة اليمنى عبر تحركاتهم واختراقاتهم الناجحة. 
أمر آخر عوّل عليه الإسبان وإن لم يكن في الحسبان. فبعد إصابة نجم برشلونة بيدري، ظن الكثيرون أنّ ثغرة ما ستظهر في الوسط. لكن داني أولمو ظهر وبرز وأثبت لمدربه وللجميع أنّ خط البدلاء قد يكون أهم من اللاعبين الأساسيين، فبفضل أهداف أولمو وتمريراته، نجحت اسبانيا في خطف اللقب. 
في نهاية المطاف، فرحت اسبانيا بالفوز وفرح محبو كرة القدم الجميلة بهذا الانتصار المستحقّ والذي اتى بعد اداء ممتاز.