حقوق الملكية الفكرية في زمن الذكاء الإصطناعي

حقوق الملكية الفكرية في زمن الذكاء الإصطناعي

  • ١٦ تموز ٢٠٢٤
  • إلياس معلوف

على الرغم من مساحتها الصغيرة وأزماتها المتعددة، تبقى بلاد الأرز السباقة في سنّ التشريعات في المنطقة وتحتفظ بيروت ليومنا هذا بلقب «أم الشرائع». ومن هنا، تميز لبنان باعتماده قانون حماية الملكية الفكرية منذ العام 1924 الصادر أيام الانتداب الفرنسي.

كما يدل إسمه، يسعى القانون إلى حماية الملكية الأدبية والفنية بشكل عام للمؤلف وحقوقه المدنية والمعنوية. إلاّ أن القوانين في لبنان لم تخضع منذ سنوات لأي تعديل. والأمر نفسه ينسحب على قانون حقوق الملكية الفكرية الذي لم يخضع لأي تغيير خلال 24 عامًا. لكنّ القانون المذكور قد شهد بعض التعديلات مواكبة للمعاهدات الدولية التي وقع لبنان عليها. ولعلّ أبرزها: معاهدة الويبو، وهي اتفاق خاص في إطار اتفاقية بيرن، وتتناول حماية المصنفات وحقوق مؤلفيها في البيئة الرقمية. نذكر أيضًا معاهدة حقّ وصول ذوي الإرادة الصلبة للمحتوى المحمي، وهي معاهدة مراكش لتسهيل الوصول إلى المصنفات المنشورة للأشخاص المكفوفين وضعاف البصر أو ذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات.

ولا يختلف إثنان على أنّ الذكاء الإصطناعي قلب معايير عدة في الساحة القانونية بسبب إعتماده محتوى موجود أصلاً على الإنترنت مثلاً، ما يشكل تحديات جمّة على قوانين الملكية الفكرية، وحماية المعطيات الشخصية. وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن انتهاك الملكية الفكرية إذ إتُهمت شركات عدة بإنشاء منصات إلكترونية تعتمد على الذكاء الاصطناعي الذي يستند إلى معلومات ومستندات مكونة من نحو 5 مليارات صورة مأخوذة من الإنترنت، من دون موافقة أصحاب حقوق الملكية الفكرية لتلك الصور.

أما فيما يتعلق بالخطوات العملية لحل هذه المشكلة، فرفع مستوى الوعي يلعب دوراً بارزاً حيث يوفر معلومات بارزة حيال القضايا القانونية المرتبطة بالمحتوى الذي يتم إنشاؤه عبر الذكاء الاصطناعي. ثانيًا، يشير بعض العلماء إلى أنّه ينبغي تحديد المعايير وإرشادات المحتوى الذي يمكن إنشاؤه كي تتضح العلاقة المرتبطة بين الذكاء الاصطناعي وحقوق الملكية الفكرية. كما يكثر الحديث عن تعزيز قوانين الملكية الفكرية لمواكبة التطورات كافة بغية حماية مالكي المحتوى. وللتنسيق المستمر بين منشئي المحتوى ومطوري الذكاء الاصطناعي دوراً بارزاً في تطوير نماذج جديدة للملكية الفكرية. هذا وينبغي على الحكومات اتخاذ تدابير قانونية تجاه كل من ينتهك القوانين من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي.

يعتبر البعض أنّه لا بد من إنشاء قوانين خاصة تحد من إنتهاك الذكاء الإصطناعي لحقوق الملكية الفكرية بخاصة أنّ دولاً عدة منحت الذكاء الإصطناعي شخصية قانونية مستقلة تتمتع بحقوق وبذمة مالية منفصلة وتترتب عليها مسؤولية شتى. ويبقى السؤال هل يمكن اعتبار الذكاء الاصطناعي مخترعًا؟