فوضى المبيدات في لبنان: ثمنها الأرواح
فوضى المبيدات في لبنان: ثمنها الأرواح
الموت المفجع يأتي على الإنسان من حيث لا يدري، كما أنّ أسباباً بديهية كثيرة لا نعيرها أي إهتمام. ناهيك عن دور الوزارات المختصة، لمراقبة أي نوع من المواد التي نلمسها أو نحتك بها يومياً، لا بدّ من معرفة مخاطرها!
لم تُعرف الأسباب التي أدّت إلى وفاة نادين خشاب، التي استيقظت صباح يوم السبت على آلام وغثيان. اتصلت نادين بصديقتها، حيث اصطحبتها إلى المستشفى، وبعد ساعات قليلة، فارقت الحياة. رجّح الأطباء أنّ سبب هذا الوفاة هو التسمّم، وكانت قد إستقدمت قبل وقت قصير شركة لرش المبيدات في المنزل.
الجدير ذكره، أنّ تقرير الطبيب الشرعي أشار إلى وجود حالة تسمّم قوية ناتجة عن الاستنشاق.
طرحت عدّة فرضيات إثر هذه الحادثة، الأولى تكمن في أنّ المبيدات هي قد تكون سمّمت نادين، بالإشارة إلى أنّ العاملة المنزلية لديها، أيضاً لقيت حتفها، كذلك القطة الموجودة في المنزل. تواصلت «بيروت تايم» مع أحد المسؤولين في وزارة الصحة، وتبيّن أنّ الوزارة باشرت التحقيق، وأوقفت الشركة المختصة برشّ المبيدات إحترازياً متحفّظة على ذكر إسمها. ومن جهة أخرى، ثمّة فرضية أخرى تشير إلى أنّ تسرّب غاز الليثيوم من بطارية الألواح الطاقة الشمسية، هو سبب وفاة الفتاة.
مع تعدّد الفرضيات، أكّدت وزارة الصحة، إلى أنّها لن تنشر أية بيان قبل إنتهاء التحقيق. توازياً، قامت فرقة من الأدلّة الجنائية بأخذ العينات من مختلف الأماكن في المنزل لمعرفة السبب الرئيسي المسؤول عن الوفاة.
وبانتظار نتائج التحقيقات، توكّد مصادر من وزارة الصحة، إلى أنّه أقيمت عدّة ورش تنظيمية للمبيدات خلال الأشهر الأخيرة، واستندت الصحة بتصنيفها إلى عدّة معايير وأهمّها قدرة المبيدات على التسميم. وتنقسم المبيدات إلى مبيدات صحة عامة ومبيدات زراعية. تهتم وزارة الصحة بمبيدات الصحة العامة، أي تلك التي ترشّ في البيوت. مع العلم، أنّ التسمّم يأتي عبر اللمس، الإستنشاق، أو الشرب، ولا بدّ من الحرص على ألا تحتكّ أي من أنواع المبيدات مع الطعام.
يمكن أن تُسبّب الكثير من المبيدات الحشريَّة التَّسمُّم بعد ابتلاعها أو استنشاقها أو إمتصاصها من خلال الجلد. تكون بعض المبيدات الحشريَّة عديمة الرائحة، وبذلك فإنَّ الشخص لا يدركُ أنَّه قد تعرَّض للإصابة بها. إذ، تؤدّي المبيدات الحشرية من زمرة الفوسفات العضويَّة والكربامات إلى جعل بعض الأعصاب «تطلق إشارات» بشكلٍ شاذ، ممّا يؤدّي إلى جعل الكثير من الأعضاء مفرطة النشاط لتتوقَّف في النهاية عن العمل. يمكن أن تتسبّب البيريثرينات في حدوث ردَّات فعل تحسُّسية في بعض الأحيان. ولكن، من النّادر أن تتسبَّب البيريثرويدات في حدوث أيَّة مشاكل.
ويُذكر بحسب بعض الدراسات، أنّه يجب على أيّ شخص يعاني من أعراض التّسمّم بالفوسفات العضويَّة أن يراجع الطبيب، كما ينبغي عند الإشتباه في أنَّ المبيد الحشري قد لامسَ الجلد أن يتمَّ نزع الملابس والغسل فوراً. إلى ذلك، فإن إستخدام المبيدات المنزلية له سمية عالية وذلك لطول فترة التعرّض على الجهاز العصبي، التنفسي، الدوري، الهضمي، والمناعي. الخطر ليس فقط على الإنسان ولكن علي الحيوانات الأليفة والطيور..
تختلف الكمية حسب الفترة ومدة ملامسة الجلد، وتختلف من شخص لآخر، وكذلك الأضرار من التهيّج الجلدي الخارجي إلى الغيبوبة.
إنّه لواقع مخيف، خاصة في لبنان حيث الرقابة شبه معدومة، وعلى الرغم من التحقيقات التي تجريها وزارة الصحة، فإنّ مخاطر هذه السموم لا تنتهي، إذا لم يتأكّد الفرد من مكوّناتها ومصدرها.