إيناس هنية: لم يتبقَ من طفلاتي إلّا حذاء العيد

إيناس هنية: لم يتبقَ من طفلاتي إلّا حذاء العيد

  • ٠٧ آب ٢٠٢٤
  • إلياس معلوف

أنا أمّ ولم أنجب أطفالي ليكون مصيرهم الموت، أطفالي «حلوين»،أطفالي يحبون الحياة، لم أودع بناتي فلا جثث لهن ، سأخاصم أمام الله كلّ من لم يشفع ولم يصُد عن طفل قتل، وعن أمّ فلسطينية دفنت أبناءها بيديها. والصبر يأتيني من أنّ لي أحباب وعزوة في الجنة..

في عالم مثقل بالظلم والصمت واللامبالاة، تقف الأمهات الفلسطينيات  أمام أجساد أبنائهن الممزقة ، وسط غياب عدالة الأرض بإنتظار عدالة السماء. مقابلتي مع إيناس هنية من غزة عن الفقدان والصبر والإيمان .  

أنت أم لشهيدتين منى وآمال لنتكلم عن شعور فقدان الأم لأولادها بهذه الوحشية؟

أنا أمّ ولم أنجب أطفالي ليكون مصيرهم الموت، أطفالي «حلوين»،أطفالي يحبون الحياة، ألبستهم ثياب العيد الأنيقة، للذهاب والإحتفال مع الأصدقاء والأقارب، كن يطرن فرحاً ، واستقبلتهن شهيدات في أول أيام العيد ولم يتسنَ لي توديعهن، أنا بناتي  لا جثث ولا أشلاء بقيت منهن نهائياً، لم يتبقَ من إبنتي الشهيدة إلا هذا الحذاء من إبنتي أمال أم العشر سنوات، هذا ما حصلت عليه من طفلاتي يوم العيد ، اليوم الذي يلعب فيه الأطفال في العالم ويلهون، أنا لم أودع بناتي ليس لدي جثث لهن ، هذا وقع قاسٍ على الأم الفلسطينية وعلى أي أم تفقد طفلهابهذه الصورة، طفلي بريء يلعب في العيد ما ذنبه لأن يُقتل، على هذا الحذاء قطع من أشلاء بنتي آمال ودماؤها وأنا أحتفظ فيه كلّما أشتاق لأمال أنظر لهذا الحذاء الذى كان شاهداً على الجريمة، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل.

من أين يأتيك هذا الصبر وهذه القوة؟

الصبر ثبات من الله ربنا عندما ينزل البلاء على الإنسان المؤمن يوضع معه الصبر والثبات والإستقامة فهذا من الله وليس مني. ولكن لدي جواب آخر أنا إنسانة لا أركن الى الحزن لا أدعه يأخذ مني المساحة الأوسع، أنا أحزن أتذكر زوجي ، أهلي، بناتي، عمي، وكل أنسبائي الشهداء، أصبّر نفسي أنّني أنا على الأرض وهم في الجنة، ينتابني الشعور بالأنس والإلفة أنّ لي أحباباً وعزوة في الجنة، الحمدلله الرّب هو يعطي الصبر.

من هو إسماعيل هنية الانسان؟

عمي أبو العبد كان إنساناً رائعاً ، إنسان جميل ، يحترم كل الطوائف يحترم كل الأديان،متسامح، عطوف، يعيش جو العائلة بإمتياز رغم إنشغالاته، فلا يحرمنا من إتصال أو من سؤال، ويومياً له رسائل وأتحدث معه دائماً من بنت لأبيها ، أهرب إليه لكي يطبطب جراحي بعد فقداني عائلتي، إنّني أفتقده بكل ما تعنيه الكلمة، كنت أستظلّ فيه من بعد الله ومن بعد رحيل عائلتي ، ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

هوجمت على قولك «لن تدخلوا الجنة قبل أن آذن لكم» ما السبب وراء ذلك؟ ما ردك؟

لم أكترث للموضوع، ولم أكترث لردود الفعل الآراء التي غالباً ما كان يزودني ويعلمني بها المحبون، هناك بشر يختلفون مع الإنسان ،ومع الله، ومع الرسل، ومع القضية، ومع الإنسانية، والقضية الفلسطينية هي قضية إنسانية في المقام الأول. عندما أدفن أطفالي يوم العيد، هذا وقعه كارثي عليي، فضلاً عن ذلك بناتي لم يكفنن، بناتي وضعن في أكياس وهذه الأكياس التي كان  يبعثها العرب مساعدات لنا بواسطة المناطيد ماذا تتوقعون أن تكون ردة فعلي  تجاه العرب ، وأنا سأخاصمهم أمام الله يوم القيامة، وسأخاصم كل إنسان يزاود على جرح أمّ فلسطينية وتفقد أطفالها وتدفنهم بأيديها، وكل طفل قتل على هذه الأرض ولم يجِد من يشفع له ويصدّ عنه هذا الرجس العظيم من الشيطان الأسود ، والله والله سأخاصمهم عند الله يوم القيامة، عند تجتمع الخصومة عند الله هناك لكل حادث حديث….

رسالة من إنياس هنية إلى لبنان

أوجه التحية الى أهلي في لبنان، ربنا يحفظ الأمة ويحفظ لبنان، وأسأل الله أن يرحم جميع شهداؤنا وشهداؤكم الشرفاء الأحرار، وربنا يحفظ لبنان ويديم عليه الأمان، وربنا يحفظ كل الأحرار الذين يساندون القضية الإنسانية العادلة، القضية التي تثبت أنّك إنسان  ذو ضمير مستيقظ ، سلام لكل أحرار العالم وكل الشرفاء.