أسبوع الحسم.. حرب كبرى أم تسوية مرحلية؟

أسبوع الحسم.. حرب كبرى أم تسوية مرحلية؟

  • ١٢ آب ٢٠٢٤
  • جو حمّورة

سيكون الأسبوع الحالي حاسماً بشأن مستقبل شبه الحرب الدائرة في المنطقة. فهل ستنتج المفاوضات في 15 آب الحالي تسوية مهمة بين إسرائيل وحركة "حماس" أم إن مصيرها سيكون الفشل كما سابقاتها؟ وهل سيأتي الرد الإيراني وفرعه اللبناني قبل المفاوضات أم بعدها؟ أم إنه لن يأتي أبداً؟


سيكون الأسبوع الحالي حاسماً بشأن مستقبل شبه الحرب الدائرة في المنطقة. فهل ستنتج المفاوضات في 15 آب الحالي تسوية مهمة بين إسرائيل وحركة "حماس" أم إن مصيرها سيكون الفشل كما سابقاتها؟ وهل سيأتي الرد الإيراني وفرعه اللبناني قبل المفاوضات أم بعدها؟ أم إنه لن يأتي أبداً؟

جاء إعلان مساعد الرئيس الإيراني الجديد للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، استقالته من منصبه مساء الأحد 11 آب، ليؤكد الارتباك الواضح داخل "محور الممانعة". المأزق الذي وضعهم فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لا يحسدون عليه. فقد اغتال الشخصية الأولى في حركة "حماس" في قلب العاصمة طهران، وأجبرهم على الالتزام برد ساحق، ليعود ويهددهم، بالتعاون مع الولايات المتحدة، برد قاسٍ في حال أقدموا على أي عمل عسكري مهم.

على الجبهة نفسها، بدا كلام أمين عام "حزب الله" الأخير ضعيفاً. دعا للهدوء والتروي، واعترف بقدرة إسرائيل وقوتها، وبرر غياب الرد الإيراني "غير الملزم" لها، وذلك في معرض الكلام عن رد الحزب على اغتيال إسرائيل لأهم شخصية عسكرية في منظمته فؤاد شكر.

في المقابل، تبدي إسرائيل جدية في التعامل مع الرد المحتمل عليها. ترى الدولة ووزراؤها وقادتها العسكريون أن الهجوم عليها لن يُقابل إلا بهجوم مضاد. حتى إن بعض المسؤولين العسكريين والمدنيين الإسرائيليين ضغطوا في اتجاه شن حرب استباقية على "حزب الله" وإيران دون انتظار ردهما. والجدية الإسرائيلية هذه نابعة من ضوء أميركي أخضر، حصّله نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة الأميركية قبل أسبوعين، حيث بدا جلياً الدعم الأميركي، الرسمي والحزبي، لحق بلاده في الرد على مخاطر الأمن القومي التي تتعرض لها.

أما في شأن غزة، فتُقام مفاوضات لوقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل في 15 آب الحالي، وذلك ضمن مسار المحادثات التي تقودها مصر وقطر، وترعاها أميركا. وفي وقت بدت فيه الآمال الأميركية كبيرة فيما يتعلق بنتيجة المفاوضات المرتقبة، بدت الشروط الإسرائيلية عادية، وذلك على عكس شروط "حماس" العالية السقف. أعلنت تل أبيب أن أي تسوية لوقف الحرب يُفترض أن تشمل إطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين على دفعات، ولكن شريطة أن تختار إسرائيل من يتم إطلاقه من المختطفين قبل الآخر. في المقابل، بدا الشرط التقني الإسرائيلي عادياً أمام موقف حركة "حماس" التي أعلنت عنه البارحة في بيان رسمي، حيث أكدت على عدم الثقة في أي مفاوضات جديدة، ودعت إلى العودة إلى المحادثات السابقة والانطلاق منها لتحقيق وقف إطلاق النار.

المرونة الإسرائيلية المشروطة تتماشى مع ما تريده الإدارة الأميركية الساعية إلى إنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة، وذلك لتحقيق "نصر دبلوماسي" يحتفي به الرئيس الأميركي جو بايدن في نهاية ولايته وقبل مغادرة البيت الأبيض. أما التصعيد السياسي لحركة "حماس" فبدا مخالفاً لما تريده واشنطن، خاصة عندما شكك بيانها بالأمس بجدوى المفاوضات ككل، داعياً إلى العودة خطوة إلى الوراء لاستكمال المحادثات الماضية.

الموقف العالي السقف من الحركة، والذي قد يؤدي إلى نسف المفاوضات المعوّل عليها أميركياً، مرده أمران: الأول مرتبط بقدوم يحيى السنوار إلى رئاسة الحركة، وميل الرجل إلى العناد والتعنت والحلول العسكرية، ومحاولة إفهام القوى الإقليمية، الدولية وإسرائيل أنه هو من بات يمسك بزمام المفاوضات تماماً كما يُمسك بزمام ما تبقى له من سيطرة على قطاع غزة، ومؤكداً أن من تبقى من قادة "حماس" الذين يعيشون في قطر وتركيا لا يعول عليهم في أي مفاوضات. أما الثاني، فمرتبط برهان السنوار على أن فشل المفاوضات ووقف إطلاق النار في غزة، سيكون محفزاً لانغماس إيران و"حزب الله" أكثر في الصراع.

يستطيع السنوار ومن وراءه حركة "حماس" وضع شروط عالية السقف والدخول في أي مفاوضات أو محادثات وفي يدهم ورقة جديدة. هذه الورقة الجديدة هي احتمال قيام الجانب الإيراني وفرعه اللبناني بهجوم عسكري على إسرائيل، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة البتة.

الرد الإيراني المحتمل إذاً، لا ينبع عن غاية حقيقية في رد الاعتبار لإيران أو "حزب الله" وما تعرضوا له من اغتيالات، إنما هو هدية لحركة "حماس" في مفاوضاتها المرتقبة مع إسرائيل، حيث تعرف هذه الأخيرة أن فشل المفاوضات وعدم تلبية ولو قسم مقبول من شروط "حماس" سيؤدي إلى توسيع الصراع في المنطقة.

وكما تستغل "حماس" إمكانية الرد الإيراني في مفاوضاتها المرتقبة، تستغل إيران و"حزب الله" هذه المفاوضات أيضاً، حيث يمكنها إفشالها إن رأت فيها "حلاً" غير مرضٍ لها، عبر رد عسكري، وإن كان بسيطاً، يمكنه أن ينسف كل مسارات المفاوضات والمحادثات بين الحركة وإسرائيل.

التردد الإيراني الواضح في الرد يشير إلى ضعف عسكري إيراني حقيقي، إلا أنه يتم توظيفه، بذكاء، في معرض المفاوضات والتهديد وتحصيل الحركة المزيد من المكاسب في مفاوضاتها. التهديد بالرد مفيد في السياسة أكثر من الرد العسكري بذاته، فيما الاستفادة من الهدية الإيرانية لحركة "حماس" تشير إلى أن الرد الإيراني لن يتم يوماً في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، ولكن حصوله سيكون حتمياً في حال فشل المفاوضات.

الأسبوع الحالي سيكون الأكثر أهمية في شبه الحرب الدائرة في المنطقة، والعين ستكون على يوم الخميس 15 آب، فإن بلغكم أن التسوية تمت بين "حماس" وإسرائيل، عادت الحياة إلى طبيعتها في المنطقة. أما وإن بلغكم أن المفاوضات فشلت، فتحضروا لحرب قادمة أكثر شِدة وقسوة.