الشطرنج: لعبة الملوك وتكتيك القادة

الشطرنج: لعبة الملوك وتكتيك القادة

  • ٢٣ آب ٢٠٢٤
  • سميرة طوق

كش ملك على خريطة العالم، كيف شكل الشطرنج إستراتيجية الحروب؟

الكلمة شطرنج مشتقة من اللغة السنسكريتية ، شاتورانجا(شتو: أربعة، رنجا: جيش) وفي اللغة الفارسية 
ظهرت شطرنج بحذف الواو وفي الإصطلاح الشعبي الفارسي شطرنج مشتقة من «شط» بمعنى ١٠٠ و«رنج» بمعنى هموم فتكون «١٠٠هموم» 
وفي قاموس المعاني الجامع شطرنج تعني:« لعبة تلعب على رقعة ذات أربعة وستين مربعاً ، تمثل دولتين متحاربتين باثنتين وثلاثين قطعة تمثل الملكين والوزيرين والخيالة والقلاع والفيلة والجنود وللفوز يجب أن يقتل الملك».
بدأت لعبة الشطرنج في الهند في القرن السادس الميلادي، وورد ذكرها في ملحمة «المهابهاراتا» وإستندت  إلى الفروع الأربعة للجيش الهندي القديم: سلاح الفرسان، والمشاة، والفيلة، والعربات. وقد أطلق عليها في الأصل اسم «شاتورانجا»، في إشارة إلى هذه العناصر العسكرية الأربعة.. إنتقلت اللعبة  إلى بلاد فارس  وتغير اسمها إلى «شطرَنج»  وشهدت  تغييرات  في قواعدها  وتكتيكاتها. من أهم  الاختلافات بين «شطرنج» و«شاتورانجا»  و الشطرنج الحديث، أنّ الفوز في النسخة القديمة عماده إقصاء جميع قطع الخصم، بينما في الشطرنج الحديث، يكتفى بإقصاء الملك.
 إنتقلت اللعبة  إلى  أوروبا  مع  الفتوحات الإسلامية  في القرن السابع الميلادي،  واكتسبت  شعبية واسعة.  وخلال القرنين الثالث عشر والخامس عشر،  تطورت قواعد  اللعبة  عبر  القرون  من  لعبة  حربية  بسيطة  إلى  لعبة  ذكاء  معقدة  تُمتّع  الملايين حول العالم .
يشبّه معظم لاعبي الشطرنج اللعبة بالحرب بسبب التكتيكات والاستراتيجيات ومستوى التنسيق المطلوب. على الرغم من أن بعض النظريات والألعاب الأخرى تدعي ملكية اللعبة، إلا أن هذه النظرية تبدو منطقية لأنّ بعض سماتها الرئيسية لا تزال موجودة في العديد من أنواع الشطرنج ، بما في ذلك النسخة الحديثة،الفوز في الشطرنج يعتمد على قطعة واحدة وهي الملك.
يُقال إنّ العديد من الملوك وكبار ضباط الجيش استمتعوا بلعب الشطرنج لأنّه ساعدهم على شحذ مهاراتهم في التخطيط والتركيز والإبداع والذكاء والذاكرة. وهذا يطرح السؤال التالي: هل الشطرنج مثل الحرب؟ للإجابة على هذا السؤال، لا بدّ من الإضاءة على أوجه التشابه بين الشطرنج والحرب

الشخصيات المحورية في العصور الوسطى
الملك
تعكس قوة القطع في الشطرنج أدوار بعض الشخصيات التي شاركت في الحروب في العصور الوسطى. أولاً، هناك الملك ، وهو أهم قطعة في اللعبة. يجب أن يبقى  في  مأمن ومحميًا في جميع الأوقات. في العالم القديم ، كان أسر الملك أو قتله يعني النصر، وبالتالي كانت مسؤولية الجميع الحفاظ على سلامة ملكهم.
الملكة
الثانية في الترتيب ، وهي القطعة الأكثر نفوذاً نظراً لموقعها المرموق. في العالم القديم كانت الممالك تسقط وترتفع، بناء على موقف الملكة من ملكها أكانت تؤيده أم تخطط ضده.
القلاع
الثالثة في الترتيب التي تمثل الملجأ. وظيفتها توفير الملاذ لمن يسعى إلى وضع استراتيجية أو الهروب من المعركة. وفي المركز الرابع الأساقفة، لأنّ الكنيسة في العصور الوسطى لعبت دوراً محورياً في الممالك وفي حياة شعبها.
الفرسان
الخامس في الترتيب، هم الفرسان أو الجنود الماهرين و دورهم حماية الأشخاص ذوي الرتبة. وأخيرًا الأقل  رتبة البيادق أو  ما يشبه الجنود البسطاء والعمال. يقاتلون بجدية لحماية مصالح الأعلى رتبة. إذا لزم الأمر، وهم من يُضحى بهم لحماية من في المراكز العليا

الإستراتيجيات والتكتيكات المستخدمة
هناك العديد من الإستراتيجيات والتكتيكات التي تنطبق على كل من الشطرنج والحرب. من بينها قاعدة «فرق تسد»، والهجوم على أضعف نقطة لدى الخصم، وحسن تنظيم الفريق والإفادة من مهارات الأفراد، وتجنّب نقاط الضعف في المعسكر وحمايته.
٣. التدريب
الجنود ليسوا مدنيين استيقظوا ذات يوم  وقرروا القتال. المقاتل يجب أن يكون لائقًا بدنيًا وعقليًا وتابع  تدريباً مكثفاً ومستمراً. وكذلك يفعل لاعب الشطرنج. ليصبح لاعبًا متمرساً ويحظى بفرصة لهزيمة خصومه.

الإختلافات بين الشطرنج والحرب
يرى بعض الناس أنّ بين الشطرنج والحرب العديد من التباينات منها:
١. التنبؤ بمعسكر العدو
في الحرب الحقيقية، قد تُعرف أو لا تُعرف تكتيكات ونقاط ضعف الخصم بينما في الشطرنج يتم عرضها على مرأى من الجميع. كما رؤية ثغرات الخصم والتكهن بحركته التالية.
٢. الإلتزام بالقواعد
«لا توجد قواعد مطلقة للسلوك، سواء في السلم أو الحرب. كل شيء يعتمد على الظروف». -ليون تروتسكي
في اتفاقيات جنيف ولاهاي، هناك قواعد محددة تحكم الحروب. ومع ذلك، نادرًا ما يتم تطبيقها في الحرب الحقيقية. تفضل معظم الدول إرتكاب جرائم حرب، إذا كان ذلك يساعدها على الفوز، ثم تعاني لاحقًا من عواقب عدم الالتزام بالقواعد. بينما في الشطرنج، القواعد ضرورية وتحدد اللعبة. وبدونها، يفقد الشطرنج معناه.
٣. توازن القوى
في بداية لعبة الشطرنج، لدى الخصمان عدد متساوٍ من القطع وفرصة متساوية تقريبًا للفوز. ومع ذلك، في الحرب قد يتمتع أحد الجانبين بميزة على الآخر عندما يتعلق الأمر بعدد المقاتلين والمهارات والأسلحة والمعدات والتكنولوجيا وما شابه ذلك.
٤. ترتيب الهجمات
في الشطرنج، يحصل كل لاعب على فرصته للقيام بحركته. لا يمكنك الهجوم أو الرد على الهجوم إلا بعد أن يقوم خصمك بحركته. من ناحية أخرى، لا توجد قواعد عندما يتعلق الأمر بالهجوم أو الدفاع في الحرب. يمكن لأي من الجانبين الهجوم متى وأينما يريدان.
٥. تحديد الفائز
في الشطرنج، بمجرد أسر ملك الخصم، تعتبر اللعبة منتهية ويحدد الفائز. وهذا لا ينطبق على الحرب. وبقدر ما يعتبر أسر أو قتل زعيم المجموعة أمرًا مهمًا، فقد لا يعني ذلك نهاية الحرب. عادة ما يكون الإنتصار وجهة نظر أو بالمعنى الكلاسيكي أن يصبح الجانب الآخر ضعيفًا جدًا لدرجة أنّه لا يستطيع القتال أو يخسر المزيد.
٦. تكتيكات الحرب الحديثة
قد تكون الترتيبات والرتب والتكتيكات والمشاركين في الحروب في العصور الوسطى مشابهة للشطرنج، ولكنها ليست كذلك في العصر الحديث. لقد حدثت تطورات هائلة في الحروب بفضل عوامل مثل التكنولوجيا. لم يعُد الجنود يصطفون ويرتبون أنفسهم في صفوف عند مهاجمة أعدائهم. يمكن أن تحدث الهجمات في أي مكان، وبطرق متنوعة من السلاح الى القرصنة، الى الحرب النفسية…
٧. أهمية القوى الخارجية

في الشطرنج، فقط الخصمان هما المهمان ويشاركان في اللعبة. يتم تحديد انتصار أي من الطرفين من خلال نقاط قوتهما الفردية. في الحرب، تلعب القوى الخارجية مثل النفوذ السياسي دورًا كبيرًا في تحديد من سيفوز.

 


رسم بعنوان معركة واترلو -متحف الجيش الوطني لندن

من آرون نيمزوفتش الى اليوم

ريموند دينيس كين (1948) هو لاعب إنجليزي دولي في الشطرنج، وحكم دولي في الاتحاد الدولي للشطرنج (FIDE)، وصحفي ومؤلف للعديد من الكتب حول الشطرنج. وقد بنى تدريبه العلمي على نظريات آرون نيمزوفتش الدنماركي الجنسية، الذي يُعد من أعظم لاعبي الشطرنج في بدايات القرن العشرين ومؤلف كتاب «نظامي: الكتاب المقدس لإستراتيجيات لاعبي الشطرنج» الذي نشر سنة ١٩٢٥ويعتبر من الكتب الأكثر تأثيراً وألمعية في هذا المجال وعليه طوّر الكثيرون من أبطال  الشطرنج إستراتيجيات متقدّمة

يقول كين إنّه استوحى نظرية لتطوير أسلوبه في الشطرنج من الحملات العسكرية لدوق ولينغتون في عام ١٨١٠ كإستراتيجية عسكرية بارعة ضد الجيش الفرنسي بقيادة المارشال ماسينا. ، وتعلّم منه بناء دفاع قوي وكيف يمكن للذكاء  والتخطيط  الجيد أن يهزما القوة الغاشمة. فدرس هذه المعركة بتمعن من خلال كتاب «سنوات النصر: ١٨٠٢-١٨١٢» للسير آرثر براينت. مشيراً إلى أنّ العديد من أشهر الإنتصارات العسكرية البرية يمكن أن تجد أوجه تشابه مع مباريات الشطرنج، كما كتب ماركو جيرولامو فيدا وهو كاتب وشاعر واسقف إيطالي في قصيدته «سكاكيا لودوس» (1525):«نحن نلعب لعبة الشطرنج، ونحاكي الحرب».

رسم بعنوان ولينغتون الدوق الحديدي- متحف الجيش الوطني لندن

يصف كين  عبقرية ولينغتون العسكرية في معركة خطوط توريس فيدراس في البرتغال، وكيف أثرت هذه المعركة على نظرته في بناء استراتيجياته في الشطرنج. قائلاً كان قائداً عسكرياً ذكياً واجه جيشاً فرنسياً قوياً بقيادة نابليون. وبدلاً من مواجهتهم في معركة مباشرة، قرر ولينغتون أن يُدبر لهم فخاً محكماً!

لقد بنى خطوطاً دفاعية سرية على طول سلسلة الجبال في منطقة تُدعى «توريس فيدراس». كانت هذه الخطوط أشبه بسورٍ منيعٍ بعيد عن الأنظار، مدعّم بالمدافع والجنود. ثم قام بخدعة ذكية، حيث تظاهر بالتراجع أمام الجيش الفرنسي، مما جعلهم يعتقدون أنّه يهرب خوفاً منهم. وسرعان ما اندفع الجيش الفرنسي وراءه، ليقعوا في الفخ المُعدّ لهم! إلى أن وجد الجيش الفرنسي نفسه محاصراً بين الجبال وخطوط ولينغتون الدفاعية، دون أي طريق للهروب.  ولكي يزيد الطين بلة، قام ولينغتون بقطع جميع الإمدادات عنهم، فلم يجدوا ما يأكلونه! فصمد الجيش الفرنسي بشجاعة لثلاثة أشهر، ولكن في النهاية، اضطروا إلى التراجع بعد أن أنهكهم الجوع والتعب. 

ويضيف كين أنّ الألعاب الإستراتيجية لعبت دوراً هاماً في تدريب العقول العسكرية وتحليل الصراعات، فقد شجّعت الجيوش الألمانية والسوفياتية جنودها على لعب الشطرنج خلال الحرب العالمية الثانية. واستخدمت القوات الأمريكية لعبة«الدّاما» لتدريب جنودها على التفكير الاستراتيجي.كما حلّل ماو تسي تونغ، زعيم الصين السابق، حملاته العسكرية من خلال منظور لعبة «غو» الصينية القديمة.

لذلك، فإنّ التشبيه بين إستراتيجيات الحرب وألعاب مثل الشطرنج و«غو» ليس مجرد تشبيه سطحّي، بل هو نتاج فهم عميق للترابط بين التفكير الاستراتيجي في مختلف مناحي الحياة.

رسم بعنوان الاسكندر الكبير المنتصر- متحف الجيش الوطني لندن

 معارك شهيرة تعكس استراتيجيات الشطرنج
كما أورد كين  في دراسته بعض المعارك الشهيرة  عبر التاريخ وكأنّها تدعو، إن لم يكن لنُسخ طبق الأصل، فعلى الأقل لموازيات شطرنجية مثيرة للاهتمام:
- معركة جاوجاميلا (٣٣١ قبل الميلاد المعروفة أيضاً بمعركة أربيل) ولعبة «الخالدين» أندرسن - كيسيريتسكي ١٨٥١ النقطة المشتركة: تركيز الهجوم على الملك بغض النظر عن عدد القطع.

في معركة جاوجاميلا، واجه الإسكندر الأكبر جيشًا فارسيًا هائلاً بقيادة داريوس الثالث. ورغم التفوق العددي للفرس، إلا أنّ الإسكندر، كلاعب شطرنج محنك، ركز هجومه على نقطة ضعف أساسية في صفوفهم ، وهي الملك داريوس نفسه. تُشبِهُ هذه الاستراتيجيةُ لعبة «الخالدين» بين أدولف أندرسن(الإسكندر الأكبر) وليونيل كيسيريتسكي(الملك الأسود) عام ١٨٥١، حيثُ شنّ أندرسن هجومًا مباشرًا على ملك كيسيريتسكي رغم قلةِ قطعه، مُحققًا النصر.

- معركة كاناي (٢١٦ قبل الميلاد) ولعبة بتروسيان - كورتشنوي (١٩٧١) النقطة المشتركة: إستغلال ضعف الأجنحة رغم قوة المركز.

في معركة كاناي، استخدم هنيبعل براعةً تكتيكيةً فائقةً لهزيمة الجيش الروماني فاستغل ضعف الأجنحة وهجم على الملك مباشرة، حيثُ استدرجهم للنصفِ ثم حاصرهم من الأجنحة. يُشبِهُ هذا التكتيك لعبة الشطرنج بين تيجران بتروسيان (هنيبعل) وفيكتور كورتشنوي عام ١٩٧١، حيثُ بنى كورتشنوي(الجيش الروماني) مركزًا قويًا من البيادق، لكنه ترك أجنحته مكشوفة، فاستغل بتروسيان ذلك وحقق الفوز.

- معركة فارسالوس (٤٨ قبل الميلاد) ولعبة ليتلوود - بوتفينيك (١٩٦١) النقطة المشتركة : تفوّق القوة الدفاعية للبيادق (المشاة) على هجوم القطع الخفيفة (سلاح الفرسان):
في معركة فارسالوس، انتصر يوليوس قيصر على بومبي العظيم، حيث تفوقت قواته المُشاة المُدرّبة جيدًا على سلاح الفرسان التابع لبومبي. يُشبِهُ هذا لعبة الشطرنج بين جون ليتلوود (بومبي العظيم) ومِيخائيل بوتفينيك (يوليوس قيصر) عام ١٩٦١، حيثُ شنّ ليتلوود هجومًا قويًا بقطعه الخفيفة (سلاح الفرسان)، لكنه اصطدم بدفاع بوتفينيك المتين باستخدام بيادقه (المشاة).

- معركة أجينكور (١٤١٥) ولعبة سانت أمانت - ستونتون (١٨٤٣)النقطة المشتركة: تفوّق الدفاع المحكم على الهجوم المباشر:

في معركة أجينكور، حقق الجيش الإنجليزي نصراً مُدوياً على الجيش الفرنسي الذي كان يتفوق عليه عدديًا، وذلك بفضل استخدام القوس الطويل (دفاع محكم) بمهارة. يُشبِهُ هذا لعبة الشطرنج بين بيير تشارلز فورنييه دي سانت أمانت  (الجيش الفرنسي) وهَوَرد ستَنْتُن (الجيش الإنكليزي) عام ١٨٤٣، حيثُ أحبط ستَنْتُن كل محاولات سانت أمانت للهجوم، تمامًا كما صدّ الإنجليز هجمات الفرنسيين في أجينكور.

- معركة نيزبي (١٦٤٥) ولعبة كين - هيندل (١٩٧٠) النقطة المشتركة: نجاح إستراتيجية اختراق الجناح ثم الإلتفاف على قوات العدو.

في هذه المعركة الحاسمة خلال الحرب الأهلية الإنجليزية، حقق  ريموند كين (أوليفر كرومويل) نصراً حاسماً ضد أوين هيندل (الجيش الملكي) عام ١٩٧٠، حيثُ استخدم نفس إستراتيجية كرومويل في اختراق جناح الخصم ثم الإلتفاف لتدمير موقعِه.

- معركة بلينهايم (١٧٠٤) ولعبة بينروز - تال (١٩٦٠) النقطة المشتركة: أهمية الهجوم المركزي بعد إضعاف أجنحة العدو.

في هذه المعركة، أثبت دوق مارلبورو عبقريته العسكرية بهزيمة الجيش الفرنسي البافاري. بدأت المعركة بمناوشات على الأجنحة، ثم شنّ مارلبورو هجومًا مركزيًا حاسماً كسح قوات العدو. يُشبِهُ هذا لعبة الشطرنج بين جوناثان بينروز ومِيخائيل تال عام ١٩٦٠، حيثُ شهدت المراحل الأولى من اللعبة مناوشات على الأجنحة، ثم تبعها هجوم مركزي قوي من قبل أحد اللاعبين.

- معركة أوسترليتز (١٨٠٥) ولعبة كاسباروف - كاربوف (١٩٨٦) النقطة المشتركة: التضحية ببعض القطع أو المواقع لتحقيق هدف أكبر.

تُعد معركة أوسترليتز من أبرز الأمثلة على العبقرية العسكرية لنابليون بونابرت. فقد تظاهر بالتخلي عن موقع مركزي مُسيطر، ثم استغله في شن هجوم مُضاد مُدمر حقق له النصر. يُشبِهُ هذا لعبة الشطرنج بين غاري كاسباروف (نابليون) وأناتولي كاربوف (الجيوش المتحالفة) عام ١٩٨٦، حيثُ ضحى كاسباروف ببعض قطعه و بجزء كبير من مركز الرقعة ليتمكن من اختراق دفاعات كاربوف وتهديد ملكه مباشرة.

- معركة واترلو (١٨١٥) ولعبة سباسكي - فيشر (١٩٧٢) النقطة المشتركة: الصراع المحتدم والتوتر الكبير الذي رافق كل من المعركة والمباراة.

شهدت معركة واترلو مواجهة تاريخية بين قائدين عسكريين عظيمين، هما نابليون بونابرت ودوق ويلينغتون. تميزت المعركة بضراوة الهجمات من جانبي الفرنسيين والإنجليز، وانتهت بهزيمة نابليون النهائية.  تشبه هذه المعركة مباراة الشطرنج الشهيرة بين بوريس سباسكي (نابليون) وبوبي فيشر(ويلينغتون) عام ١٩٧٢، والتي صاحبها توتر سياسي كبير لأنّها جسدت الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة. وانتهت المباراة ، بهزيمة الجانب السوفيتي (سباسكي).

- معركة جيتيسبيرغ (١٨٦٣) ولعبة ديب بلو - كاسباروف (١٩٩٦) النقطة المشتركة: خطورة شنّ هجوم غير مدروس وعدم التأكد من القدرة على تحقيق النصر.

في هذه المعركة الحاسمة خلال الحرب الأهلية الأمريكية، شنّ الجنرال الكونفدرالي روبرت إي لي هجومًا مباشرًا على خطوط الشماليين، لكنه قوبل بمقاومة شرسة تسببت في خسائر فادحة في الجنود.  يشبه هذا الهجوم لعبة الشطرنج بين الكمبيوتر «ديب بلو» (الجيش الشمالي) وغاري كاسباروف (الجيش الكونفدرالي) عام ١٩٩٦، حيثُ شنّ كاسباروف هجومًا مبكراً غير محسوب، فقام الكمبيوتر بصدّه وتحقيق الفوز.

كاسباروف - ديب بلو -  AI