بعد رحلة العلاج من السرطان .. رحلة النجاة من الخوف

بعد رحلة العلاج من السرطان .. رحلة النجاة من الخوف

  • ٠٤ أيلول ٢٠٢٤
  • تمارا طوق

التكيف النفسي بعد إنهاء العلاج شرط لإستعادة الإستقرار الحياتي.

إنّ الأوجاع الطبيعية قد تثير الهواجس والخوف من عودة المرض،  بالنسبة الى العديد من الناجين من السرطان ويمكن أن تؤدّي هذه المخاوف إلى ضائقة عاطفيّة وسلوكيّات غير الصحيّة.  فالتغلّب على السرطان أو إكمال رحلة العلاج يجعل العديد من الناجين يشعرون بالسعادة، إلّا أنّ شعور من الخوف غالباً ما يطرق بابهم ويولّد هاجس  تكرار الإصابة.
يقول دانييل هول، أستاذ مساعد في الطب النفسي في كليّة الطب في جامعة هارفرد: «عندما يُترَك المرضى بمفردهم للتعامل مع الأعراض الغامضة، يميلون إلى تأطير الأعراض باعتبارها تهديدًا». أمضى هول جزءًا كبيرًا من حياته المهنيّة في مساعدة المرضى على إدارة خوفهم من تكرار الإصابة بالسرطان من خلال أبحاثه وممارسته السريريّة،  وذلك بواسطة قيادته لتجربة سريريّة حديثة درست فعاليّة تدخّلات العقل والجسد المحدّدة في هذا الموضوع تحديداً.
وبفضل إجراء دراسات على الأشخاص الذين يرتابون دائماً أن تشخص أعراضهم المرضية بأنّها السرطان، تمكّن هول من دراسة الخوف من تكرار الإصابة وفهم التقنيّات السريريّة التي تعمل بشكل أفضل لإدارتها. بالإضافة إلى ذلك، تمكّنت الدراسات من فحص الخوف من تكرار الإصابة من خلال  مجموعات أخرى من المرضى الذين يعيشون في حالة من عدم اليقين المرتبط بالمرض، بما في ذلك المرضى الذين يعانون من إلتهاب الدماغ، والنخاع الشوكي، ومتلازمة التعب المزمن والأمراض الروماتيزميّة. علماً بأنّ هناك نوع من الناس يعيشون في خوف  دائم من الأمراض.  سواء أكانوا ناجين أم لا. 
إنّ المعافين من المرض الخبيث يجب عليهم متابعة بعض الإرشادات الّتي من الممكن أن تساعدهم في تخطّي هذه المخاوف الطبيعيّة. 
إنّ تجربة المرض تبدأ من الفحص إلى التشخيص  وصولاً إلى العلاج  فتغيّر حياة الإنسان. ولا يتعلّق الأمر بالتشخيص فقط. بل إنّ الفحوصات هي نقطة البداية بالنسبة الى العديد من الناس. وقد اكتشف  الأطبّاء  خلال عملهم مع الناجين من السرطان والمرضى الّذين يعانون من أمراض مزمنة، الكثير من سمات الخوف  والقلق من تكرار المرض. والقلق هو إستجابة عاطفيّة واسعة النطاق لخطر حقيقي أو متصوّر، ويمكن للخوف أن يظهر إستجابة لمجموعة متنوّعة من اليوميات الحياتية.  وهو شكل من أشكال القلق، الذي يتفاقم بعد تشخيص المرض الذي يهدّد الحياة أو المزمن، خاصة بين مِن لديهم تاريخ مرضي  مشخص طبياً، ما يستدعي متابعته مع مرشد نفسي كونه لا يختفي مع مرور الوقت إذا ترك دون علاج. كما هو الحال مع أشكال القلق الأخرى، تمّ تطوير علاجات خصيصًا لمعالجة الخوف من تكرار الإصابة بالسرطان. وقد نشر فريق البحث مراجعات منهجيّة وتحليلات للعلاج النفسي والتدخّلات العقليّة والجسديّة لمواجهة الخوف من تكرار الإصابة بالسرطان. حيث ظهر أنّ الخوف من تكرار الإصابة بالسرطان قد يتطلّب نهجاً أكثر دقّة للتدّخل في علاج القلق القياسي، وأحيانا حسب الحالات، وعادة يتكوّن من أدوية مضادة للقلق أو العلاج السلوكي المعرفي.
يركز العلاج السلوكي المعرفي عادة على إعادة صياغة المخاوف غير العقلانيّة، أو العلاج بالتنشيط السلوكي. ورغم أنّ هذه الاستراتيجيّات التكيفية تستند إلى أدلة تشي الى بعض إضطرابات القلق، مثل اضطراب القلق العام واضطراب الهلع، إلّا أنّها قد تكون غير فعّالة وغير صالحة للناجين الذين يواجهون حالة من عدم اليقين المستمر.
فكيف يستطيع الإنسان معالجة الخوف من عودة السرطان؟
أولاً، التركيز على المعاينة الروتينيّة ضروري، حتى لا يظلّ الخوف من تكرار الإصابة بالسرطان دون علاج. حيث يمكن التعرّف عليه بسهولة وبسرعة. ولأنّ القلق من المعاينة الطبية الدورية شائع قبل وأثناء وبعد مراقبة السرطان، فإنّ هذا سيكون الوقت المثالي لتقييم الناجين.
وبعد ذلك يحتاج إلى مهارات تستند إلى الأدلة. فقد تبيّن أنّ التثقيف بشأن خطر تكرار الإصابة لدى المريض لا يستند إلى الأدلّة لعلاج الخوف من تكرار الإصابة، وقد يكون غير صالح. 
حيث يجب على المريض وحتّى المتعافي أوّلاً، تقبّل الخوف والمشاعر والإعتراف بأنّ هذه المشاعر طبيعيّة. حتّى وإن كان سيئاً. وهنا تبدأ رحلة الشفاء من تلك الأحاسيس السيّئة حيث يعي الناجي من المرض أنّ الخوف هو أمر طبيعي.
ثانياً، يجب التعرّف على المحفّزات، وهي أن يعي الإنسان أنّ الآلام والصداع والأوجاع هي جزء من حياتنا اليوميّة العاديّة، ولا تعني بالضرورة عودة السرطان. وأنّ  يعي أهمية تلقي  الدعم أكان من الأصدقاء أو العائلة. وأيضاً أهمية التعبير عن المشاعر، خلال العلاج وبعد إنتهائه رغم صهوبة الأمر. أمّا بما يخص الحالة الجسدية، على الفرد أن يعرف أو يتعلم كيفيّة التخلّص من التوتّر وذلك من خلال التمارين الريّاضيّة والتأمّل واليقظة الذهنيّة ما يُعرف بالـ mindfulness إضافة إلى الهوايات الترفيهية، وتقنيّات الإسترخاء وغيرها من العلاجات الفعّالة.  لا ننسى النظام الغذائي الّذي له تأثير أساسي وأوّلي في قهر المرض و تسريع عمليّة الشفاء. وكلها إجراءات تعود الى قرار يتخذه المريض للمضي قدماً. وترسيخ قناعته أنّ ما واجهه من آلام نفسية وجسدية ليس من الضروري أن تتكرر.
كل هذا لا ينفي أنّ للعائلة والأصدقاء والمعالج النفسي دوراً هاماً في عمليّة الشفاء النفسي. لكن الأمر يعود الى الناجي من المرض، ليتصرف وفق ذهنية إستراحة المحارب، فمن حارب المرض وقهره لن يصعب عليه تخطّي الصعاب بعد الشفاء منه  وأنّ «الصعب راح»، وهذه المخاوف طبيعيّة وما مضى قد مضى. فالسرطان كان جزءًا من حياتك ولن يكون الحياة كلّها.


https://www.maggies.org/cancer-support/managing-emotions/fear-cancer-returning/#:~:text=Ways%20to%20manage%20fear%20of%20cancer%20returning&text=Recognise%20and%20acknowledge%20your%20emotions,future%20appointments%20set%20emotions%20spiralling.
https://magazine.hms.harvard.edu/articles/helping-patients-cope-fear-cancer-recurrence

https://www.mdanderson.org/cancerwise/how-to-manage-the-fear-of-cancer-recurrence.h00-159617067.html

https://www.mayoclinichealthsystem.org/hometown-health/speaking-of-health/living-in-fear-cancer-recurrence