عندما فشل رياض سلامة في إخفاء بصماته عن سرقة إثنين وأربعين مليون دولار

عندما فشل رياض سلامة في إخفاء بصماته عن سرقة إثنين وأربعين مليون دولار

  • ٠٤ أيلول ٢٠٢٤
  • غادة حدّاد

أوقف أمس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد استدعائه إلى النيابة العامة التمييزية، وأصدر القاضي جمال الحجار القرار بتوقيفه لأربعة أيام على ذمة التحقيق، وخرج سلامة من جلسة الإستجواب إلى السجن. وذلك بعد أن وضع الحجار، يده على الملفات المصرفية وقرّر متابعتها والتحقيق فيها، فبدأ بملف خروج أموال من حساب المصرف لمركزي لحساب رياض سلامة.

بحسب كتاب صادر عن هيئة التحقيق الخاصة، تبيّن أنّ هناك مبلغ بقيمة 42 مليون دولار، خرجت  من «حساب الاستشارات» في مصرف لبنان، الذي يحمل رقم «260632009»، وذهبت  لحساب رياض سلامة، على أنّها بدل أتعاب محاماة، إلى حساب المحامي ميشال تويني (الملقب بميكي تويني)، ومنه على حساب المحامي مروان عيسى الخوري، إبن شقيقة رياض سلامة، ومنه إلى حساب سلامة.

وهذه العملية هي إحدى طرق تبييض الأموال والإختلاسات في ملف شركة «أوبتيموم إنفست»، من خلال أكثر من 1500 عملية وساطة لبيع سندات وشهادات إيداع مملوكة من المصرف المركزي. ظهرت هذه الأرقام في التدقيق الجنائي الذي أصدرته شركة «ألفاريز أند مارسال»، الصادر في آب 2023، والذي أجرى تدقيق في حسابات مصرف لبنان بين عاميّ 2015 و2020، بالاستناد على البيانات المالية المدقّقة لمصرف لبنان بين عاميّ 2015 و2018، من قبل شركتي Deloitte & Touche وErnst & young، والبيانات المالية لشركة KPMG، التي أجرت تدقيقاً في الميزانية العامة لعام 2019 وبيانات مصرف لبنان لعام 2020.

بحسب الاقتصادي توفيق كسبار،«الذي أجرى تحليلاً للتدقيق الجنائي، تبين له وجود تحويلات من «حساب الاستشارات» تتجاوز قيمتها 111 مليون دولار بين العامين 2015 و2020، ورفض مصرف لبنان طلب شركة «الفاريز آند مارسال» تحديد المستفيدين النهائيين من هذه التحويلات أو طبيعة المعاملات، متحججاً بقانون «السريّة المصرفية». كما تبين أنّه عام 2010، حصل أحد المصارف على قرض بالليرة اللبنانية مضمون بسندات خزينة بالليرة اللبنانية، قيمته 200 مليون دولار بفائدة صفر في المئة لمدة عامين، ثم رفعت بعد ذلك إلى 2 في المئة. وبين العامين 2014 و2016، حصل مصرفان ومؤسسة مالية على قروض مضمونة مماثلة، بما يعادل أكثر من 350 مليون دولار، وبمعدل فائدة متوسط بنسبة 2 في المئة، في حين كان متوسط الفائدة على سندات الخزينة لاجل 12 شهراً، تبلغ 5.3 في المئة في خلال الفترة الخاضعة للتدقيق. لاحقاً، أظهرت التحقيقات تورط كل من بنك عودة، بنك الموارد، بنك مصر لبنان، البنك اللبناني للتجارة، فرنسبنك، انتركونتينتال بنك، في هذه التحويلات.

وبحسب دراسة كسبار، أجرى مصرف لبنان بين العامين 2015 و2016 عمليتين على الأقل، قضتا ببيع سندات خزينة بالليرة اللبنانية إلى شركة « أوبتيموم إنفست»، وفي اللحظة نفسها أعاد المصرف شراء السندات نفسها بعلاوة إجمالية قدرها 36 مليون دولار. 

وأظهرت مراجعة «ألفاريز آند مارسال» لنفقات مصرف لبنان خلال بين عاميّ 2015 و2020، مبالغ كبيرة مدفوعة مقابل عمليات قد لا تكون مناسبة، واستخدم إسم «مورد متنوّع» لتسجيل معاملات تبلغ قيمتها نحو 331 تريليون ليرة لبنانية، أي أكثر من 150 مليون دولار.  

كما تبيّن في التدقيق أنّ المصرف نفذ عمليات استحواذ عقاري بقيمة 48.5 مليون دولار، بما فيها صفقة بيع أرض مع نقابة مهنية بمبلغ 10.5 مليون دولار مرفقة بطلب عدم إصدار فاتورة بالمبلغ، ويرجح أن يكون الدفع قد تم نقداً. كما أبرم المصرف عقداً مع شركة «فوري»، وهي شركة وساطة مالية يملكها رجا سلامة، شقيق رياض سلامة، ومسجلة في جزر العذراء البريطانية. وبين العامين 2002 و2015، تلقت «فوري» من مصرف لبنان في حساب مصرف HSBC في سويسرا بمبلغ 333 مليون دولار في شكل عمولات، بزعم أنّه لقاء «تسويق منتجات مصرف لبنان».

ودخل إلى حسابات رياض سلامة بين عاميّ 2015 و2020، ودائع بموجب شيكات بقيمة 99 مليون دولار، في حين بلغت إيصالات رواتبه في خلال الفترة نفسها نحو 1.5 مليون دولار فقط. وتمّ تحويل ما مجموعه 103 ملايين دولار من حسابات الحاكم، من ضمنها 75 مليون دولار جرى تتبعها في 23 مصرف في سويسرا وألمانيا ولوكسمبورغ والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ولبنان. 

مصادر أموال مصرف لبنان، فبحسب كسبار 45.6 مليار دولار الودائع المصرفية، و12.6 مليار دولار إصدارات اليوروبونذز، و3 مليار للفوائد المحصلة، و11.5 مليار دولار للأصول بالعملات الأجنبية، ومجموعها 72.5 مليار دولار. أما وجهتها فكانت 18.8 مليار دولار كفوائد مدفوعة، و5 مليار قروض إلى الحكومة، و4.6 مليار قروض إلى المصارف، و4.9 مليار دولار حيازة يوروبوندز، و1.7 مليار تسديد قروض، ومجموعها 35 مليار دولار. وبقي 37.5 مليار دولار لم يكشف عن وجهتها بعد. 

في محاولة لإسقاط  التهم، طلب مالكو «أوبتيموم إنفست"» الجدد (بيعت لأشخاص جدد عام 2021) من شركة «كرول»، بإجراء تدقيق محاسبة مستقل، حول العمليات التي جرت بين الشركة ومصرف لبنان بين عاميّ 2015 و2020، وتبين في التدقيق حصول 45 عملية «إعادة الشراء» خلال 6 أشهر، بين أيلول 2017 وآذار 2018، وهي عمليات أجراها المصرف مع نفسه، وكانت تجري في اليوم نفسه، على الشكل التالي:

يعرض مصرف لبنان على أوبتيموم فتح حساب لها في المصرف، ويقدّم لها مبلغ لتشتري منه سندات وتضعها بكفالة، وتبيعها بسعرٍ معين لتعود لتبيعها للمصرف بسعر معين وتعيدها إليه. وعبرها قام مصرف لبنان بعمليات توازي 8.6 مليار دولار، حصد خلالها أرباحاً بقيمة 8 مليار دولار.