ملاعب مدارس أم ساحات رعب؟

ملاعب مدارس أم ساحات رعب؟

  • ٠٦ أيلول ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

الضحايا الصغار.. فاتورة باهظة لسياسة السلاح الجمهورية


لحظات تحوّل مشهد الأولاد الذين يلعبون في ملاعب مدرستهم إلى مسرح رعب ودماء. يطلق أحدهم النار وليس بعيداً أن يكون المطلق هو مراهق، البالغ من العمر 14 عاماً وهو أصغر مطلق للنار منذ ربع قرن،  إنّ جدلية قانون تشريع السلاح في أميركا تتجدّد بعد كل حادثة إطلاق نار في أميركا، حيث يعدّ الرئيس الاميركي دولاند ترامب من أكثر الداعمين لحق  إمتلاكه، والمدعوم من «لوبي الأسلحة»، تتجدّد مع كل حادثة إطلاق نار في أميركا. 

تنتشر ظاهرة  حمل السلاح الفردي في أميركا، بشكل طبيعي مشرّع قانوناً ، وحوادث إطلاق النار في  الأماكن العامة باتت أمراً متكرراً. آخرها حادثة إطلاق النار الأخيرة التي راح ضحيتها 4 قتلى و9 مصابين قتلى ومصابين. وقعت الحادثة الأربعاء في في مدرسة بولاية جورجيا الأميركية، ومطلق النار يبلغ من العمر 14 عاماً، والمعلومات تشير أنّه طلب  المساعدة في مجال الصحة العقلية، بحسب ما روت خالته لواشنطن بوست. 
تفتح هذه الحادثة مجدّداً قضية مزدوجة بين قانون شرعية السلاح في أميركا، و السلوك العنيف لدى المراهقين. والمراهق الذي أطلق النار، في حادثة جوروجيا، هو  أصغر مطلق نار جماعي في مدرسة منذ ربع قرن.
بالعودة إلى عام 1999، شهدت الولايات المتحدة 373 حادثة إطلاق نار في المدارس. وإجمالاً، تعرّض أكثر من 344,000 شاب أمريكي للعنف المرتبط بالأسلحة النارية داخل مؤسساتهم التعليمية. تكرّرت هذه الحوادث  في أميركا كثيراً، حيث باتت أمراً طبيعياً. و تفشّي حمل السلاح في أميركا يعود إلى قرون قديمة، في بعض الولايات ، وما زال هذا قانون ساري المفعول في بعض الولايات، وهي جورجيا – هاواي – إنديانا – أيوا – ماريلاند – ماساشوستس – مينوسوتا – نيوجرسي – أوكلاهوما - رود إيلاند – تينيسي – تكساس - يوتا.
يحق حمل السلاح في الولايات المتحدة بناءً على تفسير التعديل الثاني للدستور. 
إلى ذلك، أكّدت المحكمة العليا في قضية عام 2008 (مقاطعة كولومبيا ضد هيلر) حق الفرد بامتلاك السلاح للدفاع عن النفس، لكن لم يُعتبر هذا الحق مطلقاً، إذ يُترك لكل ولاية طريقة تنظيمه. والجدير ذكره، أنّ الكونغرس شهد  تقلبات في تشريعاته حول الأسلحة، مثل قانون تنظيم السلاح بعد إغتيالات الستينات وقانون حماية حاملي السلاح، عام 1986. وحول هذه القضية تباينات  بين الجمهوريين والديمقراطيين. إذ يتلقّى الجمهوريون الدعم من جمعية البنادق الوطنية (NRA)، التي تؤثر بشكل كبير على السياسات العامة وتُعتبر شريكاً سياسياً قوياً للحزب الجمهوري. وفي خطاب ألقاه في شباط الماضي خلال المعرض الأمريكي الكبير في الهواء الطلق في هاريسبرج، بنسلفانيا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب: «أي هجوم من بايدن على أصحاب الأسلحة والمصنعين سينتهي في الأسبوع الأول من عودتي إلى المنصب، وربما في اليوم الأول». يدلّ خطاب الجمهورييون الدائم على ضرورة حمل السلاح، باعتبار أنّ الأهم هو حماية النفس وتشديد الأمن في المدارس. 
واللافت، أنّه على الصعيد العرقي يميل الأميركيون البيض الى إمتلاك الأسلحة بنسبة هي الأعلى من بين المكونات العرقية الأخرى حيث تصل الى 38% مقابل المنحدرين من أصول أفريقية (24%) واللاتينيين (20%) والآسيويين (10%)، كما يمتد الأمر الى مكان السكن حيث تنتشر الأسلحة في المناطق الريفية بنسبة 47% مقابل المدن (20%) والضواحي (30%).
من جهة أخرى، فإنّ حمل السلاح، في أميركا، هو ثقافة لها جذور تاريخية تعود إلى تأسيس البلاد. إذ، كان المستوطنون الأوائل بحاجة إلى الأسلحة لحماية أنفسهم من المخاطر المحتملة في بيئة جديدة وغير مستقرة. هذا الشعور بالإعتماد على السلاح من أجل الحماية الشخصية والنفسية استمرّ مع مرور الزمن، وتعزّز أكثر خلال الثورة الأمريكية (1775-1783) حين كان حمل السلاح أداة لمقاومة الاستعمار البريطاني.
ويبقى الأهم في هذا الجدل أهمية حفظ الأمن في المدارس، بالإشارة  إلى أنّ الباحثين في سلامة المدارس يدعمون  تشديد القيود العمرية على امتلاك الأسلحة، من 18 إلى 21 عامًا. ويعتبرون أنّ سن 18 عامًا صغير جدًا لشراء سلاح،باعتبار أنّ أدمغة المراهقين تميل إلى التصرّف الإندفاعي. ويدعم هذا الرأي أنّ مطلقي النار في حوادث مثل «باركلاند، وسانتا في، ونيوتاون، وكولومباين، ويوفالدي» جميعهم لم يتجاوزوا سن 21.
كما يدعم  هؤلاء إجراء فحص شامل للخلفيات وحظر الأسلحة الهجومية. لكن الأمر لا يتعلّق فقط بكيفية الحصول على الأسلحة بشكل قانوني؛ فقد أظهرت تقارير أنّ نصف حوادث إطلاق النار في المدارس استخدمت أسلحة كانت متاحة بسهولة في المنزل أو غير مؤمنة بشكل كافٍ. في المقابل، عام 2018، وجدت استطلاعات الرأي أنّ معظم المعلمين لا يريدون حمل الأسلحة في المدارس، ويفضلون بشكل كبير إجراءات التحكم في الأسلحة بدلاً من الخطوات الأمنية التي تهدف إلى «تشديد» أمان المدارس. 
وحتى اليوم، فإنّ المشكلة لم تنتهِ بعد.  فالإنخفاض في جرائم القتل غير متساوٍ في جميع أنحاء البلاد، وكان قد شهد  العام الماضي مقتل أو إصابة عشرات الآلاف من الأشخاص بالأسلحة النارية. 
ومن أشهر حوادث إطلاق النار في أميركا:

كارثة مدرسة باث - 1927
جامعة تاكسس تاور- 1966
مدرسة كولومبين الثانويّة- 1999
مدرسة ريك ليك الثانويّة مينيسوتا- 2005
مدرسة آلاميش في ويست نيكل ماينز - 2006
معهد فيرجينيا بوليتيكنيك- 2007
جامعة سانترال اركانسو- 2008
جامعة أويكوس – 2012
مدرسة ساندي هوك الإبتدائيّة - 2012
جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا – 2014
مدرسة ماريسفيل بيلشوك الثانوية في ولاية واشنطن – 2014
كلية أومبكو المجتمعيّة – 2015
مدرسة مارجوري ستونمان دوغلاس الثانوية بارك لاند فلوريدا – 2018
مدرسة سانتا في - 2018
أوكسفورد ميشيغان - 2021
مدرسة إبتدائيّة في أوفالدي في ولاية تكساس - 2022
الحرم الجامعي الرئيسي لجامعة نيفادا في لاس فيجاس -2023
مدرسة مسيحيّة إبتدائيّة خاصّة في ناشفيل في ولاية تيسيني - 2023
مدرسة أبالاتشي الثانويّة-

في المحصّلة، يستمرّ الجدل حول العنف المسلّح في أميركا،  حيث يشمل دور السياسات الحكومية والضغط من المجموعات المناصرة للأسلحة. في الوقت الذي يظهر فيه الإنقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين. كما أنّه تظهر نتائج الدراسات أنّ التشديد على قوانين الأسلحة وحده قد لا يكون كافياً لحل مشكلة العنف في المدارس. ويبدو أنّ المعركة من أجل حماية الأطفال وتحقيق الأمن في المدارس مستمرّة…