كريم ضاهر لـ «بيروت تايم»: رياض سلامة سيحاكم حتماً في لبنان والخارج

كريم ضاهر لـ «بيروت تايم»: رياض سلامة سيحاكم حتماً في لبنان والخارج

  • ١٣ أيلول ٢٠٢٤
  • غادة حدّاد

منذ بدء التحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتوقيفه، بدأ الحديث عن أمكانية سقوط الدعاوى في الخارج، إلا أنّ محاكمة سلامة في لبنان، لن تسقط الدعاوى في الخارج، بل ستسرعها، بحسب المحامي ورئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر.

في حديث لـ «بيروت تايم»، أوضح ضاهر أنّ القضاء الأجنبي لا يحقق إلا بالجرم المرتكب على أرضه، والداخل ضمن اختصاصه، إذ لا يحقّ لفرنسا أو لوكسمبورغ أن تحققا  في سرقة الأموال في لبنان، لكن يمكن أن تحققا في عمليات تبييض الأموال، وفي حال أثبت أنّ هذه الأموال غير مشروعة من قبل القضاء اللبناني، أي أنّ أموال «فوري» ليست أموالاً عامة، وهي أموال عائدة للمصارف، وعلى المصارف ملاحقتها، تسقط الدعاوى في الخارج. وعليه  إنّ الإجراء في لبنان يسهّل ويسّرع الإجراءات في الخارج، حتى ولم يصدر القرار القضائي اللبناني في جرم تبييض الأموال، الجرم الأساسي مثبت وفقاً للقانون 44 المادة الاولى الفقرة 9، الذي ينص على «الفساد بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة واساءة استعمال السلطة والاثراء غير المشروع»، وهذا يثبت للقضاء الأجنبي توجيه الاتهام.

يجزم ضاهر، أنّ رياض سلامة سيحاكم حتماً، في لبنان والخارج، لكن السؤال الأهم، ما هو الحكم الذي سيصدر بحقه، هل هو حكم مخفّف لأنّه سيرتكز على عناصر الجرائم الملاحق بها،  والتي تقتصر على كونها جنحة، ويضيف "«إذا كان الجرم يشمل صرف النفوذ، وإساءة إستخدام المركز، وإختلاس الأموال، في هذه الحالة، لن يتخطّى الحكم الثلاث سنوات، ويمكن أن تتراوح العقوبة من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات. ويمكن أن لا يتعدى هذا الحكم جرائم أخرى، ملازمة لهذا الجرم المسمى «جرم أساس»، لأنّه فتح الباب أمام جرائم ملازمة أخرى، ولا يمكن لمدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار والمالي علي إبراهيم غض نظر عنها. ويشيد ضاهر بخطوة رئيسة هيئة القضايا هيلانة إسكندر التي استدركت الموضوع، وقدّمت دعوى باسم الدولة اللبنانية، التي ارتكزت على ثلاثة أمور إضافية، وهي تبييض الأموال، الإثراء غير المشروع والتهرب من الضريبة».

والاختلاس الذي يتم ملاحقة سلامه به ، يخفي في طيّاته أعمال تبييض أموال، في حال أثبت الجرم عليه وصدر قرار قضائي في حقه، وما هو ملاحق به هي أموال يفترض أنّها عائدة لمصرف لبنان، وناتجة عن عمليات جرت مع المصرف، استفاد منها سلامة، ينطبق عليها التصنيف المختص بالفساد، بالقانون 175/2021 الجديد، حيث يدخل ضمن موضوع صرف النفوذ والاختلاس، لأنّ النقود عائدة للمصرف المركزي.

هو لم يودع النقود في حسابه فقط، يقول ضاهر، بل أرسلها إلى محاميين ملاحقين معه، وحوّلت لأحد المحامين كإستشارات قانونية وتبيّن أنّها ليست كذلك، والمبالغ مضخّمة، وعلى ما يبدو أنّه لم يأتِ بإثبات يوازي الإستشارات، كما أنّ المحامي عاد وحوّل الأموال أيضاً إلى محامٍ مقرّب من الحاكم (ابن شقيقته)، وفي حال اتّخذ القرار بتوقيفه وأخذ القرار بعدم إخلاء سبيله، أي أنّ العناصر الجرمية جدية، وأثبت أنّ هذه النقود عائدة للحاكم، وهذا ما يسمّى تبييض الأموال، وفقاً للقانون 44/2015، والذي عدّل قانون 318، وهو قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

هذا ما اهتمت به الجهات الأجنبية و«فاتف» عندما أشارت الى أنّ لبنان لا يتعاون في قضية تبييض الأموال. فبحسب المادة الأولى من الفقرة 9، صرف النفوذ، الفساد، إساءة إستعمال المركز، الإختلاس، هي تبييض أموال، ويجب على القاضي المدّعي أن يؤكّد أنّ هذه جناية، والتي تتراوح عقوبتها من 3 إلى 7 سنوات، وفقاً للمادة الأولى والثانية والثالثة وغرامة تصل إلى ضعفيّ المبلغ، وهنا نتحدث عن 84 مليون دولار.

حتى اليوم لم يتم توضيح إن كانت هذه العمليات تتضمن تبييض أموال، وهذا ما يثير الريبة من التحقيقات. كما أنّ مبلغ الـ 42 مليون بات في جعبة سلامة، السؤال هو هل صرّح عنها العام الماضي عندما خرج من المصرف في 31 تمور 2023، أو عندما تغيّر قانون الجديد للتصريح عن الأموال في 31 آذار 2021، لأنّه يجب أن يفسّر، إذا لم يفسّر وعمل على إخفاء المبلغ، فهذه عناصر من الإثراء غير المشروع، وهكذا يصل السجن إلى 7 سنوات.

كما أن تبييض الأموال والاثراء غير المشروع، تعطي القدرة، وفقاً للقانونين 44/2015 و189/2021، للدولة اللبنانية أن تسترد الأموال غير المشروعة، في حال اثبت أنّ هذه الأموال تدخل في عملية أكبر، من «فوري» و«أوبتيموم»، ويتم وصل هذه العمليات ببعضها وتثبيت الجرم الاساس وهو إختلاس وصرف النفوذ وتجاوز حد السلطة، فالعناصر الجرمية مكتملة، ويجب التوجّه نحو الهدف.

الهدف ليس تعليق مشانق، يقول ضاهر، بل الهدفان الأساسيان، الاول وطني، وهو كيفية الإنتقال من حالة عدم المحاسبة والإفلات من العقاب، والانطلاق الى دولة جديدة وحوكمة رشيدة، وردع أي مسؤول جديد من ممارسة ارتكابات كي لا يصل إلى مصير سلامة، والهدف الثاني يتعلّق  بالمودعين الفئة المتضرّرة من أعمال سلامة، والتعويض عليهم خسائرهم، عبر إعادة تكوين ودائعهم، وعبر أعادة ما سرق من الودائع.

يدعو ضاهر إلى الذهاب في التحقيق إلى الآخر، وضم كل الملفات، وتثبيت الجرم الأساس، وهو تبييض الأموال، بما يسمح بتثبيته في الخارج، وكل الأموال المحجوزة للحاكم واتباعه وأقربائه، وتبين في الخارج بأنّها ناتجة عن تحويلات دخلت حسابات «فوري» وغيرها والتي سمحت بشراء كل هذه العقارات، تطلب الدولة اللبنانية رسمياً، بصفة الإدعاء الشخصي، ووفقاً للفصل الخامس من معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد  UNCA، التعاون القضائي واسترداد هذه الأموال. قوانين بعض الدول تسهّل وتسرّع هذه العملية وفقً لشروط، معينة،  لقد صدر قانون في فرنسا عام 2021، يفرض على الدول شرطاً يقضي بأن  يستخدم المبلغ المسترد لمكافحة الفقر، أو التنمية المستدامة، أو للتعويض على المتضررين من الفساد. وعلى الدولة اللبنانية في هذه الدولة اللبنانية إثبات أنّ هذه المبالغ تضرر منها المودعين، فتستردها وتخصص للمودعين.

واذا تمّ التحقيق مع متورطين آخرين بالعمليات، إذ يمكن لمدّعي العام المالي تحويل الملف إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لتقوم بالتدقيق اللازم لمعرفة اذا كانت هناك أعمال فساد، ومنها يتحول الملف إلى القضاء، لملاحقة هؤلاء الأشخاص. ويمكن العودة إلى عام 1991، حيث قانون الاثراء غير المشروع لم يعُد يغطي هذه الاعمال إذ يسقط مرور الزمن في هذه الحالة.