تهريب البشر بـ 10 دولارات: الحدود اللبنانية - السورية مفتوحة
تهريب البشر بـ 10 دولارات: الحدود اللبنانية - السورية مفتوحة
هبطت تكلفة التهريب على الحدود اللبنانية السورية إلى 10 دولارات نتيجة لتساهل الإجراءات الأمنية، مما يُسهّل عبور الأفراد والبضائع
هبطت تكلفة التهريب على الحدود اللبنانية السورية إلى 10 دولارات نتيجة لتساهل الإجراءات الأمنية ودخول مهربين جدد، مما يُسهّل حركة الأفراد والبضائع
يشهد الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا إنفلاتًا أمنيًا غير مسبوق، تجلّى في انخفاض تكلفة تهريب الأشخاص عبر المعابر غير الشرعية إلى مستويات قياسية، حيث بات بالإمكان عبور الحدود عبر المعابر غير الشرعية بتكلفة 10 دولارات فقط. هذا الإنفلات يعود إلى التساهل من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، لاسيما الأمن العام والجيش اللبناني، بذريعة تسهيل عودة العدد الأكبر من اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وما زالت النقاط الحدودية من الجانب السوري تشهد ضعفًا في تواجد الأمن السوري وانعدام شبه تام للرقابة، ما فتح الباب أمام حركة تنقل شبه حرّة للأفراد والبضائع بين البلدين.
وفي جولة لـ«بيروت تايم» على معابر غير شرعية في شمال لبنان، تبيّن أن ّكلفة تهريب الأشخاص عبر أحد المعابر غير الشرعية قرب منطقة العريضة شمال لبنان إنخفضت إلى 10 دولارات فقط، مع إمكانية دفع 5 دولارات إضافية مقابل خدمة «الحمّال» لنقل العابر على الأكتاف لتجنّب السير في مياه النهر الموحلة الفاصلة بين البلدين.
«في السابق، كانت حركة التهريب مُحكمة بشكل أكبر، حيث كانت محصورة عن طريق النهر بعدد محدود من المهربين الذين يحظون برضى عناصر الجيش السوري المتواجدين عند المعابر غير الشرعية»، بحسب شهادة محمود (اسم مستعار)، أحد المهربين القدامى، «كانوا يطلقون النار على أي أحد يقترب من الحدود إذا لم يكن يتعامل معهم». هذا الوضع جعل تسعيرة التهريب تتخطى المئة دولار في الإتجاهين عن طريق النهر، وجعل العبور غير الشرعي مستحيلاً عن طريق المعبر الشرعي عند نقطة العريضة. أما اليوم، فقد تغيّر الوضع بشكل كبير. يشير محمود إلى وجود تساهل من قبل الأمن العام اللبناني، موضحًا،«هم لا يريدون إثارة مشاكل مع أبناء المنطقة ونحن لا نبخل على العناصر بما يطلبون». نتيجة لذلك، إنخفضت كلفة الدخول باتجاه سوريا إلى ما بين 50 و100 دولار، بينما تبلغ كلفة الدخول باتجاه لبنان حوالي 150 دولارًا. ويتم ذلك على مرأى من عناصر الأمن العام المتواجدين على الحدود، على قاعدة المثل «طعمي التم بتستحي العين» بحسب تعبير المهرب. هذا الوضع الجديد يضمن عبورًا آمنًا «بلا بهدلة النهر الموحل ودون أي خطر أن يتعرّض أي شخص للعابر».
ساهم انسحاب عناصر الجيش السوري من الجهة المقابلة للنهر في تسهيل حركة التهريب ودخول«مهربين جدد» إليها. يُؤكّد حسام، أحد العاملين حديثًا في التهريب عبر النهر، أنّ هذا الإنسحاب فتح الحدود على مصراعيها، وخلق فرصة لأبناء المنطقة للإستفادة من كل عابر عبر الحدود غير الشرعية. يقول حسام: «نحنا عم نخدم العالم وفي ناس ما مناخد منها أكتر من 10 دولارات، وإذا حملناهم ع كتافنا ت ما يمشوا بالنهر الموحّل مناخد خمسة دولارات زيادة مش أكثر».
وبالرغم من أنّ الدخول والخروج من لبنان إلى سوريا متاح عبر الحدود الرسمية، ولكنها مقتصرة على معبر المصنع الحدودي بالنسبة للبنانيين الراغبين بدخول سوريا والسوريين الراغبين بدخول لبنان (مع مزيد من التضييق من جانب الأمن العام على دخول السوريين إلى لبنان)، وبالنسبة للمعابر الرسمية الأخرى، فهي صالحة للعبور سيرًا على الأقدام بعدما تضررت بفعل الإعتداء الإسرائيلي المتكرّر عليها، وهي متاحة فقط للسوريين الراغبين في العودة إلى سوريا واللبنانيين الراغبين في العودة إلى لبنان. هذا الوضع دفع العديد من السوريين، خاصةً أولئك الذين لا يملكون إقامة في لبنان أو يخشون منعهم من العودة إليه، بالإضافة إلى بعض اللبنانيين، إلى اللجوء للمعابر غير الشرعية.
وتختلف تسعيرة التهريب بين المناطق الحدودية، ففي منطقة وادي خالد، تبدأ التكلفة من 50 دولارًا للبنانيين و10 دولارات للسوريين، مع إمكانية وصولهم إلى مدينة حمص السورية، وترتفع هذه التكاليف لتصل إلى 100 دولار إذا كان الدخول باتجاه لبنان. أما المعابر غير الشرعية في جرود الهرمل، التي تؤدي أيضًا إلى حمص، فتُعتبر الأخطر أمنيًا والأعلى تكلفة، حيث يبلغ متوسطها 150 دولارًا.
وقد انعكس هذا الإنفلات الحدودي على حركة تهريب البضائع أيضًا، فبعد أن كانت محصورة بفئة قليلة من المقربين من النظام السابق، تشهد المدن السورية اليوم انتشارًا واسعًا للبضائع المهربة، وخاصةً الوقود (بنزين ومازوت وغاز) القادم من لبنان وتركيا.