«فيكشن» - رابطة عملاء النظام السوري
«فيكشن» - رابطة عملاء النظام السوري
فليلملم عملاء النظام السوري أوراقهم. حان موعد تأسيس رابطة لهم.
على نسق كبار السن الذين لم يعودوا يجدون شيئاً لفعله، هذه دعوة قلبية لعملاء النظام السوري في لبنان لتأسيس رابطة خاصة ينشطون من خلالها، على أن يكون مقرها مدينة عنجر البقاعية، وتتم رئاستها بالمداورة بين المذاهب.
إلى حضرات النواب الحاليين والنواب السابقين ورؤساء الأحزاب والإعلاميين، تحية وبعد؛
يمكن للنائب جهاد الصمد أن يوكل أحد معاونيه «الضناويين» للتوجه إلى مديرية الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية اللبنانية. فليدخل المعاون ومعه الأوراق المطلوبة لتأسيس رابطة تضم الصمد وصحبه: إيلي الفرزلي، أسعد حردان، وعلي حجازي وغيرهم. ليس الأمر صعباً، فالأوراق المطلوبة قليلة، بينما الحنين إلى الزمن الماضي كبير.
إنتهى ذلك الزمن الذي كانت تأمر فيه القرداحة نواب الأمة وبعض سياسييها. ترك بشار الأسد عملاءه في لبنان، ولم يُخطرهم حتى بأنّه قد ترك البلد وهرول هارباً إلى العاصمة الروسية. لقد باتت الحياة صعبة لمن اعتاد الركون إلى القيادة السورية في كل شاردة وواردة، وأصبح عليه اليوم أن يبحث عن «رب عمل» جديد. خُذ النائب فيصل كرامي مثالاً حياً على نقل البندقية من كتف إلى آخر، حيث جلس على طاولة المعارضة قبل انتخاب الرئيس جوزاف عون، فبدا كنقطة زيت في كوب ماء. لقد بدا، طوال الشهر الماضي، كمن يستجدي عطف السعودية والتفاتها إليه لا أكثر.
بداية، فليُدمج حزب «البعث العربي الإشتراكي» الذي يرأسه علي حجازي بفرع الحزب «السوري القومي الإجتماعي» الذي يرأسه أسعد حردان. ليتناسوا الخلافات العقائدية قليلاً ويترفعوا عنها، وليطبقوا تلك المقولة الشهيرة: «عندما يقترب الإنسان من الحضيض ينسى مبادئه». ليس الوقت الآن للدخول في نقاشات حول نظرية «القيمومة» عند أنطون سعادة، ولا التقاتل حول من قتل الضابط السوري عدنان المالكي. عدد أنصار الرجلين ليس قليلاً حتى وإن كانوا محدودي الأثر، ولينضموا إلى فلول الإقطاع الماروني الذي يمثله مسؤولو «المردة» في تيار فرنجية. وللحق، يُطرح السؤال التالي: ما غاية تيار مثل تيار«المردة» ومبرر بقائه حقاً؟ ما الفكر العميق الذي قام عليه أو أرساه؟ ما الحداثي والجديد الذي سوّق له؟ ما نجاحاته الحقيقية سوى تعزيز المشاعر المناطقية والزبائنية والإقطاعية في نواحٍ صغيرة من شمال لبنان؟ توليفة جديدة ضمن إطار رابطة وطنية كبيرة قد تكون أفضل لمستقبله.
وكما لكل رابطة متحدث، يمكن لإيلي الفرزلي أن يلعب هذا الدور. فليتسلم المكتب الإعلامي في «رابطة عملاء النظام السوري»، على أن يكون نائبه ناصر قنديل. يليق به هذا المقام، فهو متحدث لبق، يخفي سوء نيته وحسنها، على السواء، وراء كلماته المنمقة والعربية الفصيحة. يذكِّر الرجل بمطالعات المحامين الأقحاح، شعراء المنابر وأدباء النهضة العربية، الذين يخبئون عجزهم الحقيقي بستار من الكلمات الصعبة، لكن حين «تغربل» ما يقولونه، تكتشف أن ما قيل «فوفاش» ولا يُصرف بأي مكان.
في الرابطة دم جديد وآخر قديم. رابطة تضم أجيالاً متنوعة، وتسلم مشعل العمالة من جيل إلى آخر. طوني فرنجية شاب، وهو قادر على إستقطاب الشباب أمثال الياس المر، وكل شاب أسمته أمه «باسل»، «حافظ» أو «بشار» في لبنان. لإضفاء طابع شبابي على الرابطة، يمكن تأسيس لجنة شبابية بإشرافه، تستهدف إستقطاب الشباب عبر تنظيم نشاطات رياضية وثقافية تحمل طابعاً وحدوياً. ربما يتم تنظيم سباق ماراتون تحت شعار «من عنجر إلى القرداحة»، أو تنظيم ندوات فكرية تستعاد فيها أمجاد ما يسمى «الزمن الجميل»، كما توزيع رخص حمل سلاح و«فوميه» داكن للسيارات.
أما الرعيل القديم، فيمكنه إجتذاب شخصيات مثل النائب جميل السيد ومصطفى حمدان. صحيح أنّ هؤلاء لديهم سجل حافل من الممارسات، لكن كل «رابطة» بحاجة إلى قبضاياتها لتكون على قدر القيمة والأهداف التي وضعتها لنفسها.
أما أهداف الجمعية فهي تعزيز الحنين إلى الزمن الماضي والتوحّد حول رؤية مستقبلية واحدة. لسنا مضطرين، نحن اللبنانيين، إلى التخمين بالمفرق من هو عميل للنظام السوري وما مدى عمالته، بل واجبهم التجمّع في رابطة واحدة لندل عليهم بالأصبع بشكل جماعي. وقتنا أغلى وأهم من تنوّعهم وتفرّقهم.
وكما لكل رابطة أصول مالية ومادية، يمكن للأعضاء المساهمة في شراء أحد مراكز المخابرات السورية التي كانت في لبنان. عمل الرابطة يكون بتحويل المكان إلى متحف يضم أسماء من عُذبوا وقُتلوا هناك، كما أدوات التعذيب المستخدمة. يمكن ترك كتابات عناصر الجيش السوري التي كانوا يخطونها على جدران مراكز المخابرات، وإضافة أسماء للائحة العار تضم الأعضاء الرسميين في الرابطة.
يمكن للرابطة أن يكون لها عيد خاص أيضاً. السادس من تشرين الأول، عيد ميلاد حافظ الأسد، أو 11 أيلول، عيد ميلاد إبنه بشار، خيارات متاحة. يمكن للرابطة أن تختار بينهما، لكن طقوس الإحتفال بالعيد يمكن أن تكون نفسها: شراء أحذية بالية ووضعها على رقاب بعضهم البعض وشرب الشامبانيا ونخب آل الأسد واحتلال لبنان.
ومع ازدياد عدد المنتسبين، لا بدّ من تأسيس لجنة تنظيمية داخل الرابطة. يمكن لهذه اللجنة أن تضم وجوهاً خبيرة في التنسيق بين الميليشيات والأحزاب والمذاهب، مثل وئام وهاب، وهو شخص مناسب لضبط إيقاع الرابطة وضمان انسجامها الداخلي. أما العلاقات الخارجية، فلا بدّ من توكيل شخص مثل عبد الرحيم مراد، الذي يتمتع بصلات قوية مع القوى الإقليمية والدولية. بإمكانه أن يؤمن الدعم المالي واللوجستي للرابطة، مستفيداً من خبرته السابقة في مد الجسور مع الأنظمة المتغيرة، كما تأمين تذاكر سفر لزيارة الأسد في روسيا بين الحين والآخر.
وبالطبع، لا تكتمل الرابطة دون شعار رسمي يُلخص أهدافها ورؤيتها. قد يكون الشعار: «وفاءً للماضي»، مع تصميم شعار يحمل صورة خريطة لبنان متداخلة مع صورة قصر المهاجرين وشعار «البعث». كما على الرابطة أن تضع برنامج عمل واضحاً يشمل تنظيم مؤتمرات دورية في عنجر، ورحلات ترفيهية إلى صيدنايا، وتقديم منح دراسية للطلاب الراغبين في دراسة العلوم السياسية في جامعة دمشق. هكذا تضمن الرابطة إستمرارية تأثيرها وانتقال إرثها من جيل إلى آخر، إرث الذين لا يستحون ولا يتوبون، أو يعتزلون السياسة والشأن العام.