قانون الهجرة الفرنسي الجديد أكثر تشدداً .. الترحيل وسحب الجنسية خيار وارد

قانون الهجرة الفرنسي الجديد أكثر تشدداً .. الترحيل وسحب الجنسية خيار وارد

  • ١٥ كانون الثاني ٢٠٢٤
  • سمايا جابر

أقر البرلمان الفرنسي في 19 -12-2023، بغالبية أعضائه، قانوناً جديداً ينظم حركة الهجرة في البلاد، في تعديلات أكثر تشدداً من القوانين السابقة، تتناول التنظيم الإستثنائي للعمال غير المسجلين في المهن وتدابير بشأن الاندماج والإقامة وطالبي اللجوء وتسهيل الإبعاد وسحب الجنسية في حال إرتكاب أعمال جرمية... ماذا جاء في القانون ؟ وما هو تأثيره على اللبنانيين المقيمين في فرنسا؟ وهل بات السفر إلى فرنسا متعلق بكفالة مالية مرتفعة؟

أقرّ البرلمان الفرنسي قانوناً جديداً للهجرة، أثار موجة من الإنقسام السياسي في فرنسا، ودفع بوزير الصحة الفرنسي أورليان روسو للإستقالة من منصبه.

القانون الذي صوّت عليه 349 نائباً في البرلمان،  معظمهم من الأغلبية الحاكمة وأحزاب اليمين وعارضه 186 آخرون، أتى وفق ما أكده وزير الداخلية جيرالد دارمانان في تغريدة عبر منصة «إكس»، أنّ القانون تحقق «بعد معركة طويلة من أجل دمج أفضل للأجانب وطرد الذين يرتكبون أعمالًا إجرامية» وتواصل الجدل بعد التصويت حول كيفية التحالفات.

 

 

 

قانون الهجرة الجديد الذي يتكون من حوالي 100 مادة، يأتي وفق ما أكده المحامي في محكمة باريس ومحكمة الجنايات الدولية إيلي حاتم، في حديث لـ بيروت تايم، في إطار مساعٍ تقودها الحكومة الفرنسية لإنهاء العبء الذي يشكله المهاجرون غير الشرعيين على الدولة، وصعوبة إندماجهم في المجتمع الفرنسي. ووفق حاتم أنّ إشتداد الأزمة الاقتصادية في فرنسا دفع الحكومة الى إعادة النظر في قانون الهجرة للحد من التكاليف المادية التي تتكبّدها على نظام الضمان الإجتماعي الذي يستفيد منه المهاجرون غير الشرعيين. على هذا، من أبرز ما  نصّ عليه القانون الجديد منح المهاجرين غير العاملين دعم الإيجار بعد 5 سنوات من وصولهم إلى فرنسا، بينما يُمنح العاملين منهم دعماً للإيجار بعد 3 أشهر.

بموازاة ذلك، سيتمكن الأجانب العاملون على الأراضي الفرنسية من الحصول على المزايا العائلية بعد 30 شهرًا من وصولهم إلى البلاد، فيما سيتمكن الأجانب العاطلين عن العمل من الحصول على هذه المزايا بعد 5 سنوات من إقامتهم في فرنسا.

أحد البنود الأكثر تشدداً تتعلق بسحب الجنسية ممن يرتكبون جرائم عدة. هذه النقطة الخلافية، شرحها المحامي إيلي حاتم في حديثه لـ بيروت تايم، حيث أوضح أنّ «القانون الجديد يسمح للمحاكم بسحب الجنسية من أي شخص أجنبي أو فرنسي متعدّد الجنسيات، في حال إرتكابه جريمة القتل أو التعدي على شرطي أو جندي أو موظف حكومي. كذلك يمكن للقضاء الفرنسي أن يرحّل، وبشكل فوري، أي أجنبي يقوم بجريمة قتل، أو يرتكب جرائم متتالية مثل السطو والإعتداء المتكرّر على فرنسيين أو أجانب مقيمين في البلاد».

ومن الطبيعي أن يثير القانون إهتمام اللبنانيين، ففرنسا أحد الوجهات الرئيسية للطلاب اللبنانيين، وهدف يضعونه للحصول على جنسية ثانية تسهّل عليهم ظروف الحياة نتيجة عدم الإستقرار في بلادهم. لذلك البند الأبرز من قانون الهجرة الجديد  الذي خلق ردود أفعال متباينة فيما بينهم، وفق ما أكده الصحافي اللبناني المقيم في فرنسا حسن مراد، في حديث لـ«بيروت تايم»، هو أنّ «قانون الهجرة السابق كان يتطلب من المغترب الإقامة في فرنسا لمدة 5 سنوات كي يحصل على الجنسية، وقد تخفّض هذه المدة إلى 3 سنوات في حال كان طالب الجنسية حاصلاً على شهادة جامعية من إحدى جامعات فرنسا. أما في القانون الحالي، يتعين على الأجنبي الإقامة في فرنسا 10 سنوات كي يحصل على الجنسية، أما بالنسبة للطلاب هل ستخفّض الحكومة الفرنسية مهلة الحصول على جنسية لحاملي الشهادات حتى ثلاث سنوات أم أنّهم سينتظرون 7 سنوات! أم أنّ السنوات العشر هي قاعدة حاسمة تسري على الجميع! أسئلة لا تحمل حتى الآن إجابات رسمية واضحة حتى الآن»، وفق مراد. 

 

ردود أفعال اللبنانيين حول قانون الهجرة حملت بحسب مراد تباينات وآراء عدة، ففي وقت إعتبر البعض أنّ القانون متشدد بشكل غير متوقع، خاصة بعد قرار إيقاف الضمان الاجتماعي للمقيمين غير الشرعيين. أيّد البعض الآخر هذا القانون، على إعتبار أنّ موارد فرنسا تُستنزف، بالتالي فإن حصول أي فرد على المساعدة الاجتماعية مرتبط  بإنتاجيته، وفق ما أكده مراد في حديث لـ بيروت تايم.

تأثير القانون على اللبنانيين المقيمين في فرنسا محدود، بحسب مراد، فمعظمهم لا يلجأون إلى باريس هرباً من واقع إقتصادي بائس، بالتالي لا يهاجرون طمعاً بالإستفادة من المساعدات الاجتماعية، بل رغبةً بالعلم والعمل، ولكن رغم ذلك، قد يواجه المغتربون في فرنسا عوائق تتعلق بالدراسة ولمّ شمل العائلة.

السلطات الفرنسية باتت في القانون الحالي أكثر تشدداً في إتمام إجراءات لم شمل العائلة، حيث ستزيد فترة الإنتظار حتى يتمكن الأجنبي من تقديم طلب إحضار عائلته إلى البلاد، مشترطة إضافة إلى ذلك أن يكون لدى مقدم الطلب موارد مستقرة ومنتظمة وكافية. أما في حالة الزواج، فعلى الشريك أن يبلغ من العمر 21 عاماً وما فوق، بينما كان سن الـ18 عاماً حداً أدنى لإحضار الشريك إلى فرنسا في القانون السابق.

أما فيما يتعلق بالدراسة في فرنسا، يشترط القانون الجديد، على الراغبين بالدراسة في جامعات فرنسية أن يدفعوا  كفالة عودة  وفق الصحافي حسن مراد، تتيح للسلطات الفرنسية إستخدام هذا المال لترحيل الطلاب إلى بلادهم بعد إنتهاء المرحلة الجامعية. و في حال حوّل المغترب إقامته من إقامة دراسة إلى إقامة عمل يمكن أن يسترد الكفالة.

المقلق في هذا البند وفق مراد، يتمثل بأن قيمة هذه الكفالة لم يتم تحديدها بعد. وبالرغم من أنّ رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن قالت إن ّالكفالة يمكن أن تكون بين 10 و15 يورو، إلّا أنّها قارنت بحسب مراد بين بلادها وألمانيا التي تلزم الطالب الأجنبي بتجميد 11 ألف يورو كي يتمكن من الدراسة على أراضيها. من هنا، يرى الصحافي اللبناني أنّ تأثّر فرنسا السياسي والإقتصادي بألمانيا، يمكن أن يؤدي لاحقاً إلى رفع هذا المبلغ ليوازي ذلك المعتمد في برلين.

وللجالية اللبنانية مواقف متباينة تتماهى مع التيارات السياسية في فرنسا، فمؤيدي هذا التوجه من اللبنانيين، لن يروا في قانون الهجرة الفرنسي وفق الصحافي حسن مراد، إلا سبباً يعزّز قناعاتهم السياسية والخيارات الإقتصادية التي تبنوها في دعمهم لليمين. بينما سيرى مؤيدو اليسار في هذا القرار عاملاً إضافياً يمنعهم من التصويت لهم في أي انتخابات مقبلة.