قصّة إحتياطي الذهب.. ما لها وما عليها
قصّة إحتياطي الذهب.. ما لها وما عليها
وصل إحتياطي الذهب في لبنان إلى 286.83 طناً عام 2023، بحسب تقرير «أنماط الطلب على الذهب» الصادر عن مجلس الذهب العالمي، ليصل إلى المرتبة 19 في العالم، والثانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يُعتبر الذهب أساسياً في إحتياطات المصارف المركزية نظراً لندرته النسبية. ويشكل عاملاً رئيسياً في التسعير ويتأثر بعوامل تساهم في قيمته الثابتة أكثر من العرض والطلب. يبحث المستثمرون عن الذهب كوسيلة لتنويع محفظتهم الإستثمارية وحماية أصولهم من إضطرابات السوق. كما أنّ الخصائص الكيميائية الفريدة لهذا المعدن النبيل تزيد من قيمته، ومقاومته للتآكل تجعله سلعة مطلوبة، فلا يفقد بريقه أو يتحلّل عند ملامسته للعناصر الأخرى، ويحتفظ بنفس البريق والجودة على مرّ القرون.
يبلغ إحتياط لبنان 286.83 طناً، بنسبة 54.45% من إحتياطات المصرف المركزي، بحسب التقرير الأسبوعي لبنك الإعتماد اللبناني. في الثاني من كانون الأول 2019، قال نائب حاكم مصرف لبنان الثالث سليم شاهين خلال جلسة مشتركة للجان النيابية، أنّ المصرف في خضم تعداد الذهب، إذ يعود تاريخ آخر إحصاء للذهب لعام 1996.
بحسب دراسة لحركة مواطنون ومواطنات في دولة، تبيّن أنّ لبنان يمتلك 286.6 طناً من الذهب، ما يعادل 10.116.572 أونصة بقيمة 13 مليار دولار (وفقاً لسعر أونصة الذهب في السوق). تروي الدراسة تاريخ الذهب في لبنان. بدأ لبنان بإمتلاك الذهب للمرة الأولى عام 1948، بـ 1.5 طن، بعد إنضمامه إلى صندوق النقد الدولي عام 1947، والإعتراف بالليرة اللبنانية كعملة مستقلّة، وقد حُدّدت قيمتها يومها بـ 0.455 ملغ من الذهب، وسعر صرفها تجاه الدولار بـ 2.20 ليرة.
عملت الحكومات المتعاقبة على شراء الذهب، خاصة بعد إصدار قانون النقد والتسليف عام 1949، الذي حدّد شروط إصدار العملة، أن تكون نصف قيمة النقد المتداول مغطّاة بالذهب والعملات الصعبة، و50% منه بأوراق حكوميّة مختلفة، ورفعت نسبة تغطية العملة بالذهب من 10 في المئة إلى 30 في المئة بين عاميّ 1949 و1952، مما انعكس إرتفاعاً لعمليّات شراء الذهب، وتجاوز معدّل التغطية الذهبية للنقد المتداول المعدّل المُحدّد قانوناً وبلغ نحو 90% في عام 1954.
لم يتوقّف شراء الذهب إلّا في عام 1971 حين وصل المخزون إلى 286.5 طناً، أي بعد قرار الولايات المتحدة بفكّ إرتباط كلّ العملات بالذهب، وربطها بالدولار، بفعل إتفاقية «بريتون وودز». يومها صدر قرار عن المصرف المركزي قضى باعتماد سعر صرف متحرّك لليرة، وبقي ساري المفعول حتى عام 1999، حين ثُبت سعر صرف الدولار بـ 1507.5. عام 1986، صدر القانون رقم 42 يمنع بموجبه التصرّف بالذهب لدى مصرف لبنان أو لحسابه، مهما كانت طبيعة هذا التصرّف، بهدف حماية الذهب ومنع وضع اليد عليه.
أتى القانون نتيجة الإنهيار الإقتصادي في لبنان، أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حين قام حاكم مصرف لبنان السابق إدمون نعيم، بإنفاق من إحتياطي العملات الأجنبية الذي تكوّن قبل الحرب، «لوقف إنهيار الليرة ومواجهة المضاربات ودفع رواتب موظّفي الدولة، فضلاً عن تسديد قيمة صفقة طائرات البوما التي أبرمها الجميّل نقداً»، مما أدّى إلى إستنزاف قرابة الـ 560 مليون دولار من إحتياطي العملات الأجنبية، وطرح نعيم فكرة بيع الذهب، لكن السياسيين رفضوا هذا الطرح، وبدأت تظهر مخاوف من تسييل الذهب، مما دفع رئيس مجلس النواب السابق، حسين الحسيني الى ترؤس لجنة برلمانية، وأصدار القانون 42.
وقد بلغ الطلب على الذهب في العالم 4,898.8 طن خلال عام 2023، مسجلاً أعلى مستوياته عالمياً، بعد أن وصل إلى 4,751.9 طن عام 2022، فيما طلبات المصارف المركزية على الذهب تخطت عتبة الـ 1000 طن للعام الثاني على التوالي، حيث وصلت مشتريات المصارف المركزية للذهب إلى 1,037.4 طن عام 2023، مقارنةً بعام 2022 حيث بلغت 1,081.9 طن.
وتخطت عمليات شراء المصارف المركزيّة للذهب منذ عام 2010، الـ 7,800 طن لغاية، علماً أنّ أكثر من 25 في المئة من هذه المشتريات تمّت بين عاميّ 2022 و2023.