تأشيرات موسمية.. مستخفون بنا أليس كذلك؟
تأشيرات موسمية.. مستخفون بنا أليس كذلك؟
«المعروف عن اللبنانيين في مختلف أرجاء العالم أنّهم أصحاب تصميم وقدرة على التحمّل والمضي قدماً».
في ظلّ هذه الصحوة الخطابية الصوتية المفاجئة على خطر النزوح السوري على لبنان، وفي ظلّ الفراغ الرئاسي والحكومي والنيابي، وفي ظلّ الإنهيار المالي والإقتصادي وإثر دعوة السيّد حسن نصرالله الى فتح المعابر البحريّة أمام النازحين، بعد أن وضع في جيبه مفاتيح المعابر البريّة الشرعية منها وغير الشرعية، في ظلّ كلّ هذه التعقيدات والمخاطر والتوصيات النيابية الإنشائية المتناقضة وغير الملزمة، أطلّ علينا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إثر زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية معلناً عن هبة أوروبية بقيمة مليار يورو، هبة مفخخة وغير واضحة الشروط، وقد رأت غالبية اللبنانيين في هذا الإعلان تآمراً سورياً وأوروبياً على لبنان عبر تأجير البلاد للنازحين بمدنها وقراها ومؤسساتها وبيوتها وأحيائها ومدارسها ومستشفياتها وحقولها حتى سجونها، هؤلاء النازحون الذين تجاوزت أعدادهم المليوني نازح أي ما يشكل نسبة ٤٤٪ من مجموع السكان اللبنانيين، كما رأوا في هذه الهبة رشوة بخسة من أوروبا لإبعاد النازحين عن حدود بلدانها. فهل ضعف ميقاتي أمام المليار علماً أنّه من أصحاب المليارات؟
لقد اعتقدنا للوهلة الأولى بأنّ الرئيس ميقاتي هو في صدد الإعلان عن خطة تحدّ من الهجرة، هجرة الكفاءات والنخب الى الخارج أو في صدد الإعلان عن خطة للنهوض الإقتصادي والإصلاح المالي بعدما أضحى معظم اللبنانيين تحت خطّ الفقر، كما اعتقدنا بأنّ الرئيس ميقاتي هو في صدد الإعلان عن حلّ لقضية المودعين بعد أن تمّت سرقة جنى أعمارهم ومستقبل أولادهم على أيدي الطغمة الحاكمة، كما اعتقدنا بأنّه في صدد وضع خطّة لإستعادة بنات وأبناء لبنان الذين تركوا بلادهم يأساً وقرفاً من السياسة وأهلها بعد أن دقّ العوز مخادعهم.
وهكذا وبفضل الطبقة السياسية في لبنان،بفضل جشعها وخوفها وترددها تركت لبنان أعداد كبيرة من النخب الفكرية والأدبية والفنية والعلمية والجامعية والحقوقية، ومن كلّ الذين لم يعودوا يجدون مكاناً لهم في هذه البلاد طيلة أربعة عشر عاماً من الشعبوية والنكايات والمزايدات وطمر الرؤوس في الرمال والمراهنة على إستغلال النزوح في السياسة وفي الغلبة المذهبية.
ألم يقرأ الرئيس ميقاتي وسياسيو لبنان والمتحكمون به والمستقوون على اللبنانيين ما جاء في تقرير «د.طوني وير»، و«د.كريستين كرمرين» الخبيرين في القيادة، تحت عنوان،«أهم صادرات لبنان: القيادة» منذ سنوات قليلة (نشر في مجلة هارفرد للأعمال).
ومما جاء فيه: «يمكن للبنان أن يصبح مشهوراً في إنتاج قادة عالميين.. لبنان قد تميّز تاريخياً بتصديره لمغامرين من رجال ونساء أعمال وأصحاب مهارات.. والكثير من الطاقات تذهب سدىً في لبنان نتيجة ممارسات مزمنة من الإدارة المحدودة النظر، والإدارة المحدودة النظر تحتجز الناس وتبقيهم محدودين، والمعروف عن اللبنانيين في مختلف أرجاء العالم أنّهم أصحاب تصميم وقدرة على التحمّل والمضي قدماً».