أهالي كفرعبيدا يحاولون إستعادة شاطئهم

أهالي كفرعبيدا يحاولون إستعادة شاطئهم

  • ١٠ حزيران ٢٠٢٤
  • غادة حدّاد

«السنسول لكل الناس، والشعب صاحب ملك»

صباح الاحد، توجه عشرات من أهالي كفرعبيدا-البترون، إلى قصر الإعلامية راغدة درغام، الذي بني على البحر. يعترض الأهالي على إعتداء القصر على حقهم في الوصول إلى البحر. تنوعت الفئات العمرية المشاركة، وكان البحر ملجأ الأطفال، اما القصر فكان وجهة الكبار.

وصلوا بيافطاتهم التي كتب عليها «السنسول لكل الناس، والشعب صاحب ملك»، و«هيدا حقنا ورح انضل انطالب فيه»، والاملاك العامة ملكنا كلنا»، وغيرها. الكثير منهم وصل بثياب البحر، وهم أتوا لاستعادة البحر، الذي سلب 80 في المئة منه من المواطنين، على طول الشاطئ اللبناني.

لم يتخلل الوقفة كلمات، لكن توجه البعض بمواقف بصوت مرتفع، فقال فريد أبي يونس، أحد سكان المنطقة، إنّ التعديات على الأملاك البحرية مستمرة، والقصر المبني يمنع المواطن من الولوج إلى الشاطئ، كما بني القصر على مغارة بحرية، ويشير إلى أنّ الممر الصغير الذي فتح للناس، يهدد سلامتهم، مؤكداً أنّ هذا حق للمواطنين ويريدون استعادته، معتبراً أنّه يجب وقف التعديات على الأملاك البحرية من عمشيت إلى الناقورة والناعمة وكفرعبيدا، إذ يتم اختيار اهم المناطق البحرية والبيئية لإنشاء فيلاتهم ومشاريعهم عليها. ورمى ابي يونس المسؤولية على الدولة اللبنانية التي لم تحافظ على شاطئها، ولم تحول كفرعبيدا الى منطقة سياحية بيئية مهمة لكل لبنان، وتحميها من أي بناء وتعدٍ على الأملاك العامة. 

لاحقاً قرر المعتصمون التوجه إلى السنسول المقفل، وحاولت القوى الأمنية منعهم من الدخول، فحصل تلاسن بسيط، ليقوم الأهالي بنزع الصبار المزروع على طول الطريق المؤدية إلى السنسول، وتوجهوا اليه. ورفعوا الصبار عالياً كرسالة لاستعادتهم الأرض، وفي نهاية الاعتصام رموا بالصبار في البحر.

بدأت المشكلة مع درغام العام الماضي، حيث عمدت إلى مخالفة الرخصة التي حصلت عليها بتاريخ 11/8/2022، حيث  بنت تصوينة من الباطون المسلح على حدود الأملاك البحرية العامة، ولم تلتزم بالارتفاع القانوني، وبحسب رئيس جمعية «نحن» محمد أيوب أنّ القصر مخالف لقانون البناء، لأنّه يفترض وجود طابق سفلي «الشاحط» تحت الأرض، وأضاف في حديث لـ «بيروت تايم» أنّ درغام حولته الى شقة، والبناء مخالف من حيث الارتفاع، وبنت طابق إضافي، وأقامت بركة سباحة رغم أنّ الرخصة التي حصلت عليها لا تسمح لها بذلك، كما تعدت على الأملاك البحرية العامة، عبر محاولة ضم صخرة وجزء من البحر إلى أرضها، بطريقة غير مباشرة، إذ عمدت إلى زرع الصبار والشجر لاقفال الطريق الترابي المؤدي إلى السنسول والبحر. ويؤكد أيوب أنّ من يقف وراء هذه المخالفات بالدرجة الأولى رئيس بلدية كفرعبيدا طنوس فغالي، وثانياً مفرزة الشواطئ، ووزارة الاشغال.

ميشال خوري، أحد الناشطين في الحملة لاستعادة شاطئ كفرعبيدا، يعدد لـ «بيروت تايم» المسؤولين عن هذه المخالفة حسب تراتبية المسؤولية، وهم «رئيس بلدية كفرعبيدا، قائمقام البترون، مخفر البترون، التنظيم المدني في البترون، مفرزة الشواطئ في شكا، محافظ الشمال، وزارات البيئة والاشغال، المديرية العامة للتنظيم المدني، قيادة الدرك وغرفة العمليات، القضاء المالي وقضاء العجلة، وانتهت الدعاوى الثلاث اليوم أمام مجلس شورى الدولة».

ترد درغام الدعاوى جميعها، وإلى اليوم لم يتحرك أحداً لمنع التعدي، بحسب خوري، فيما طلب درغام الأخير لرد الدعوى أمام مجلس شورى الدولة رفض، والأهالي بانتظار الحكم. ويؤكد خوري أنّ درغام تعتبر أنّها مغطاة من قبل التنظيم المدني، الذي أعطاها استثناء بالارتفاع في البناء، فيما رفض مجلس شورى الدولة هذا الاستثناء.

ويضيف خوري أنّ «هناك أكثر من 17 مخالفة، لقانون البناء وقانون البيئة، فيما تحظى درغام بتغطية كاملة، كما هناك عرقلة دائمة للدعاوى». هذا ولم يقدم أي طرف حجج واضحة لعدم تحريك الملف، باستثناء رئيس البلدية طنوس فغالي الذي قال بصريح العبارة «نكاية فيكم هيك بدي أعمل وما حدا الو معي»، بحسب خوري، فيما الموضوع يبدأ عند البلدية، لكن فغالي رفض إيقاف المشروع. وعلى الرغم من ذلك، تمكّن الأهالي، عبر الضغط، بخفض ارتفاع «التصوينة» من مترين ونصف إلى متر وعشرين سنتم، حسب ما  ينصّ القانون، لكن لم ترفع أي من المخالفات الأخرى.

عام 1976، صدرت اتفاقية برشلونة-مدريد، الذي وقّع عليها لبنان، ويمنع بموجبها  إقفال الممرات الجانبية على الشواطئ، اذ يفترض أن يتمكن الناس من العبور سيراً على الاقدام من طنجة إلى كل المتوسط، إلى أوروبا وأفريقيا. كما تمنع الاتفاقية أي حجب للشاطئ، ويشمل حجب النظر، وعليه يمنع البناء تحت الطريق، ليبقى البحر متاحاً للناس، للولوج اليه ومشاهدته. وفي مخالفة للاتفاقية، أقفلت درغام الطريق إلى البحر، وقبل الاعتصام بمدة فتح ممر صغير وغير آمن لرواد الشاطئ ليعبروا نحو السنسول، وهو بقعة يرتادها صيادوا الأسماك لممارسة هوايتهم في المنطقة. 

في المقابل، لم يشارك عدد كبير من أهالي المنطقة في الاعتصام، لاعتبارهم أنّه من غير المجدي أي تحرك بفعل النفوذ الذي تتمتع به درغام، داخلياً وخارجياً، ويعتبرون أنّها ليست المسؤولة بشكل أساسي، إذ يشاهدون بشكلٍ مستمر عدد من السفراء، يتجهون إلى القصر، ويمكثون فيه لايام، ووصفه أحدهم «باستراحة السفراء».