سليم جريصاتي يستخدم نفوذه لضرب القضاء والعدالة وانتزاع الملكية الخاصّة... العقار 906- بقعتوتة نموذجاً

سليم جريصاتي يستخدم نفوذه لضرب القضاء والعدالة وانتزاع الملكية الخاصّة... العقار 906- بقعتوتة نموذجاً

  • ٠٨ تموز ٢٠٢٤
  • فتاة عيّاد

تفتح بيروت تايم في هذا الملف، تحت عنوان «لبنان على خطى سوريا: تهديد الملكية الخاصة بقرارات قضائية ممهورة بإيعاز من سليم جريصاتي ونصبة بـ40 مليون دولار»، كيف استخدم سليم جريصاتي نفوذه كمستشار لرئيس الجمهورية ووزير عدل سابق، لنزع الملكية الخاصة وضرب مسار العدالة.

تستمدّ الملكية الخاصّة قُدسيتها من الدستور اللبناني، في ظل نظام إقتصادي ليبرالي حُرّ. وهو ما يُطمئن اللبنانيين إلى أنّ الطبقة السياسية الناهبة لخزينة الدولة وودائعهم المصرفية، غير قادرة على نهب أملاكهم الخاصة. لكن في بلد محكوم من طبقة سياسية فاسدة، تصبح هذه الطمأنينة ضرباً من الجنون، فحتى منازل اللبنانيين وعقاراتهم ليست بمنأى عن التعرّض لانتزاعها، وبأحكام قضائية!
انتهى عهد الرئيس ميشال عون، ولم تنتهِ مفاعيل التسوية الرئاسية. فعام 2017 كان سليم جريصاتي، أحد أبرز وجوهها، وزير عدل، ومستشاراً لرئيس الجمهورية. جريصاتي ذي العلاقات المتينة مع النظام السوري، استوحى على ما يبدو من ذلك النظام نماذج إختلاس الملكية الخاصة.

وعلى غرار القرار رقم 10 عام 2018، الذي صادر أملاك السوريين خارج بلادهم، وبعد أكثر من 20 عاماً على تملك السّيّد رينيه إميل معوض للعقار 906 في كسروان، منطقة بقعتوتة، القريبة من فقرا، صادر جريصاتي العقار في ذلك العام، في فضيحة استغلّ فيها نفوذه كوزير للعدل ومستشار لرئيس الجمهورية، مُسخّراً قضاة وأحكامهم، لصالح موكليه في القضية التي نتج عنها انتزاع العقار من صاحبه، في عملية سرقة موصوفة لملكية خاصة، يقدّر ثمنها اليوم بـ40 مليون دولار في منطقة فقرا السياحية. 
وتفتح «بيروت تايم» قضية العقار 906-بقعتوتة، انطلاقاً من أنّ كل ملكية خاصة مهددة اليوم، إن وقع نزاع حولها بين يدي قاضٍ فاسد خلفه محام ذو نفوذ سياسي، وهي نموذج فاضح عن مدى تهديد سياسيين نافذين لإستقلالية القضاء وأحكامه، بل والعدالة نفسها، وهي في طريقها من محاكم البداية إلى الإستنئاف فالتمييز، وصولا لاستخدام طلبات الردّ بوجه القضاة النّزيهين، لتعطيل العدالة وحرف مسارها، وهو ما يعرقل إلى الآن، التحقيق بجريمة العصر، انفجار مرفأ بيروت.

العقار «يحلو بعين» البائع

تدور القضية وعمرها عقدان ونصف من الزمن، حول العقار 906، وهي قطعة أرض صخرية حرجية، في المنطقة العقارية بقعتوتة، في كسروان، قرب منطقة فقرا السياحية، والتي تبلغ مساحتها الإجمالية 56 ألف متر مربع.

في 26 تشرين الأول عام 2002، انتقلت ملكيتها بالكامل، أي بحصة 2400 سهما، رسميا في قيد أمانة السجل العقاريّ، من البائع محمد إبراهيم علي أحمد، للشاري، رينيه إميل معوض، وذلك وفقاً لعقدي بيع ممسوح، وخاص قانونيين، لا ريب فيهما. 
بتاريخ 29/8/2003، أي بعد عام على شراء العقار، «حلي بعين» بائعه، علي أحمد، لمعرفته بأنّ ثمنه التقديريّ كان يرتفع تدريجيا، في منطقة قريبة من فقرا السياحية.
«لم يكذّب» البائع خبراً، فقرر «ضرب الطينة بالعجينة» عبر محاولة استرداد العقار، ولو بالغش والخداع وصولاً لإدعائه عدم أهليته لحظة البيع و«الغبن» في سعر البيع، وهو مليون و300 ألف دولار وفق عقد البيع الخاص، لم ينكر قبضها كاملة، حتى وفاته. والأسوأ، أنّه اختار المسار القضائي لتحقيق ذلك المخطط.

تغيير مجرى العدالة 

عام 2013، أي بعد 10 سنوات، أصدرت محكمة البداية برئاسة القاضي أحمد الأيوبي، قراراً ثبّت ملكية رينيه معوض للعقار، بطبيعة الحال. لكن لم ينحرف المسار القضائي للقضية إلا عام 2017، مع توكيل ورثة المرحوم محمد ابراهيم علي أحمد للمحامي سليم جريصاتي، الذي أنكر قبض البائع الأساسي ثمن عملية البيع، وهو احتيال لم يطالب به البائع الأساسي نفسه، الذي اعترف بقبضه المبلغ كاملا وكان يدّعي «الغبن» فيه. 

أي أنّ جريصاتي قرّر «المزايدة» على البائع المتوفى، وفي ذلك تكذيب وتشكيك برواية المرحوم نفسه، وبشيكات صريحة تظهر قبض البائع للمبلغ كاملاً (تنشرها بيروت تايم في الأجزاء المقبلة). أما الهدف فكان الإستيلاء الكامل على ملكية العقار. 
ليأتي حكما الإستئناف برئاسة القاضي حبيب رزق الله عام 2017 والتمييز برئاسة القاضية جمال الخوري عام 2018 على عكس حكم البداية الذي أكد ملكية رينيه إميل معوض للعقار، فيحكما على هوى جريصاتي وليس العدالة، وينزعا عن معوض ملكيته، ويوزعانها تركة لورثة المرحوم علي أحمد.
فكيف انحدر المسار القضائي من العدالة إلى اللاعدالة؟
انتهاكات جريصاتي لاستقلالية القضاء، تتابعونها في الأجزاء التالية.