الحكومة اللبنانية في حالة انكار.. ضرائب جديدة على وقع القصف الاسرائيلي
الحكومة اللبنانية في حالة انكار.. ضرائب جديدة على وقع القصف الاسرائيلي
الحرب في الجنوب والبقاع، عدد الشهداء إلى ارتفاع، والحكومة تقر موازنة عام 2025. الحرب عادةً، تلجأ الحكومات إلى إقرار موازنة الحرب أو ميزانية الدفاع، عبر تخصيص جزء من مالية الدولة، لتغطية تكاليف العمليات العسكرية، بما في ذلك المعدات، والأسلحة، والأجور، والإمدادات اللوجستية، والرعاية الصحية للجنود، وتشمل أيضاً نفقات البنية التحتية العسكرية والتطوير التكنولوجي، بالإضافة إلى النفقات الأخرى المتعلقة بالدفاع والأمن الوطني.
عوضاً من أن يدعو رئيس الحكومة إلى اجتماع طارئ حول الحرب وكيفية مواجهتها، عقدت الحكومة إجتماعاً أول من أمس، لاقرار الموازنة التي تتضمن بنوداً ضريبية جديدة. الموازنة الحالية كسابقاتها، لم تتصمن قطع حساب، وهذا ما يهدد دستوريتها، ويمنع رقابة مجلس النواب على عمل الحكومة.
موازنة عام 2025، تتضمن 50 مادة، بإيرادات نحو 427 ألفاً و695 مليار ليرة (4.7 مليار دولار)، بايرادات ضريبية قدرت بأكثر من 326 ألف مليار ليرة، وستمثل 76 في المئة من مجمل إيرادات الموازنة، وإيرادات غير ضريبية بـ 83 ألف مليار ليرة، ونفقات تقدر بنحو 412 ألف مليار ليرة (4.5 مليار دولار). وتتجه إلى التوسع في الانفاق بنسبة 38.7 في المئة، بزيادة 1.33 مليار دولار، مقارنة بموازنة عام 2024.
ستؤمن العائدات الضريبية من الضرائب على الدخل والأرباح والرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة TVA، وغير الضريبية ستأتي من حاصلات إيرادات أملاك الدولة، من الكازينو والمرفأ وأوجيرو والمطار واليانصيب، والرسوم الإدارية.
ستعود الحكومة إلى الاستدانة في الموازنة الجديدة، تحت بند "القروض المعقودة من الدولة لصالح الخزينة"، ذلك لتأمين تمويل قروضاً داخلية بقيمة 17 ألف و566 مليار دولار، أي سيتم تمويل العجز عبر الاقتراض، والذي يبلغ نحو 196 مليون دولار، بنسبة 4.11 في المئة من مجمل الموازنة، وترصد أكثر من 24 ألف مليار ليرة، لتسديد فوائد على سندات خزينة خارجية.
تتضمن الموازنة الجديدة سلة ضرائب جديدة، ورفعت النفقات بقيمة بأكثر من 119 ألف مليار دولار (1.3 مليار دولار)، مقارنةً بموازنة 2024، التي حكماً لن تتوجه لتعويضات الحرب والايواء، بل للنفقات الجارية، أي صيانة البنى التحتية، شراء المستلزمات. فيما 53 في المئة من حجم الانفاق هو على الرواتب والأجور وملحقاتها، و19 في المئة نفقات تشغيلية، و7 في المئة لتغطية فوائد الدين.
بعيداً عن الأرقام، تشن إسرائيل حرباً مدمرة مع إسرائيل، وليل أمس تداعى وزراء الخارجية العرب إلى اجتماع طارئ حول لبنان، ولم يصدر سوا بيان أعلنوا فيه "الدعم الكامل للبنان في مواجهة هذا العدوان"، محملين "إسرائيل مسؤولية هذا التصعيد الخطير، ومحذرين من تداعيات شن عدوان واسع على لبنان في ضوء التطورات الأخيرة بما قد يدفع إلى اشتعال حرب إقليمية شاملة، ويهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها".
أما الحكومة اللبنانية فاجتمعت لتقر موازنة عُمل عليها وناقشها الوزراء خلال الحرب على الجنوب، وأقروها مع توسع الجبهة، وكأن ما يجري لا يعني مالية الدولة، وحكماً لا تعني مصرفها. فالحكومة أقرت خطة طوارئ مع بدء الحرب في تشرين الأول، لم تؤمن لها الإيرادات اللازمة، وكان يعمل على تأمين مساعدات، فيما المصرف المركزي يراكم ما يفوق الـ 5 مليارات دولار في حساب الدولة، المعروف باسم حساب 36، ويرفض أن يمس بها إلا بمرسوم من مجلس النواب، وأكد المصرف منذ البداية على رفضه تمويل الخطة بدون قانون، على اعتبار أن السياسة النقدية منفصلة تماماً عن السياسة المالية، وأن المصرف المركزي منفصل تماماً عن الدولة، وغير معني بمعيشة الناس وأحوالهم حتى في الحرب.
هذا في وقت كان يجب العمل على الإغاثة والبنى التحتية والإستشفاء، ولم تركن الإيرادات لذلك، ولا يحدد حجم المفترض للاقتراض، وما هي البدائل في حال ضرب المطار والمرفأ والاتصالات. ومنذ ليل أمس، يحاول سكان الجنوب الوصول إلى بيروت، منهم من استهلك مخزون البنزين، فيما الاخرين عانوا من إيجاد كنزل، بعد رفع الإيجارات وطلب أشهر عدة مسبقاً، أما وزير التربية لا يزال متردد باقفال المدارس.
اليوم لبنان في حالة إستثنائية، ولم يعمل على خطة طوارئ توازي حجم الحدث، بل أقرت موازنة، رفعت عبرها الضرائب والرسوم بنسبة 33 في المئة، مما سيزيد الكلفة على المواطنين، الذين يتحملون كلفة الانهيار، ويحاولون إيجاد مقومات الصمود في الحرب، في وقت تخلت الدولة عن شعبها، طما فعلت سابقاً أثناء الحرائق في أيلول عام 2019، والانهيار وخسارة المودعين أموالهم، وأبرز تجلي لهذا التخلي كان عند انفجار المرفأ، يوم تداعى الناس إلى الطرقات لمساعدة الجرحى وتنظيف الطرقات، والايواء وتأمين الطعام، فيما الحكومة جلست تتباكى، وتنظر على الناس تلملم جراحها.
في المقابل، كانت إسرائيل مستعد مالية للحرب، فأقرت الحكومة الإسرائيلية في 28 تشرين الثاني 2023، تعديلاً على موازنة 2023، بقيمة 8 مليارات دولار، "لاعطاء الأولوية لمتطلبات حرب غزة"، واعتبر يومها وزير المالية الإسرائيلي بتسئليل سموتريتش، أن هذا التعديل يركز على شري تشرين الثاني وكانون الأول، و"يوجه 4.5 مليار دولار للدفاع و3.64 مليار دولار لاحتياجات المدنيين خلال الحرب". وفي بداية العام، أقرت الحكومة الإسرائيلية ميزانية الحرب لعام 2024، بدعم مالي بقيمة 9 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار) لجنود الاحتياط.