من بقي من قادة «حزب الله» على قيد الحياة؟
من بقي من قادة «حزب الله» على قيد الحياة؟
خسارة الحزب لقادته في لبنان سبقها خسارة الكثير غيرهم في سوريا، و بالنظر إلى الوتيرة المتسارعة التي تعمل بها إسرائيل في عمليات الاغتيال، لا يبدو أنّ أحداً من هؤلاء القادة بمأمن عن استهدافاتها.
تشلَّع جسد «حزب الله» في لبنان بشكل كبير، بعدما قتلت إسرائيل عشرات من القادة السياسيين والعسكريين في الأسابيع القليلة الماضية. حتى زعيم الحزب التاريخي وأمينه العام، حسن نصرالله، لَقِيَ مصرعه نتيجة غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت. مصيبة الحزب هذه لا تعني بالضرورة انهيار بنية الحزب ولا قدراته العسكرية بشكل كامل، حتى وإن تلقى ضربات قاسية جداً في الفترة القريبة الماضية. خسارة الحزب لقادته في لبنان سبقها خسارة الكثير غيرهم في سوريا، وخاصة أولئك الذين عملوا على قمع الشعب السوري وإسناد نظام بشار الأسد بالمقدرة على البقاء والاستمرار. فمن هم هؤلاء القادة الذين قتلوا في سوريا؟ وما كانت أدوارهم؟ ومن بقي منهم في سوريا والعراق ولبنان؟
قادة لقوا حتفهم في سوريا
في السنوات الماضية، خسر الحزب القيادي فوزي أيوب، الذي لقيَ مصرعه في محافظة حلب عام 2014، ليكون بذلك فاتحة القياديين، من «حزب الله» الذين توفوا في سوريا وإن كانوا من الصف الثاني وليسوا من المجالس الجهادية أو الشورى . تبعه مباشرة مقتل جهاد مغنية عام 2015 في محافظة القنيطرة، وهو نجل القيادي العسكري الأهم في الحزب عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق عام 2008. كذلك الأمر، وفي الضربة نفسها توفي محمد أحمد عيسى، أحد مسؤولي ملفي العراق وسوريا في «حزب الله».
قد يكون العام 2015 هو العام الذي خسر فيه الحزب العدد الأكبر من قيادييه في سوريا. من هؤلاء غسان فقيه وأخوه جميل، حيث قُتِلَ الأول في منطقة القلمون والثاني في ريف إدلب، وكانت وظيفتهما قمع الشعب السوري الثائر. كذلك، قُتِلَ علي خليل عليان خلال معارك في القلمون مع حوالي ستين عنصراً من حزب الله، وتبعه القيادي فادي الجزار الذي قُتِلَ في ريف حمص، وحسن علي جفال الذي قيل عنه إنّه قائد قوات النخبة في الحزب. لم يتوقف الأمر هنا، بل تبعهم قائد فرقة مقاتلة في الحزب يُدعى حسن حسين الحاج ونائبه مهدي حسن بفارق أيام بسيطة في خضم قتالهم جماعات مسلحة سورية.
أما القيادي سمير القنطار، فقُتِلَ في بلدة جرمانا بغارة إسرائيلية بعد عمله مع مجموعة من الحزب على إنشاء قواعد عسكرية في الجنوب السوري. وكان القنطار أسيراً لمدة 30 سنة في السجون الإسرائيلية وتم الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل للأسرى عام 2008. من بعده توفي أبرز قادة الحزب في حينها، مصطفى بدر الدين، عام 2016، وكان يشغل منصب قائد كتائب الحزب في سوريا، وهو متهم بالتورط في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005، وبالكثير من الفظائع الأخرى على الأراضي السورية.
بعد العام 2016، بدا ميل الجيش الإسرائيلي واضحاً في ضرب مخازن الأسلحة المهمة التي كانت بحوزة الحزب أو «الحرس الثوري الإيراني» في سوريا، بدلاً من تنفيذ اغتيالات بحق القادة. قد يكون الأمر هو حاجته لبعض القادة على قيد الحياة من أجل ملاحقتهم ومعرفة أماكن وهوية قادة آخرين، أو ربما لأنّه استشعر أنّ الحضور العسكري الإيراني في سوريا بات كثيفاً، ويُشكّل، في حال امتلاك الكثير من الأسلحة المتطورة، خطراً على الأمن الإسرائيلي يفوق وجود بضعة قادة من الحزب في سوريا.
لم يعنِ ذلك أنّ إسرائيل ظلت تتفرج على قادة «حزب الله» في سوريا دون رد فعل، إذ قتلت عدداً كبيراً منهم منذ بداية عام 2024، معظمهم كانوا من قادة الصف الثاني من مسؤولي الفرق والضباط، الذين تولوا مسؤوليات مهمة، كأمر فرقة أو مسؤول لوجستي، مثل القيادي ياسر نمر قرنبش الذي استُهدِف بمسيّرة إسرائيلية على طريق دمشق بيروت الدولي، وكذلك حسن جعفر قصير، صهر حسن نصر الله، في غارة على منطقة المزة في دمشق.
قادة قاتلوا في سوريا ولقوا حتفهم في لبنان
أما في بيروت، فقد قتلت إسرائيل العديد من قادة «حزب الله» الذين شاركوا بفعالية في الحرب السورية، ومنهم القائد العسكري إبراهيم عقيل، عضو المجلس الجهادي في الحزب، الذي كان له نشاط عسكري كبير في سوريا خلال السنوات الماضية. كذلك، توفي محمد حسين سرور، قائد القوة الجوية في الحزب، الذي ذكر بيان نعيه أنّه كان «من الضباط الأساسيين في العمليات العسكرية التي خاضها الحزب في سوريا».
بالإضافة إلى هؤلاء، اغتالت إسرائيل القيادي علي كركي الذي لعب أدواراً عسكرية وسياسية في سوريا وفي التنسيق الميداني بين الحزب والجيش السوري. كما قُتِلَ محمد ناصر، أحد أبرز قادة «وحدة عزيز» التي شاركت في مساندة النظام السوري ضد المعارضة المسلحة من العام 2011 إلى العام 2016.
عملياً، لم يتبقَّ من قادة سياسيين ودينيين وعسكريين مهمين في «حزب الله» سوى: نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، أعضاء مجلس الشورى محمد يزبك، إبراهيم أمين السيد، وهاشم صفي الدين الذي يبقى مصيره غامضاً بعدما قال الجيش الإسرائيلي إنّه استهدفه ليل الثالث من تشرين الأول في العاصمة اللبنانية بيروت. أما القادة العسكريون المتبقون، فهم طلال حمية وأبو علي رضا، وهما من تبقَّيا في «المجلس الجهادي» في الحزب الذي خسر أغلبية من يشكلونه.
من تبقّى من قادة «حزب الله» في سوريا؟
لا يزال في سوريا عدد من القادة الأساسيين الذين يستقرون فيها. من هؤلاء، يبرز إسمان أساسيان لهما أدواراً مهمة في الحرب السورية. الأول هو هيثم علي الطبطبائي، الذي يُقال إنّه القائد الميداني لـ«قوة الرضوان» في سوريا، وهي الفرقة الأكثر تدريباً وتجهيزاً في «حزب الله». وعلى الرغم من السرية التي تَلفّه، إلا أنّ إسمه برز عقب استهدافه من قبل الطائرات الإسرائيلية في مدينة القنيطرة السورية عام 2015، ونجاته منها عندما كان برفقة العميد في الحرس الثوري الإيراني محمد علي الله دادي. كما يُصنَّف الطبطبائي، المولود من أب إيراني وأم لبنانية، بأنّه «إرهابي عالمي» بحسب وزارة الخارجية الأميركية عام 2006، ووُضع على رأسه جائزة مالية بمقدار 5 ملايين دولار أميركي.
أما الثاني، فهو يوسف هاشم هاشم، المسؤول عن تجنيد وتهريب المقاتلين بين سوريا والعراق، وصَنَّفه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي على قائمة العقوبات لتورطه بأنشطة «حزب الله» في العراق. ويملك الحزب بضعة قادة يعيشون في العراق ويشغلون مناصب مهمة هناك، منهم محمد عبد الهادي فرحات، وعدنان حسين كوثراني، وهم جميعاً مُصَنَّفون كإرهابيين بحسب الإدارة الأميركية.
بالنظر إلى الوتيرة المتسارعة التي تعمل بها إسرائيل في عمليات الاغتيال، لا يبدو أنّ أحداً من هؤلاء القادة بمأمن عن استهدافاتها، خاصة وإنّ أمين عام الحزب نفسه قد استهدفته إسرائيل دون رحمة وقتلته في مخبئه في الضاحية الجنوبية لبيروت.