وداعًا "بابا الفقراء": العالم يشيّع البابا فرنسيس في موكب مهيب
وداعًا "بابا الفقراء": العالم يشيّع البابا فرنسيس في موكب مهيب
في لحظة تاريخية ودعت الإنسانية أحد أبرز رموزها الروحية، البابا فرنسيس، الذي أطفأ نور حياته عن عمر ناهز 88 عامًا.
ساحة القديس بطرس امتلأت بأجواء من الخشوع والدموع، وأجراس الفاتيكان قرعت في وداع الرجل الذي أحبّه الملايين وهو يُشيّع إلى مثواه الأخير في جنازة شارك فيها ملوك ورؤساء وشعوب من كل أصقاع الأرض.
حضر جنازة بابا الفاتيكان 12 ملكًا و55 رئيس دولة، من بينهم الرئيسان الأميركيان الحالي دونالد ترامب والسابق جو بايدن، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وولي عهد بريطانيا الأمير وليام، وممثلين عن العائلات الملكية الإسبانية وسواهم.
أكد الفاتيكان مشاركة 162 وفدًا رسميًا، مما يعكس المكانة العالمية التي حظي بها البابا، الذي لُقّب بـ"بابا الشعب" نظراً لتواضعه وقربه من الناس. وقد أشاد الكاردينال جيوفاني باتيستا ري، في عظته خلال الجنازة، بالبابا فرنسيس، قائلاً: "كان راعي كنيسة يعرف كيف يتواصل مع الآخرين بأسلوب غير رسمي وعفوي. آخر صورة نحملها له، تلك البركة الأخيرة في عيد الفصح، حيث لوّح بيده مودعًا المؤمنين".
كسر البابا فرنسيس التقاليد حتى في موته. فقد اختار أن يُدفن خارج الفاتيكان، ليكون أول بابا يفعل ذلك منذ البابا ليو الثالث عشر عام 1903. بعد انتهاء القداس الذي دام ساعتين وعشر دقائق، حمل موكب مهيب نعشه عبر شوارع روما، لمسافة 6 كيلومترات، ماراً بمعالم أيقونية مثل بيازا فينيسيا والمنتدى الروماني والكولوسيوم.
اصطف عشرات الآلاف من المشيعين على طول الطريق، فيما تحرك الموكب ببطء لإتاحة الفرصة أمام الجماهير لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة. واتجه النعش نحو كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري، الكنيسة العزيزة على قلب البابا فرنسيس، حيث اعتاد زيارتها بعد كل رحلة رعوية خارج إيطاليا، وكانت أول كنيسة تكرس للعذراء مريم في القرن الرابع الميلادي.
اختار البابا أن يكون قبره بسيطًا تحت الأرض، يحمل فقط اسمه، انسجامًا مع شخصيته المتواضعة. ولن تُنقل الصلوات الأخيرة على شاشات التلفزة، احترامًا لرغبة البابا الذي خطّ تفاصيل جنازته بنفسه عندما قام العام الماضي بتبسيط طقوس الفاتيكان.
وبينما قرعت أجراس سانتا ماريا ماجوري إيذانًا بوصول النعش، خيّم الصمت والرهبة على المكان. أعلن الفاتيكان أن قبر البابا سيكون مفتوحًا للزيارة ابتداءً من صباح الأحد، ليتمكن المحبون من التوجه إلى مثواه الأخير وتكريم ذكراه.
رحل البابا فرنسيس بعد أن كتب فصلاً مختلفًا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، بابا كسر الحواجز وتحدث لغة القلب، مدّ جسور الحوار بين الأديان، وحمل هموم الفقراء والمظلومين. في لحظة وداعه، بدا العالم كله كعائلة واحدة، تبكي أبًا اختار أن يكون خادمًا لا سيدًا.
وداعًا، بابا فرنسيس... بابا الشعب والسلام