بالفيدو- إغراء القوة.. وصندوق باندورا الإيراني
بالفيدو- إغراء القوة.. وصندوق باندورا الإيراني
تحذير روسي «العالم على شفير الفوضى.. فإذا اغتيل خامنئي سيُفتح صندوق باندورا»
لقد قابل التهديدات الإسرائيلية باغتيال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعم أميركي وبعد تلميحات ترامب بأنّه يعرف مكان خامنئي، رّد روسي «سلبياً للغاية» و «لن نوافق على ذلك بالمطلق» وفق ما صرّح به المتحدث بإسم الكرملين ديمتري بيسكوف يوم الجمعة ٢٠ حزيران ٢٠٢٥، وأضاف «سيؤدي هذا إلى ظهور توجهات متطرفة داخل إيران، ومن يتحدثون عن هذا الأمر عليهم أنّ يدركوا، أنّهم سيفتحون صندوق باندورا»، كما أشار الى « أنّ الوضع متوتر وخطير للغاية ليس فقط بالنسبة للمنطقة وللعالم أيضا، محذراً من أنّ توسّع الصراع بين الأطراف سيزيد من خطورة الأمور»
ما هي قصة أسطورة «صندوق باندورا» وما هي الأسئلة الأخلاقية التي تطرحها وأهميتها في المجتمع المعاصر؟
المصطلح اليوناني باندورا يعني الهبات أو المرأة التي وُهبت كل شيء، أما الصندوق ففي الأصل اليوناني، يُستخدم مصطلح «بيثوس» (pithos)، ومعناه «الجرة» أما تسمية «صندوق» فتعود إلى ترجمة عالم النهضة الإنساني إيراسموس الخاطئة للكلمة اليونانية في القرن السادس عشر، وقد استمر استخدام مصطلح الصندوق في التفسيرات الحديثة (موسوعة بريتنيكا).
أصول الأسطورة تنبع من أعمال الشاعر هسيود(٠٧٥ - ٦٥٠ ق.م) في نصه «الأعمال والأيام»، ومتجذرة في نسيج الأساطير اليونانية القديمة، خُلقت باندورا بمثابة عقاب إلهي للبشرية، وغالباً ما ينظر إليها أنّها إمرأة تتمتع بمواهب من كل إله، ووفقاً لهسيود، بعد أن سرق بروميثيوس، إله النار والمخادع الإلهي، النار من السماء ومنحها للبشر، قرر زيوس، ملك الآلهة، إبطال هذه النعمة. فكلف هيفايستوس إله النار وراعي الحرفيين بخلق إمرأة من الأرض، تُغدق عليها الآلهة بالعطايا. وتمتلك «جرّة» تتضمن كل أنواع البؤس والشر. نبهتها الآلهة ألا تفتح الجرّة وبفعل الفضول فتحت باندورا الجرة، فخرجت منها الشرور إلى الأرض، ولم يبقَ سوى الأمل حبيساً داخلها حيث أغلق الغطاء قبل أن تتمكن من إخراجه، وبقي الجدل قائماً هل هو نعمة لأنّه لم يهرب، أم نقمة لأنّه لم يُطلق مع الشرور لمواجهتها.
على مرّ القرون تكيفت أسطورة صندوق باندورا مع المتغيرات و مختلف السياقات الثقافية، واكتسبت تأويلات رمزية، منها أنّ الشرور داخل الصندوق تشمل المرض والمعاناة والفوضى والجرائم، فضلاً عن رمزية الإغراء في الإكتشاف والفضول رغم العواقب المحتملة. أمّا الأمل الحبيس داخلها يرمز الى أنّه عامل موازنة للشرور ومصدر القوة والمرونة.
إنّ إرث صندوق باندورا في المناقشات المعاصرة، يستخدم كحكاية تحذيرية عبر المناقشات حول التكنولوجيا والأخلاق كونها مادة غنية للإستكشاف النفسي الذي يعكس جانباً من الطبيعة البشرية ألا وهو الرغبة في المعرفة والفهم. وفي المقابل قصة تحذيرية حول الإعتراف بالعواقب المحتملة والحذر باتخاذ القرارات أكانت على مستوى إدارة الدول والصراعات أو على مستوى الإكتشافات العلمية وتسخير التكنولوجيا الحديثة لصنع ما هو غير مفيد لخير البشرية. وفيما العالم وهذه المنطقة التي تعيش أسوأ مظاهر الشرور والتطرّف والمعاناة ، وفي سياق التحذير الروسي قد يُفهم أنّ شروراً أكثر عنفاً وتطرفاً، وصراعات قد تتوسع، وسيناريوهات مطعمة بعنف نووي قريبة الحدوث. وأنّ الغطرسة وإغراء القوة سيدفع دول الصراع الى خطوات كارثية فقط لمجرد أنّها قادرة على ذلك.متجاهلةً أنّ العواقب قد تكون تدميراً شاملاً وانبعاثاً لشرور أعظم، تكتب بالإبادة والتهجيروالقصف المتبادل وتحويل العالم الى محميات عسكرية ترتكز على تفوّق عسكري تقني، يستند الى منطق الإخضاع والإستسلام. تماماً كما أنّ باندورا لم تستطِع مقاومة إغراء فتح الصندوق رغم التحذيرات، قد لا تستطيع دول ما مقاومة إغراء توجيه ضربة قاضية.