ترامب يقتحم خط المفاوضات الروسية – الأوكرانية: قمة ثلاثية للسلام قيد التحضير
ترامب يقتحم خط المفاوضات الروسية – الأوكرانية: قمة ثلاثية للسلام قيد التحضير
هل ينجح ترامب في إقناع بوتين بأنّ «الوقت قد حان للسلام»؟ أم أنّ تعقيدات الأرض والخرائط والضمانات ستجعل القمة المرتقبة مجرّد إستعراض سياسي؟
في خطوة مفاجئة أعادت خلط الأوراق في المشهد الدولي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّه بدأ الإعداد لعقد لقاء ثلاثي غير مسبوق يجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي، في محاولة لوضع حد للحرب المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات بين موسكو وكييف. الخبر، الذي تزامن مع سلسلة تحركات دبلوماسية واسعة في البيت الأبيض وأوروبا، فتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تؤدي إلى تسوية تاريخية بوساطة أميركية مباشرة.
خلال إجتماع موسّع في البيت الأبيض ضمّ زيلينسكي وعدداً من قادة الاتحاد الأوروبي، كشف ترامب عن تقدّم في ملف «الضمانات الأمنية» التي تطالب بها كييف، مؤكداً أنّ الدول الأوروبية والولايات المتحدة تعمل بشكل منسّق على صياغتها، وبعد الإجتماع، أجرى ترامب إتصالاً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين دام أربعين دقيقة، تمهيداً لترتيب القمة الثلاثية، معتبراً أنّها «خطوة ممتازة ومبكرة نحو إنهاء الحرب». أما وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو فدعم هذه المقاربة، موضحاً أنّ بلاده بدأت فعلياً بوضع اللمسات الأولية لعقد اللقاء، بالتوازي مع تحرّك نائب الرئيس جيه دي فانس، والمبعوث ستيف ويتكوف، في إتصالات مباشرة مع موسكو وكييف.
في السياق نفسه، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته أنّ إنضمام أوكرانيا إلى الحلف ليس مطروحاً حالياً، مشيراً إلى أنّ التركيز ينصب على توفير ضمانات أمنية بدلاً من العضوية الكاملة، وهو ما يشير إلى قبول ضمني بأنّ «حلم الناتو» قد يُجمّد مرحلياً.
من جانبها، أكدت موسكو عبر وزير الخارجية سيرغي لافروف أنّ هدفها ليس التوسع الجغرافي، بل «حماية السكان الناطقين بالروسية تاريخياً شرق أوكرانيا». وقد علّق دميتري مدفيديف بسخرية على مجريات واشنطن، قائلاً إنّ «تحالف الراغبين» فشل في التأثير على ترامب، فيما وصف زيلينسكي بـ«مهرج كييف». يُذكر أنّ روسيا تسيطر اليوم على نحو خُمس الأراضي الأوكرانية، فيما تشترط كييف لاستعادة تلك المناطق الحصول على ضمانات أوروبية – أميركية صارمة تمنع تكرار الحرب.
جنيف موسكو أم واشنطن؟ صراع مواقع على إستضافة «قمة القرن»
داخل العواصم الأوروبية، تسود حالة ترقب، إذ عقد قادة «تحالف الراغبين» إجتماعاً عبر الفيديو برئاسة بريطانيا وفرنسا لمواكبة التحرك الأميركي. وبينما طرحت فرنسا فكرة عقد القمة في جنيف، أعلنت موسكو إستعدادها لاستضافة اللقاء في العاصمة الروسية. سويسرا، بدورها، أكدت أنّها تمنح الحصانة للمشاركين في قمم السلام وليس للزيارات الخاصة، وذلك بسبب مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين.
لا يُخفي مراقبون أنّ الرئيس الأميركي يسعى لترجمة أي «نجاح في أوكرانيا»إلى ورقة سياسية يحارب فيه منتقديه، في ظلّ إنخفاض شعبيته إلى 40% وتراجع الدعم في أوساط الناخبين من أصول لاتينية. لكن، إذا ما نجح في جمع بوتين وزيلينسكي على طاولة واحدة – سواء في موسكو، جنيف أو واشنطن – فإنّ ذلك قد يمثّل التحوّل الأهم في الحرب منذ اندلاعها في شباط من العام 2022، مع ما يحمله من إرتدادات عالمية وإقليمية كبرى. فهل ينجح ترامب في إقناع بوتين بأنّ «الوقت قد حان للسلام»؟ أم أنّ تعقيدات الأرض والخرائط والضمانات ستجعل القمة المرتقبة مجرّد إستعراض سياسي؟ الأيام المقبلة ستحمل الإجابة.