حزب الله وحركة أمل: سياسة بيع الوهم وانتظار المجهول
حزب الله وحركة أمل: سياسة بيع الوهم وانتظار المجهول
سياسة «بيع الوهم» لا تستطيع مواجهة التحديات الفعلية، ولا يمكن أن توقف مسار الأحداث الذي يسير بخطى أسرع من قدرة الحزب وحليفه على المناورة.
منذ اندلاع المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله، سعى الحزب ومعه حركة أمل إلى تقديم صورة النصر الدائم لجمهوره، مهما كانت الوقائع على الأرض معاكسة. فالمعادلة التي يُسوق لها الثنائي الشيعي تبدو أقرب إلى شعار «على الرايق ما بيضايق»: إطالة الوقت، ملء الفراغ السياسي بالشعارات، وإبقاء القاعدة الشعبية في حالة إنتظار أملٍ لن يأتي.
في تشرين الثاني الماضي، أعلن حزب الله أنّه أجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على القبول بوقف إطلاق النار، واحتفل بما اعتبره «إنتصاراً تاريخياً». غير أنّ الوقائع اللاحقة أثبتت عكس ذلك، إذ تكبد الحزب خسائر قاسية عسكرية وسياسية وإعلامية، فبانت هشاشة سردية الإنتصار. ومع ذلك، إستمر خطاب «بيع الوهم»، مصوراً الهزيمة على أنّها جزء من خطة أكبر أو خطوة تكتيكية في مسار طويل.
اليوم، يعود المشهد نفسه مع خطة الجيش اللبناني. فالثنائي يروج لفكرة أنّ الخطة تسير في مصلحتهما، وأنّها جزء من «الإنتصار الإستراتيجي» الذي يراكمه محور المقاومة. لكن في العمق، الأمر ليس سوى محاولة جديدة لشراء الوقت، وتفادي الإعتراف بالحقيقة: أنّ هذه القوى غير مستعدة للإقدام على الخطوة الأولى، وأنّها ستُجبر عاجلاً أم آجلاً على مواجهة الواقع وتنفيذ ما كانت ترفضه.
سياسة حزب الله وحركة أمل لا تقوم فقط على الشعارات، بل على إستراتيجية طويلة الأمد لربط جمهورهم بمشروع المقاومة حتى لو كان الثمن إنهيار الدولة ومؤسساتها. فبدلاً من الإنخراط في حوار داخلي جدّي أو تحمّل مسؤولية القرارات المصيرية، يفضّلان الإيحاء بأنّ كلّ ما يحدث يصبّ في صالحهما. هذه المقاربة تعكس رغبة في تجنّب المواجهة المباشرة مع المجتمع الدولي والبيئة اللبنانية الرافضة لبقاء السلاح خارج الدولة، من دون التخلي عن الخطاب الدعائي الذي يضمن إستمرار التعبئة.
القافلة سارت، الزمن يتغير، والتحولات تفرض نفسها، فيما يستمر الثنائي في تقديم وعود متكررة لجمهوره، متكئاً على خطاب تعبوي وشعارات مستهلكة. لكن الحقيقة الصارخة أنّ سياسة «بيع الوهم» لا تستطيع مواجهة التحديات الفعلية، ولا يمكن أن توقف مسار الأحداث الذي يسير بخطى أسرع من قدرة الحزب وحليفه على المناورة. ومن هنا يبرز السؤال الجوهري: إلى متى يمكن لهذه القوى أن تواصل إدارة ظهرها للواقع، قبل أن تجد نفسها مضطرة إلى دفع ثمن كل هذا التأجيل؟