الذكاء الإصطناعي في مواجهة الإنتحار: أمل جديد لإنقاذ الأرواح وحماية الصحة النفسية
الذكاء الإصطناعي في مواجهة الإنتحار: أمل جديد لإنقاذ الأرواح وحماية الصحة النفسية
دراسات حديثة تظهر أنّ نماذج الذكاء الإصطناعي التي تحلّل السجلات الصحية الإلكترونية يمكنها تحديد الأفراد المعرضين لخطر الإنتحار بدقة تصل إلى 82%
في ظلّ المتغيرات الإجتماعية في نمط الحياة من جهة، والأوضاع السياسية العالمية المتقلبة والتحديات الأمنية التي يواجهها العالم اليوم من جهة أخرى، تزداد الحاجة إلى الإهتمام بالصحة النفسية والوقاية من الظواهر السلبية التي تؤثر على المجتمعات. من بين هذه الظواهر، خطر الإنتحار كأحد أهم القضايا الصحية والإجتماعية التي تتطلب تدخلات عاجلة وفعالة. في هذا السياق، ظهرت نماذج التنبؤ بخطر الإنتحار كأداة واعدة في مساعدة الجهات الصحية على تحديد الأفراد الأكثر عرضة للخطر بشكل سريع ودقيق، مما يسمح للمختصين بالتدخّل المبكر والفعال.
أظهرت دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين برئاسة د. إميلي هاروز أستاذة مساعدة في قسم الصحة الدولية وقسم الصحة النفسية في كلية بلومبرغ للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، الولايات المتحدة، إستناداً إلى بيانات السجلات الصحية الإلكترونية في الولايات المتحدة، أنّ نماذج التنبؤ القائمة على تحليل هذه السجلات تتفوق بشكل كبير على الأساليب التقليدية المستخدمة في تقييم خطر الإنتحار، حيث تمكنت هذه النماذج من التعرّف على الأشخاص الذين قد يحاولون الإنتحار أو الذين يلقون مصرعهم عبره بدقة تصل إلى 82%، مقارنةً بنسبة 64% فقط في الطرق العلاجية التقليدية.
في الإطار نفسه تعتمد نماذج الذكاء الإصطناعي الحديثة على تحليل كميات هائلة من البيانات، خصوصاً المنشورات على وسائل التواصل الإجتماعي والمحادثات عبر الخطوط الساخنة النفسية، بغرض إكتشاف علامات تحذيرية خفية. على سبيل المثال، نموذج Su-RoBERTa يستخدم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية لتحليل المنشورات بدقة تصل إلى 69.84% في التنبؤ بالخطر. كما أظهرت دراسة في الصين تحسّناً بنسبة 2.4% في دقة التنبؤ عبر تحليل بيانات الخطوط الساخنة النفسية مقارنة بالطرق التقليدية.
رغم المزايا، تواجه هذه النماذج تحديات مثل حماية الخصوصية وحقوق الأفراد، إذ يتطلب إستخدامها موافقات واضحة لتفادي إنتهاك الخصوصية. كما أنّ دقة النماذج ليست مطلقة، مما يستوجب مراجعة بشرية دقيقة لتجنّب الأخطاء في التنبؤ.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تكييف النماذج مع السياقات الثقافية واللغوية المتنوعة لضمان فعاليتها عالمياً.
غير أنّ النقلة النوعية التي يمثلها الذكاء الإصطناعي في مجال الصحة النفسية، وفي التنبؤ بمخاطر الإنتحار، تستدعي وفقاً للمتخصصين عدم إغفال الموازنة بين الإستفادة من إمكانيات التكنولوجيا الرقمية وحماية حقوق الأفراد، والمراقبة المستمرة لتطوّر بيانات هذه النماذج.
مصادر:
https://arxiv.org/abs/2412.01353?utm_source
https://arxiv.org/abs/2408.16463?utm_source