حين تختنق الزنازين بالسجناء… رومية نموذجاً

حين تختنق الزنازين بالسجناء… رومية نموذجاً

  • ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
  • ناتالي أبو حرب

الجانب القضائي يشكّل تحدياً أساسياً، إذ أنّ عددًا كبيرًا من النزلاء موقوفون دون صدور أحكام، ويواجهون تأخيرات تمتد لسنوات.

تعيش سجون لبنان، وفي مقدّمها سجن رومية المركزي، أزمة حادّة تجمع بين الإكتظاظ المفرط وتدهور الخدمات الصحية والغذائية، في ظلّ تراكم ملفات قضائية دون محاكمات، ما يهدّد بانفجار إجتماعي محتمل داخل السجن وخارجه.

ويضمّ رومية اليوم أكثر من 3500 سجين وموقوف، أي ثلاثة أضعاف قدرته الإستيعابية البالغة 1500  شخص، وفق تقارير رسمية وشهادات نزلاء.

سجناء لبنانيون وسوريون أطلقوا عدة رسائل تحذيرية، مؤكدين أنّ السلطة "قوية على الضعيف ومتواطئة مع القوي"، وأنّ الحلول الجزئية التي ركّزت على الإفراج عن السجناء السوريين وحدهم أثارت غضب اللبنانيين، ما دفع بعضهم إلى التحذير من "إنفجار شامل" إذا استمرّ التجاهل.

وتكشف شهادات من داخل السجن عن أوضاع مأساوية: من إنتشار الأمراض الجلدية والتنفسية، نقص الأدوية ومواد النظافة، وانقطاع شبه دائم للكهرباء، في ظلّ سوء التغذية والمياه الملوّثة. ووفاة السجين السوري أسامة الجاعور، المعتقل منذ ست سنوات على خلفية مشاركته في الثورة السورية، أبرزت حجم الإهمال، خصوصاً بعد تدهور صحته العقلية والجسدية دون علاج كافٍ كما أفادت بعض المعلومات.

الجانب القضائي يشكّل تحدياً أساسياً، إذ أنّ عددًا كبيرًا من النزلاء موقوفون دون صدور أحكام، ويواجهون تأخيرات تمتد لسنوات. ويعوّل مراقبون على إعادة تفعيل محكمة سجن رومية لتخفيف الإكتظاظ وتسريع المحاكمات، وهو ما أكد عليه وزير العدل، عادل نصار، ووزير الداخلية، أحمد الحجار.

وقد أوضح نصار أنّ إعادة العمل بالقاعة المخصّصة للمحاكمات داخل السجن ستتيح الفصل في الملفات بسرعة، مع توقع إصدار مئات الأحكام.

مطالب السجناء تشمل إقرار قانون العفو العام، تحديد سنوات أحكام الإعدام والمؤبد، تخفيض السنة السجنية من 6  أشهر إلى 9 ، وإطلاق الموقوفين الذين تجاوز توقيفهم 10  سنوات دون محاكمة.

كما دعا أهالي السجناء إلى تدخل سياسي لإنهاء الظلم، فيما شارك نواب في اعتصامات مطالبة بحقوق السجناء.

في ظلّ هذا الواقع، يرى خبراء حقوق الإنسان أنّ الحلول الترقيعية لن تنجح، وأنّ إدارة السجون تحتاج إلى خطة إصلاحية شاملة تحمي حقوق الإنسان وتعيد الإعتبار للعدالة.

يصنّف الوضع في سجن رومية اليوم بأنّه ليس مجرد مركز احتجاز، بل نموذج مصغّر لأزمة لبنان القضائية والإنسانية. فالإصلاح لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية ملحّة!