القاضي جمال الحجار خلفاً لعويدات؟

القاضي جمال الحجار خلفاً لعويدات؟

  • ١٩ شباط ٢٠٢٤
  • خاص بيروت تايم

فرضت السلطة السياسية قرارها بتكليف القاضي جمال الحجار للقيام بمهام المدعي العام التمييزي، بعد إحالة القاضي غسان عويدات إلى التقاعد يوم الأربعاء المقبل، 22 شباط.

إتُخِذ القرار بعد إصرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبموافقة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي  رفض تولي أي قاضٍ شيعي أو مسيحي لهذا المنصب المعروف  أنّه من حصة الطائفة السنية. كذلك تشير المعلومات إلى أنّ الرئيس برّي لم يبدِ تمسكه كثيراً بإسم القاضية ندى دكروب لتولّيه، لأنّه فضّل الحفاظ على حساسية هذا المنصب وتكليف أو إنتداب قاضٍ سني، منعاً للبلبة خصوصاً بعد تولّي القاضي الشيعي بلال حلاوي منصب قاضي التحقيق الأول في بيروت، وبعد تولّي وسيم منصوري القيام بمهام حاكم مصرف لبنان.  

تقول المراجع القضائية أنّ رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، إجتمع بالقاضية ندى دكروب(من الطائفة الشيعية) إبنة أخت رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، خلال الأيام الماضية، التي  سبق ووافقت منذ أسابيع على تولّي هذا المنصب، مؤكدةً أنّها جاهزة للقيام بمسؤولياتها، وكان هدف الجلسة مناقشة قرارها والتباحث في هذا الخصوص، وبعد إنتهاء إجتماع القضاة، تبيّن أنّ القاضية دكروب تراجعت عن قرارها، بسبب إصرار السلطة السياسية، ومجلس القضاء الأعلى على تولّي قاضٍ من الطائفة السنيّة لهذا المنصب، حرصاً على التوزيع الطائفي للمناصب القضائية. 

بحسب القانون، ينبغي أن تتولّى دكروب هذا المنصب إبتداءً من منتصف الأسبوع المقبل، لكونها الأعلى درجة بين قضاة النيابة العامة التمييزية، ولكن قرار السلطة السياسية كانت له الأرجحية. 
وبحسب معلومات «بيروت تايم» فإنّ تولّي القاضية دكروب منصب المدّعي العام التمييزي كان سيسبّب «حرباً قضائية» وإحراجاً للقضاة، فهذا المنصب تحديداً يعتبر من أهم مراكز الطائفة السنيّة، كما أنّ المدّعي العام التمييزي يتمتع بصلاحيات واسعة ، وعلى علاقة وثيقة بالسلطة السياسية. لذلك تضع السلطة السياسية ثقلها الكامل لإختيار المدّعي العام التمييزي. 

وبعد أسابيع طويلة من النقاشات، تقول المصادر أنّ القاضي جمال الحجار سيُكلّف من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى، سهيل عبود، وسيصدر هذا القرار خلال أيام قليلة، أو في 23 شباط كحد أقصى. 

وهذا التكليف جاء نتيجة عدم قدرة مجلس الوزراء على تحديد جلسة لتعيين المدّعي العام التمييزي، نتيجة الشغور الرئاسي، مع العلم أنّ الحكومة أصدرت قراراً بتعيين رئيس أركان من دون أي إقتراح ومن دون توقيع وزير الدفاع على المرسوم، ولكنها لم تحدّد أي موعد لجلسة لتعيين المدّعي العام التمييزي، فأبدت السلطة المتمثلة ببرّي وميقاتي رأيها ، وتركت الأمر لمجلس القضاء الأعلى، مع الإشارة إلى أنّ القاضي الذي سيتسلّم هذا المنصب من الضروري أن يحظى بموافقة السلطة السياسية على تكليفه أو إنتدابه. 

أما الأزمة التي وقعت خلال الفترة الماضية، هي رغبة مجلس القضاء الأعلى بإيجاد المخارج القانونية لتكليف الحجار، بالرغم من موافقة دكروب على تسلّم هذا المنصب. وإنقسام القضاة حول هذه الحلول، بين من رأى أنّ القاضية دكروب هي المرشحة لهذا المنصب وفقاً للقانون ولا يمكن تجاوز النصّ القانوني، وبين من إعتبر أنّ رئيس مجلس القضاء الأعلى يحقّ له المضي في هذا الإتجاه لأنّ القاضي الحجار من الطائفة السنية وهو من القضاة الأعلى درجة والأكبر سناً. 

هذه الحلول لم تحظَ بموافقة غالبية القضاة ،فمنهم من إعتبر بأنّ التكليف ليس قانونياً، ولكنه مخرج قانوني للإتيان بقاضٍ سنيّ، ومنهم من رأى أنّ الأزمات ستتفاقم خلال الأيام المقبلة، وإن أصرت القاضية دكروب  على تولّي هذه المهام بإمكانها الطعن بهذا القرار.

مصادر «بيروت تايم» أكدت أنّ مجلس القضاء الأعلى رافض لبقاء هذا المنصب شاغراً، لذلك قرّر التدّخل في هذا الأمر، والمخاوف كانت من إصرار القاضية دكروب على تولّي المنصب (أي أن تتمسك بالقانون الذي يجيز لها إستلام هذا المنصب في 22 شباط، كأن تحضر إلى النيابة العامة التمييزية في 22 شباط لتولي منصبها) وإصرار السلطة السياسية على تكليف الحجار، ما يعني إشتعال الخلافات القضائية بين القضاة، وفي هذا الإطار، نذكر الإشكال المستمر حول مركز قاضي التحقيق الأول، حين كُلف القاضي وائل صادق (سني) لهذا المنصب، وكان من المفترض تكليف القاضي فؤاد مراد لكونه الأعلى درجة، وبعد إرتفاع وتيرة الخلافات بين القضاة، إعتذر القاضي صادق عن تولّي هذا المنصب، فكُلّف القاضي بلال حلاوي (من الطائفة الشيعية) ولم يكلّف القاضي مراد الذي يستمر في خوض هذه المعركة حتى الآن، وتقدّم بطعن أمام شورى الدولة ورُد الطعن.  مع العلم أنّه في حال شغور منصب المدّعي العام التمييزي وعدم الإتفاق على إسم واحد، قد يتجه قضاة النيابة العامة التمييزية إلى تقسيم الملفات القضائية فيما بينهم ، حتى تعيين أو تكليف قاضٍ لتولي المنصب، وهذا لا ينفي إمكانية نشوب بعض المشاكل بين قضاة النيابة العامة التمييزية حول الملفات القضائية وطرق تقسيمها.

أما الأزمة التي ستظهر بعد تكليف القاضي الحجار فهي بتوقّف جلسات المجلس العدلي بشكل تامّ، حيث أنّ غياب الحجار عن المجلس العدلي لكونه بات مدعياً عاماً تمييزياً، سيعطل جلسات المجلس العدلي، خصوصاً أنّ المجلس العدلي متوقف منذ أسابيع بسبب الوعكة الصحية التي يعاني منها القاضي عفيف الحكيم، وأدت الى تغيّبه عن حضور الجلسات، لذلك تتوقع المصادر إستمرار هذا التعطيل، وتأجيل الجلسات إلى أشهر طويلة، إلى حين إيجاد الحلول لهذه المشاكل، كما أنّ المجلس التأديبي سيتوقف أيضاً ولن تصدر أي قرارات قضائية لأنّ القاضي الحجار هو رئيس المجلس التأديبي.
 فالقاضي الحجار هو رئيس محكمة التمييز الجزائية، والأعلى درجة بين القضاة في المجلس العدلي، وهو القاضي الذي أصدر قراراً بفصل النائب العامة الإستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، والأهم أنّه القاضي الذي قرّر تنحية القاضي فادي صوان عن ملف المرفأ، حين قررت محكمة  التمييز الجزائية برئاسة القاضي الحجار نقل ملف التحقيقات من القاضي فادي صوان إلى المحقّق العدلي طارق البيطار،  الذي كُفت يده لاحقاً بسبب دعاوى الرد ومخاصمة الدولة وتوقّف الملف عن المتابعة منذ عام 2019.

وبعد كلّ هذه التأكيدات القضائية بأنّ الحجار هو المدّعي العام التمييزي الذي سيخلف عويدات، أوضحت مراجع قضائية إمكانية إنقلاب المعطيات فجأة، ولا يمكن التأكّد إلّا في 22 شباط تحديداً.  

ولعل التساؤل الذي يُطرح ليل الثاني والعشرين من شباط المقبل، كيف ستكون ولاية الحجار (إن نجحت المساعي بتكليفه لتولّي هذه المهمة)، هل ستكون شبيهة بولاية القاضي غسان عويدات؟ وهل سيتجه الحجار إلى تحرير ملف المرفأ وإيجاد المخارج خصوصاً بعد إنتهاء ولاية عويدات؟ أم أنّه سيحاول قضاء ما تبقى له داخل القضاء اللبناني (تبقى له عامين قبل إحالته إلى التقاعد) دون الإقتراب من الملفات الحساسة؟ وهل سيكون القاضي سهيل عبود هو عرّاب المرحلة المقبلة وسيساعد القاضي الحجار لإحياء قضية المرفأ؟ 
مع الإشارة إلى أنّ أداء عبود خلال المرحلة السابقة كان بمثابة تهدئة الخلافات فقط، لكنه لم ينجح والمحيطين به من إعادة البيطار إلى الواجهة، فالقاضي حبيب رزق الله كُلّف للنظر بقضية الإدعاء على البيطار المرفوعة من القاضي غسان عويدات، وبعد أشهر طويلة طلب من عويدات أن يصحح الإدعاء، وخطوته هذه أحدثت جدلاً واسعاً. ومع إنتهاء ولاية عويدات خلال الأيام المقبلة، تتوقع المصادر تبدّل المسارات التي إعتمدت سابقاً، خصوصاً مع وصول القاضي الحجار إلى هذا المنصب. والأهم أنّ أداء القاضي الحجار سيكون محطّ إهتمام الرأي العام خصوصاً لناحية تعاطيه مع قضية المرفأ.