تصحيح ترقيعي للأجور
تصحيح ترقيعي للأجور
إستجابة لإضرابات القطاع العام، قرّر مجلس الوزراء إعطاء رواتب إضافية لموظفي القطاع العام والمتقاعدين. وككل تدابير الحكومات المتعاقبة منذ التسعينيات، التي أقرّت بدعاً كي لا تُصحح الأجور بما يوازي إرتفاع كلفة غلاء المعيشة.
في السابق كانت البدع تتعلق ببدل النقل، الذي يسدّد من خارج أساس الراتب، وبالتالي لا يدخل ضمن تصريح الضمان الإجتماعي وتعويض نهاية الخدمة. في الجلسة الأخيرة للحكومة ظهرت بدع جديدة، «بدل إنتاجية» و«بدل سائق»، كمن يستخف بعقول الموظفين، فيبحث عن إغراء للموظف كي يأتي إلى عمله. وذلك عوضاً عن إيجاد حلّ جذري لأزمة الأجور، على أنّها حقّ وليس منّة، وإعادة دور مؤسسات الدولة على أنّها خدمة عامة وليست مصدر هدر ونهب وفساد.
أعطى مجلس الوزراء 3 رواتب إضافية للموظفين ليصبح مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب، إضافةً إلى بدل نقل بقيمة 9 مليون ليرة لبنانية، بعد أن كان 5 ملايين ليرة، على ألّا تقلّ الزيادة عن 8 ملايين ليرة لبنانية، إضافة إلى بدل سائق للضباط المتقاعدين بقيمة 5 ملايين ليرة. شرط ألّا يزيد تراكم الراتب عن 30 مليون ليرة.
أما المتقاعدون، بإستثناء العسكر، سيتقاضون تعويض شهري مؤقت يساوي 3 أضعاف راتبهم التقاعدي، على ألّا تقلّ نسبة هذه الزيادة عن 8 مليون ليرة لبنانية كحد أدنى.
وسيتقاضى المتقاعدون العسكريون تعويضاً شهريّاً مؤقتاً إضافياً يوازي 3 أضعاف الراتب التقاعدي المُحتسب مع المُتمّمات المُحدّدة بموجب قرار وزير المالية، على ألّا تقل نسبة هذه الزيادة عن 8 مليون ليرة لبنانية كحد أدنى.كما حصل العسكريون على 12 مليون ليرة تدفع لمرة واحدة، كتعويض دفع لاحقاً بالتنسيق بين وزارة المال ومصرف لبنان.
الموظفون الإداريون حصلوا على راتبين إضافيين، ليصل مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب، فيما يحصل موظفو الإدارة على بدل حضور يوميّ بين 8 و16 صفيحة بنزين، بمعدل 14 يوم عمل شهرياً، كحدٍ أدنى، كما حصلوا على مكافأة مثابرة إذا أمنوا حضوراً شهرياً كاملاً، وسيتراوح هذا البدل بين 12 مليون ليرة و24 مليون ليرة حسب السُلَّم الوظيفي، أي بين 135 دولار و270 دولار، على سعر صرف 89 الف ليرة.
الزيادات المقرّرة هي بمفعول رجعي منذ الأول من كانون الأول 2023، وباتت كلفة الرواتب شهرياً 10 آلاف و700 ألف مليار ليرة، بكلفة إضافية تبلغ 2900 مليار ليرة لبنانية.
النقاش الذي دار حول قيمة الأجور، أنّها ستتراوح بين 400 و1200 دولاراً، الأمر الذي أغضب العسكريون المتقاعدون، الذين لم تشملهم هذه الزيادة، فيما ستتراوح رواتب العسكريين بين 160 دولاراً للعسكري و450 دولاراً للعميد. والجدير ذكره أنّ هذا الراتب غير ثابت، والتعويض المؤقت يمكن أن يتوقف بأي لحظة، في الوقت الذي لا خطط لدى الحكومة للعمل على سلسلة رتب ورواتب جديدة، توازي أرتفاع علاء المعيشة.
وراتب الـ 1200 دولاراً يشمل بدل النقل والمساعدات الأخرى، وستعطى إلى موظفي الفئة الأولى من مدراء عامين وهم الأقل عدداً من بين الموظفين، بحسب الكاتب الإقتصادي علي نور الدين، فيما الأغلبية من الموظفين هم من الفئة الرابعة والخامسة، الذين تبدأ رواتبهم بالـ 400 دولار.
يربط نور الدين بين راتب موظف القطاع العام ودوام العمل في الإدارة العامة، إذ لا يمكن إلزام الموظف الحضور يومياً فيما راتبه لا يسدّد بدل المواصلات، لذلك حُصر العمل بيومين وثلاث. كما أنّ أزمة إغلاق المؤسسات العامة تعالج بمفردها، أما أزمة الرواتب غير العادلة، فمن الضروري معالجتها، لأنّه هناك فئة إجتماعية لا يمكنها الإستمرار بهذه الرواتب.
اللافت في زيادة الرواتب، أنّها حصلت بعد إقرار الموازنة العامة، حيث كان من المفترض أن تُبَت ضمن بنودها، وفرز إعتمادات لها، أما الزيادة المتأخرة، يعزوها نور الدين إلى الضغط الذي مورس على الحكومة بفعل إعتراض موظفي الإدارات العامة على الإمتيازات والزيادات الخاصة التي حصل عليها موظفو وزارة المالية فقط، وبعد أن ألغت الحكومة هذه الإمتيازات، أضرب موظفو المالية، وتوقف العمل فيها، مما أدى إلى توقّف الإيرادات عن الدولة كلياً. ويصف نور الدين تصحيح الأجور بالخجول، ولا يصل الى مستوى تعويض خسارة قيمة الراتب نسبة لسعر الصرف منذ عام 2019.
لتمويل هذه الزيادات لن يطُبع المزيد من الليرات، فالرواتب لا تدفع بالليرة أصلاً ولم تعد الدولة تقترض من مصرف لبنان بالليرة أو بالدولار، إذ هناك إتفاق مع حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري أن تحوّل الرواتب إليه بالليرة، وبدوره يحولها المصرف المركزي إلى الدولار، فيما يشتري منصوري الدولار من السوق،و كانت تجري هذه العملية عبر صيرفة في عهد رياض سلامة، وقد ألغى منصوري منصة صيرفة، وأبقى العمل على رواتب القطاع العام.