من 1978 إلى 2000.. عيد التحرير للجميع
من 1978 إلى 2000.. عيد التحرير للجميع
فرحة تحرير الجنوب عام 2000، بعد 22 عاماً من الإحتلال، وأتى نتيجة سنوات من قتال الاحتلال، شاركت فيها أطراف يسارية وقومية وإسلامية، ورغم محاولات البعض إحتكار النصر، يبقى التاريخ شاهداً عما حدث منذ عام 1978 حتى التحرير عام 2000.
يوم 11 آذار 1978، قامت مجموعة من حركة فتح بقيادة دلال المغربي بعملية «كمال عدوان»، حيث تسللت من الجنوب اللبناني إلى الجانب الفلسطيني المحتلّ، واختطفت حافلتين تقلان إسرائيليين. وبعد مطاردة مع الجيش الإسرائيلي، قتل الإحتلال أعضاء المجموعة، وأدت العملية إلى قتل 37 إسرائيلياً وجرح 76 آخرين.
تحججت إسرائيل بهذه العملية، لتعلن في 14 آذار، بدء «عملية الليطاني»، وإجتاحت جنوب لبنان، بحجة حماية منطقتها الشمالية من عمليات منظمة التحرير الفلسطينية. إستمرت العملية 7 أيام، وأدت إلى إستشهاد قرابة الـ 1500 شخص، ونزوح حوالي 400 ألف جنوبي إلى بيروت وضواحيها، وتدمير 2500 وحدة سكانية، وإحراق أكثر من 150 ألف شجرة، وإجتياح مساحة 1100 كلم2 من الأراضي اللبنانية.
بعد 5 أيام على العملية، طالبت الأمم المتحدة من إسرائيل وقف عملها العسكري ضدّ لبنان والإنسحاب الفوري من جنوب لبنان، بناءً على القرار 425، الذي صدر بعد إجتماع مجلس الأمن بناءً على طلب لبنان، وقررت إرسال طوارئ دولية إلى لبنان، داعيةً إلى إحترام وحدة وسيادة الأراضي اللبنانية، وإستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً.
إنسحبت القوات الإسرائيلية إلى منطقة الشريط الحدودي بمساحة 700 كلم2، وضُمّت 46 مدينة وبلدة تحت سيطرة جيش لبنان الجنوبي بقيادة سعد حدّاد، وعند وفاته عُين مكانه الرائد أنطوان لحد. بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في حزيران 1982، توسع هذا الشريط ليمتد على مساحة نحو 900 كلم ويضم 165 بلدة.
في 3 حزيران 1982، فشلت محاولة المقاومة الفلسطينية باغتيال سفير إسرائيل في لندن شلومو أرغوف، وكانت هذه ذريعة الإسرائيلي لاجتياح بيروت، رغم توفّر معلومات لقيادات منظمة التحرير الفلسطينية قبل نحو عام، عن اعتزام إسرائيل شنَّ هجوم حاسم على الأراضي اللبنانية.
وفي السادس من حزيران 1982، أعلن الإحتلال عن شن عملية «سلام الجليل»، لتجتاح قواته الجنوب اللبناني وتصل إلى العاصمة بيروت، وحاصرتها من البرّ والبحر والجو لمدة شهرين. وكان الهدف الإسرائيلي دفع الفصائل الفلسطينية إلى ما وراء «نهر الزهراني»، بغية توفير الأمن لمستوطنات الجليل.
على إثرها غادرت منظمة التحرير الفلسطينية لبنان، وتوجّه رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة ياسر عرفات، برفقة 11 ألف مقاتل فلسطيني إلى تونس. وفي 17 و18 أيلول نفذ الاحتلال ومجموعات لبنانية، مجزرة في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين، ذهب ضحيتها 1500 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، فيما فرض الجيش الإسرائيلي حصاراً على المخيمين. ومع نهاية عام 1982، أفادت الأرقام عن استشهاد حوالي 20 ألف شخص جراء الإجتياح، ووقوع قرابة الـ 30 الف جريح.
توالت عمليات الجبهة، من عملية محطة أيوب في 22 أيلول، إلى عملية كورنيش المزرعة في 23 أيلول، وعملية الويمبي التي نفذها خالد علوان وكانت بداية مشاركة الحزب السوري القومي الإجتماعي في المقاومة، وعملية عائشة بكار في 25 أيلول، ومواجهة أخرى في كورنيش المزرعة في 25 أيلول، وفي اليوم نفسه نُفذت عملية الكونكورد والجناح. وفي 26 أيلول، أعلن الجيش الإسرائيلي إنسحابه من بيروت، مناشداً عدم التعرض له، قائلاً في بيان له: «يا أهالي بيروت، لا تطلقوا النار على جيش الدفاع الإسرائيلي، نحن منسحبون من بيروت».
لعبت أطراف أخرى دوراً مسانداً للمقاومين، حيث ساهم الحزب التقدمي الاشتراكي بتأمين السلاح والتدريبات ومراكز الإختباء في بيروت، فيما حصلت مواجهات بينه وبين جيش الاحتلال لمنعه من الدخول الى مناطق الجبل.
لم تنتهِ الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ففي 5 كانون الثاني 1984، غارة إسرائيلية على بعلبك أوقعت 100 شهيد، وفي حزيران 1985، إنسحب الجيش الإسرائيلي إلى منطقة «الشريط الحدودي»، والذي مساحته قد قاربت الـ 850 كلم.
في 16 شباط 1992، اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله السيّد عباس الموسوي في غارة على جنوب لبنان. وعلى إثر عمليات للمقاومة الإسلامية ومجموعات فلسطينية، بدأت إسرائيل عملية «يوم الحساب»في جنوب لبنان، التي امتدت بين 25 و31 تموز 1993، وأدت عملية هذه إلى مقتل 132 شخصاً معظمهم من المدنيين اللبنانيين، وكانت رداً على صواريخ حزب الله تجاه المستوطنات الشمالية.
بوادر التحرير بدأ بحركة رمزية في شباط 1999، يوم توجه أهالي قرية أرنون وطلاب الجامعات إلى السياج الشائك، الذي وضعه الإحتلال لضم بلدة القرية إلى الأراضي المحتلة، وأزالوه من مكانه، تحت أعين الكاميرات، وبعد شهر وعد المرشح لرئاسة الحكومة إيهودا باراك، بالانسحاب من جنوب لبنان خلال عام في حال فوزه.
في 24 أيار 2000، سمع الأسرى في معتقل الخيام أصوات الناس قادمة إليهم، وكانوا يومها قد منعوا من لقاء زملائهم أو الخروج إلى الباحة. عرفوا أنّ شيئاً ما يحدث. ولم تتوقّف العمليات ضدّ الاحتلال، فخرجت أولاً من بيروت، وتباعاً خرجت من جبل لبنان وصيدا وجزين والنبطية، حتى تحرّر الشريط الحدودي. وكان العسكري الإسرائيلي بيني غانتس آخر المنسحبين، مغلقاً وراءه البوابة عند الحدود مع فلسطين المحتلة، وهو اليوم رئيس هيئة الأركان العامة العشرين للجيش الإسرائيلي، الذي يقوم بحرب الإبادةٍ على قطاع غزة.
وأعلن 25 أيار 2000 عيد التحرير رسمياً، مع زيارة رئيس الحكومة السابق سليم الحص للجنوب المحرر في ذاك اليوم.