قاضٍ يتحرش بقاضيات: ما حقيقة هذه القضية؟
قاضٍ يتحرش بقاضيات: ما حقيقة هذه القضية؟
في خطوة قضائية تشكل خطراً واضحاً على الجسم الصحافي والإعلامي في لبنان، نظراً لما تحمله من تداعيات خطيرة على حرية الصحافة في لبنان وعلى حقوق الصحافيين في حماية مصادر معلوماتهم.
وكانت منصة «صوت بيروت»، قد نشرت منذ أيام تقريراً ذكر في مضمونه معلومة تفيد بأنّ أحد القضاة الإداريين في قصر عدل بيروت يتحرش ببعض القاضيات أثناء دوام العمل. ومضمون المقال أثار إستياء الجسم القضائي في لبنان، وأثار حالة كبيرة من الإمتعاض لدى مجموعة كبيرة من القضاة، ولهذا، قرّر المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار التدخّل في هذا الأمر، ووضع النقاط على الحروف، للتأكّد من هذه المعلومات وفتح تحقيقات موسّعة بهدف الوصول إلى أسماء القاضيات اللواتي صرحن بهذا الأمر، ومعرفة عما إذا كان هذا الأمر إفتراء وإهانة للقضاء اللبناني، أو أنّها قضية حقيقية جرت داخل أروقة العدلية خلال مزاولة القاضيات عملهن.
لكن الحجار لم يكتفِ بهذا القدر، بل أصرّ على معرفة مصدر هذه المعلومة التي سُربت، والتأكّد من صحتها، بالتزامن مع تقديم أحد القضاة إخباراً في حق المنصة، متهماً إياها بالإفتراء على الجسم القضائي وإهانة القضاة بهذه التهمة التي لا أساس لها، فطلب الحجار إستجواب الصحافية بنفسه، وحقق معها اليوم لساعات طويلة، فتراجعت عن مضمون الخبر، ولكن اللافت في خطوة الحجار تلك، أنّه أجبرها على تسليم هاتفها الخلوي، لتفريغ مضمونه!
وخطورة هذه الخطوة، أنّها تهديد واضح للجسم الصحافي في لبنان وانتهاكاً للخصوصية، بصرف النظر عما إذا كانت هذه المعلومة صحيحة أم لا، إذ لا يحقّ تفريغ هواتف الصحافيين والإطّلاع على رسائلهم الخاصة ومعرفة مصادر معلوماتهم، نظراً لوجود رسائل وإتصالات أو صور خاصة تعود لصاحب الهاتف، ومن حقه ألا يرغب بأن يتم الإطلاع عليها لأي سبب كان.
وإن أردنا تفسير «حرص» الحجار على القضاء، واهتمامه في هذه القضية، فما الذي سيفعله إن ثبت له بعد تفريغ الهاتف أنّ إحدى القاضيات هي التي سربت هذا الأمر للصحافة؟ ما الإجراء الذي سيتخذه في حقّ القاضي المتهم إذا ثبت الأمر؟ وكيف سيتم إثبات هذا الأمر قضائياً؟ ومن جهة أخرى، إنّ ثبت للحجار أنّ أحد المصادر الموثوقة هو الذي سرّب الخبر للصحافية لأهداف أخرى، فما الإجراء الذي سيتخذه الحجار؟ مع العلم أنّ المنصة إعتذرت عن مضمون الخبر وتراجعت عنه.