أزمة عميقة في إسرائيل: إغتيال هنية يشعل إنهيار الشيكل وتصاعد خطر الحرب الإقليمية

أزمة عميقة في إسرائيل: إغتيال هنية يشعل إنهيار الشيكل وتصاعد خطر الحرب الإقليمية

  • ٣١ تموز ٢٠٢٤
  • ريمي يونس

فيما كان العالم يراقب توترات الشرق الأوسط بقلق، جاء اغتيال إسماعيل هنية، قائد حركة حماس، كقنبلة موقوتة فجرت سكون المنطقة وأشعلت أزمة غير مسبوقة. هذا الحدث لم يكن مجرد هجوم عسكري، بل شكل نقطة .تحول مروعة أثرت بشكل عميق على الاقتصاد الإسرائيلي

أسواق المال، التي شهدت في السابق اضطرابات عابرة، شهدت الآن انهيارًا حادًا لم يسبق له مثيل. الشيكل، العملة التي كانت في أوج قوتها، فقدت جزءًا كبيرًا من قيمتها في فترة قصيرة لتصبح العملة الأسوأ اليوم، مما يثير تساؤلات حول قدرة إسرائيل على مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تتصاعد بشكل متسارع. في هذا السياق، يبدو أنّ إسرائيل تواجه أزمة متعددة الأبعاد تهدد بزعزعة استقرارها الاقتصادي والسياسي، بينما يسود الغموض حول مستقبلها في خضم هذا التصعيد.

 

الأثر الاقتصادي الفوري

في الساعات التي تلت اغتيال هنية، شهدت الأسواق المالية الإسرائيلية إنهيارًا حادًا. مؤشر تل أبيب 35، الذي يعكس أداء أبرز الشركات الإسرائيلية، هبط بنسبة 6.7% في يوم واحد، وهو أكبر إنخفاض يومي منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وفقًا لتقرير صادر عن وكالة بلومبرغ. كما تراجعت قيمة الشيكل بنسبة 8% مقابل الدولار الأمريكي، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2002، كما أفادت وكالة رويترز في تقريرها. هذه الإنخفاضات السريعة تعكس حالة الذعر التي اجتاحت المستثمرين، الذين اتجهوا نحو ملاذات آمنة مثل الذهب والدولار، مما زاد من الضغط على العملة الوطنية، وفقًا لمجلة فوربس.

 

تصاعد التوترات الجيوسياسية

التوترات لم تقتصر على الأسواق المالية، بل انتقلت إلى الساحة العسكرية، حيث تصاعدت الهجمات بين إسرائيل وحماس بشكل كبير. تقارير من «مركز الأبحاث الاستراتيجية والدولية» تفيد بأنّ الهجمات الصاروخية ارتفعت بنسبة 50% بعد الإغتيال، مما أدى إلى مقتل 12 مدنيًا إسرائيليًا وتدمير العديد من المنشآت. الدراسة الاستراتيجية من «معهد الشرق الأوسط» تشير إلى أنّ إحتمال حدوث صراع إقليمي واسع النطاق إرتفع بنسبة 40% نتيجة لهذا التصعيد.

 

تحليلات اقتصادية ودراسات

تشير الدراسات الاقتصادية إلى أنّ تأثير هذا التصعيد سيطال جوانب متعددة من الإقتصاد الإسرائيلي. وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي، من المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة 3% خلال العام المقبل بسبب الأزمات الأمنية والاقتصادية المتصاعدة. القطاع السياحي، الذي يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، قد يشهد تراجعًا بنسبة 20% بسبب المخاوف الأمنية، كما ذكرت منظمة السياحة العالمية. كما يُتوقع أن يرتفع معدل التضخم إلى 2.5%، مما سيزيد من الضغوط الاقتصادية على المواطنين، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي.

 

 

تأثيرات على الشركات الإسرائيلية

الشركات الكبرى في إسرائيل لم تكن بمنأى عن تأثيرات الأزمة. شركة «تيفا» للصناعات الدوائية أعلنت عن خسائر تتجاوز 1.5 مليار دولار نتيجة لانخفاض قيمة الشيكل وتراجع الطلب على منتجاتها، كما أورد تقرير الشركة السنوي. الشركات التكنولوجية الناشئة، التي كانت تشكل جزءاً كبيراً من النمو الاقتصادي، تواجه الآن صعوبات كبيرة، حيث أوقفت العديد منها مشاريع التوسع بسبب حالة عدم اليقين، وفقًا لتقرير «تشامبر اوف كوميرس».

 

توقعات مستقبلية

تستمر الضغوط الاقتصادية على إسرائيل في التصاعد، مع توقعات بأن تكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي. تقرير من «وكالة التصنيف الائتماني» يشير إلى إحتمال خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو، مما قد يزيد من تكلفة الاقتراض. الحكومة الإسرائيلية قد تجد نفسها مضطرة لتطبيق إجراءات تقشفية صارمة لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، بينما تظل الأسواق المالية متقلبة.

في خضم هذا الحراك المتسارع والتوترات المتصاعدة، يبرز السؤال الأهم: هل ستنجح إسرائيل في تجاوز العاصفة أم ستغرق في دوامة من الأزمات المتفاقمة؟ إغتيال إسماعيل هنية لم يكن مجرد ضربة عسكرية؛ بل كان شرارة أشعلت فتيل أزمة اقتصادية وجيوسياسية عميقة، تهدد بتفجير استقرار إسرائيل من الداخل. انهيار الشيكل، تزايد المخاوف من تصعيد الحرب، وتأثيرات الأزمة على الشركات الكبرى، كلها مؤشرات على أنّ إسرائيل قد تدخل في فترة من الفوضى لم تشهدها من قبل. إنّ التحديات المقبلة ستحدد مصير البلاد، في اختبار حقيقي لمرونتها وقدرتها على مواجهة أزمات متعددة في آن واحد.الأيام القادمة ستكون محورًا لصراع حقيقي، حيث يترقب العالم بقلق تأثيرات بعيدة المدى، ويشكل إختبارًا حقيقيًا لقوة وصمود إسرائيل في مواجهة أحد أصعب الأوقات التي مرت بها.