إسرائيل واستعادة الهيبة

إسرائيل واستعادة الهيبة

  • ٠٢ آب ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

الداخل الإسرائيلي المتزعزع، منذ بدء حرب طوفان الاقصى، تنزلق فيه الأمور إلى الأسوأ يوماً بعد يوم. الأحداثا الأخيرة في إسرائيل، وما تتناوله الصحافة الإسرائيلية عن رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو، تطرح السؤال حول استعادة إسرائيل هيبتها العسكرية أمام الداخل!

تمّثل أحداث اليومين الماضيين مستوىً جديدًا من التدهور على الجبهة الداخلية، بعد ١٠ أشهر عاصفة في قطاع غزة، وعلى طول الحدود اللبنانية. 
وبالنسبة للعديد من الإسرائيليين، فإنّ اقتحام المتظاهرين العنيف لقاعدتين عسكريتين، بمشاركة فعالة من أعضاء رئيسيين في الإئتلاف الحكومي وتجاهل شبه تامٍ من نتنياهو، يثير القلق، على نطاق لم تشهده البلاد منذ مذبحة حماس في 7 أكتوبر. ففي الأيام الأخيرة، اعتدى مستوطنون على جنود الجيش الإسرائيلي الذين يحمونهم في الضفة الغربية، وأكثر من ألفي عنصر من نشطاء الليكود والصهيونية الدينية هاجموا ثلاث قواعد عسكرية، واعتدوا  على الجنود برفقة وزراء ونواب، بحجة الدفاع عن جنود متهمين باغتصاب أسرى فلسطينيين.
إلى ذلك، تحاول إسرائيل استعادة هيبتها المهدورة، فانتهزت فرصة التراخي الأمني في الضاحية وفي طهران، وقامت بضرب واجهتين أساسيتين لحزب الله وحماس توازياً في ليلة واحدة، وبعد إغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية، وإعلان موت محمد ضيف اليوم، فقد كسر نتنياهو قواعد نوعياً وجغرافياً وعسكرياً، قد تستعيد الترابط الداخلي نوع ما على الرغم من الأحداث الأخيرة. 

رأي الصحف الإسرائيلية

وبالإطّلاع إلى الصحافة الإسرائيلية، الموالية والمعارضة لحكومة نتنياهو، يرى المحلّلون في إسرائيل، أنّ هذه الضربة الإسرائيلية تضعهم في تحدّ مباشر مع إيران؟ 
اشارت صحيفة هآرتس إلى أنّه بات كلّ من «السنوار» و«نصرالله»، لوحدهما في قلب العاصفة والقيادة، ما سيصعّب على إيران، عدم الرد في حالة كهذه، حيث ينتظر الوسط الإسرائيلي، بينما يبرّر اليمين الإسرائيلي أنّ إغتيال هنية، سيسرّع في إبرام الصفقة. 
مع العلم، أنّ ضربة إسرائيل هي بمثابة إهانة كبرى لطهران، إذ أنّ استهداف هنية بعد مشاركته في مراسيم إحتفالية إيرانية، يعني أنّ إيران مخروقة أمنياً. وفي طبيعة الحال، الرد الإيراني آتٍ لا محالة، بحسب الصحف الإسرائيلية، فهل يهدأ الداخل مترقّباً باعتبار أنّ إسرائيل استعادت هيبتها؟ 

إعادة الهيبة وسط التناقضات؟ 

برأي الباحث هشام ديبسي، يمكن القول إنّ التناقضات في المجتمع الإسرائيلي التي يعبّر عنها المستوى السياسي بمختلف أطيافه وتياراته في إسرائيل، ليست مؤثّرة على الموقف من الجيش الإسرائيلي، خاصة أنّه «قدس الاقداس» بالنسبة لهم، وتُعتبر إسرائيل أنّها «جيش له دولة»، كما أنّه بحسب تقييمات داخلية، حق الدفاع عن الشعب اليهودي هو الشيء الأساسي الذي تبنى عليه علاقة الجيش مع المجتمع، على الرغم مما شاهدناه مؤخّرا من عدم إنضباط الحريريم بقرار التجنيد. 
في هذا الخصوص، يمكن القول أيضاً أنّ هذه التناقضات التي تبرز مع اتجاهات دينية متطرّفة، لا يمكن أن تهزّ البنية الإسرائيلية على الصعيد الأمني العسكري والسياسي. ويلفت ديبسي في هذا الإطار، إلى أنّ التحدي الذي يواجه إسرائيل، ليس إعادة الهيبة العسكرية أمام الداخل بل إعادته على مستوى الشرق الأوسط. 

رهان نتنياهو

على هذا الخط، يرى ديبسي أنّ نتنياهو ومن خلفه أي الحكومة الإسرائيلية، استطاعت أن تجمع كل المعطيات الإقليمية التي تساعدها على الإستمرار بالحرب، من خلال سيولة وميوعة في الصراع الإنتخابي الأميركي. 
والافات، من خلال وجوده في واشنطن، أن يطلق يديه من الكونغرس، من دون أي اعتراض حقيقي لا من البيت الأبيض ولا من البنتاغون.
فقلب الطاولة، وأعاد توزيع الأوراق من خلال عمليات الإغتيالات المتزامنة، في طهران  والضاحية الجنوبية. وهذا ما  يؤكّد مواقف نتنياهو التي هي من الأساس تعكس أنّه لا يريد إبرام صفقة. 
وأكثر من ذلك، يستفيد من الأصوات التي تدعوه للحرب الشاملة ضد حزب الله في لبنان، حتى يجعل الموقف الدولي  يلهث وراءه من أجل ضبط هذا الاندفاع وإعادة إدارة اللعبة السياسية الدموية التي تحصل في غزة، والضفة الغربية ولبنان.  

أخيراً، وبالعودة إلى الأمور الداخلية في إسرائيل، سواءً المتعلّقة بالمستوطنين، الحريديم أو من يريدون تجاوز الخطوط السياسية والأمنية، تبقى قابلة للضبط الداخلي، وقابلة لإدارة هذا الصراع تحت سقف محدّد، فلا يعتقد ديبسي أنّ هذه التناقضات مؤثّرة على مسار الأحداث المتجهة نحو التصعيد.