1.2 مليار مشاهدة لأخبار مفبركة بطلها ترامب وصاحبها ماسك

1.2 مليار مشاهدة لأخبار مفبركة بطلها ترامب وصاحبها ماسك

  • ١١ آب ٢٠٢٤
  • ريمي يونس

لا تنقضّ المعلومات المُضلّلة على الانتخابات ونزاهتها فحسب، بل أيضا تضرب الأسواق المالية وتترك تداعياتها على الاقتصاد

لا يتوقف تأثير الملياردير الأميركي إيلون ماسك عند حدود التكنولوجيا والسياسة فحسب، بل يمتد أيضًا إلى الاقتصاد والأسواق المالية. تأثير ماسك، مالك منصَّة "أكس"، ورائد الأعمال الشهير، يتجلى في دعمه الواضح لدونالد ترامب الذي يخوض معركة إنتخابية حامية في وجه الديمقراطية كامالا هاريس. ينشر ماسك معلومات مضللة حول الانتخابات الأميركية عبر مشاهد ومقاطع ومنشورت، تحصد أكثر من 1.2 مليار مشاهدة. هذه الحملة الإعلامية لم تقتصر على تهديد النزاهة الديمقراطية، بل كان لها أيضًا انعكاسات اقتصادية كبيرة، حيث أثرت على الأسواق المالية والشركات. بينما نناقش الأثر العميق لهذه المنشورات على الثقة في النظام الديمقراطي، من الضروري أيضًا فهم تأثيرها الواسع على الاقتصاد العالمي.

دعم ترامب ونشر المعلومات المضللة
لطالما كان إيلون ماسك معبرًا عن دعمه لدونالد ترامب، وهو ما لم يكن مستغربًا بالنظر إلى العلاقة القوية بين ماسك وترامب في السنوات الأخيرة. دعم ماسك لترامب تجسد في عدة مناسبات، منها منشوراته عبر "أكس" التي دعمت سياسات ترامب وعبرت عن تقدير ماسك لكل ما يقوله ترامب. لكن تأثير هذا الدعم تجاوز التصريحات الشخصية ليصل إلى نشر معلومات مضللة حول الانتخابات الأميركية، وهو ما يثير القلق حول مدى تأثيره على نزاهة الانتخابات، وإليكم هذه الأمثلة:

في ديسمبر 2023، نشر ماسك سلسلة من التغريدات التي زعمت وجود تلاعب واسع النطاق في الانتخابات الأميركية. تقرير من "News Guard" أشار إلى أن هذه المنشورات حصلت على أكثر من 1.2 مليار مشاهدة، مما يعكس حجم التأثير الذي يمكن أن تحدثه المعلومات المضللة. "The Washington Post" أكدت أن هذه المنشورات شملت مزاعم غير مدعومة بأدلة قوية، مثل ادعاءات "وجود عمليات تزوير ضخمة"، التي حققت وحدها حوالي 300 مليون مشاهدة في فترة زمنية قصيرة.

الأثر على الثقة في النظام الديمقراطي
تأثير المعلومات المضللة لا يقتصر على نشر الشكوك فقط، بل يمتد إلى إضعاف الثقة في النظام الديمقراطي نفسه. دراسة أجراها "Pew Research Center" خلصت إلى أنَّ الأفراد الذين تعرضوا للمعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانوا أكثر عرضة للشك في نزاهة العملية الانتخابية بنسبة تصل إلى 40%. الدراسة أظهرت أيضًا أن نسبة المشاركة في الانتخابات انخفضت بنسبة 15% في بعض المناطق التي تأثرت بهذه المعلومات، مما يشير إلى تأثير كبير على العملية الديمقراطية وتراجع المواطنين عن واجبهم الانتخابي من جرَّاء التضليل الإعلامي.

الدراسة التي أجراها "Center for Countering Digital Hate" أظهرت أن المعلومات المضللة حول الانتخابات تساهم في تعزيز الانقسامات السياسية، حيث يزيد الاستقطاب السياسي بنسبة تصل إلى 25% في المناطق المتأثرة. هذا الاستقطاب لا يؤدي فقط إلى تفاقم التوترات الاجتماعية، بل يهدد أيضًا استقرار النظام الديمقراطي.

التأثير على الأسواق المالية
يتجاوز التأثير الملموس للمعلومات المُضلّلة، نطاق السياسة ليصل إلى الأسواق المالية. تقارير من "Bloomberg" و"Financial Times"، تشير إلى أن الأزمات السياسية والأخبار المضللة حول الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى تقلبات غير متوقعة في الأسواق المالية. في أعقاب الحملات الإعلامية المشابهة، شهدت الأسواق انخفاضًا كبيرًا في الثقة، مما أدى إلى تقلبات في أسعار الأسهم والعملات. على سبيل المثال، بعد نشر معلومات مضللة عن الانتخابات، شهدت الأسهم الأميركية انخفاضًا حادًا بنسبة 5% في الأسبوع الأول، وفقًا لتقارير "MarketWatch".

دراسة أخرى من "Harvard Business Review" أوضحت أن الأزمات السياسية والمعلومات المضللة تؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار الاقتصادي وتؤثر على استراتيجيات الاستثمار. فالشركات التي تتطالها أزمات ثقة تنخفض قيمة أسهمها وترتفع كلفة تمويلها، مما يعكس التأثير الاقتصادي الواسع للمعلومات المضللة.

التحديات والرقابة
الرقابة على المحتوى المضلل على وسائل التواصل الاجتماعي تواجه تحديات كبيرة. تقرير من "Digital Media Analytics"، أشار إلى أن حوالي 80% من الأخبار المضللة المتعلقة بالانتخابات لا يتم الإبلاغ عنها أو معالجتها كما يجب. هذا الأمر يظهر نقصًا كبيرًا في القدرة على التعامل مع المعلومات المغلوطة، ويشير إلى الحاجة الملحة لتحسين آليات الرقابة وتطبيق قوانين أكثر صرامة لمكافحة المعلومات المضللة.

"Shoshana Zuboff"، مؤلفة كتاب "عصر المراقبة"، دعت إلى اتخاذ إجراءات تشريعية أكثر قوة لمواجهة تأثير المعلومات المضللة. زوبوف أكدت أن التشريعات الحالية لا تواكب التغيّرات السريعة في مجال المعلومات، مما يستدعي تطوير قوانين جديدة لضمان الشفافية وحماية نزاهة الانتخابات.


في المحصّلة، إنَّ المعلومات المضللة ليست مجرد مسألة رأي عام، بل قضية حيوية تمس جوهر الديمقراطية نفسها وتؤثر بشكل كبير على الأسواق المالية. إن الاستجابة لهذه التحديات تتطلب تحركًا سريعًا وفعالًا من المشرّعين وصناع السياسات لضمان نزاهة الانتخابات واستقرار الأسواق المالية، وفيما تتحرك برلمانات حول العالم للحد من التضليل الإعلامي ومواجهة حرب البيانات إلا أن ذلك الأمر لايزال صعب المنال، لاسيما مع النفوذ المالي والإعلامي الكبير لأشهر الوجوه "المُضللة" وأقواها!