عاصفة ما قبل الخازوق!

عاصفة ما قبل الخازوق!

  • ٢٠ آب ٢٠٢٤
  • جورج طوق

بين ضوء أحمر يدل على «كعب الخزان» المعطل وشعر الوزير «الشببلكي» المُصفف، أربعة ملايين مواطن في عتمة دامسة.

على عكس الجِدالات اللبنانيّة، أو البيزنطيّة سابقًا، حَسم مُدمنو الفساد والدماء، أو الساسة سابقًا، الجدل، حول السابق واللاحق، بين العاصفة والهدوء. العاصفة، هنا، تسبق الهدوء بكثـــــير. فالأخير، إن وصل، سيكون، حتمًا، آخـــــر الواصلين. جدلٌ آخرُ محسوم: العاصفة تسبق الخازوق. حتّى المجازيّة منها يليها خازوقٌ فعليّ. وعلى عكس المستنقع النظريّ والفلسفيّ المحيط بسباق البيضة والدجاجة، حُسم الأمر، لبنانيًّا، بالتجربة العمليّة والطويلة مع نظام البؤس هذا. ولشحّ حظّنا ووعينا، نحن اللبنانيّون، بتنا نتنعّم بوفرةٍ في الخوازيقَ والعواصف.
 

«الضوء الأحمر وإبرة الوقود»

منذ أيّام، صدف أن نفذ الوقود في معامل الكهرباء دون أن يتنبّه أحدٌ للأمر. موشّر «الضو الأحمر»، الذي يدلّ على «كعب الخزّان»، معطّلٌ دون أدنى شكّ. فالوزير الذي لم يجد وقتًا لقصّ شعره «الشببلكي» خارج وزارته، لا يمكن أن يغفل إبرة المؤشر. وجد كلّ الوقت للسمر والسُمرة، و«انْزَرك» في موعد الحلّاق. العتمة الشاملة فوق رؤوس أربعة ملايين مواطنة ومواطن، ليست ملحّة بقدر تسريحةٍ شعثاء فوق رأس وزيرٍ أرعن. لا أحد يعرف بما هؤلاء مشغولون، فهُم «لا شغلِة ولا عَملِة» أصلًا، وكلّ ما عليهم فعله هو مراقبةُ إبرة الخزّان، وتسوّلُ الوقود قبل فوات الأوان. بعد عاصفة نفاذ الوقود، أتت مكرمة الجزائر. مكرمةٌ لا بدّ أن يتخلّلها خازوق، وإن كان، حتّى الساعة، غير مرئيّ. التجربة تقول: اقترب الخازوق. في الحالات الملحّة، ليست المستندات والمراقبة والإجراءات والأصول والشفافيّة أولويّة. أوراق أقلّ، منفعة أكثر. والمنفعة، في قاموس «الحراميّة» هؤلاء، هي، دائمًا، خازوقٌ باتر. تلك هي القاعدة لا الإستثناء. منذ أكثر من ثلاثة عقود، لم يحصل أن نفذ الوقود في معامل النهب الكهربائيّة، إلّا وتلاه خازوقٌ في نوعيّة الوقود وشراسة سعره وهويّة مستورديه وسارقيه.
 

«ألف صدفة وصدفة»

يُقال أن سلسة طويلة من الصُدف، يستحيل أن تأتي صُدفة. وسلسلة العواصف التي تسبق المصائب، في لبنان، ليست صدفة. الفاسد والمجرم والتواق إلى السلطة يرى في حالة الطوارئ جنّةً للأداء السياسيّ الخبيث. عاصفة طوابير محطّات الوقود الأخيرة، رغم غياب أيّ حصارٍ أو تبريرٍ حقيقيّ، تلاها احتساب أسعار كامل منتجات كارتيل النفط، وحماية مداخيلها، وفقًا لقيمة الدولار الحقيقيّة. فبعد معاناةٍ من شهرين، مع خراطيم المحطات، لم يأبه أحدٌ، حينها، على خشونة الخازوق الذي حكموا علينا به. عاصفة التقنين التي ضربت تغذية كارتيل المولّدات الخاصة، صانت لهم قيمة دولارات عدّاداتهم. حصل الأمر نفسه مع كارتيل الأدوية والمستلزمات الطبيّة. السقيم الذي لا يجد دواءه، لا يسأل عن سعر صرف عملة استيراده. ولولا عاصفة ٧ أيّار، ما كان خازوق اتّفاق الدوحة ليحظى بهذا الرضى. حتّى عواصف طقس لبنان المعتدل تبشّرنا، دائمًا، بقدوم خوازيق الطرقات العائمة والجدران والأبنية المنهارة فوق رؤوس ساكنيها.