الشرق الأوسط الجديد … لبنان في قلب التحولات الحاسمة!

الشرق الأوسط الجديد … لبنان في قلب التحولات الحاسمة!

  • ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

الشرق الأوسط الجديد عبارة ليست وليدة اليوم، بدأت ترتسم ملامحها ما قبل الحرب العالمية الأولى بقرون عندما أراد الغرب التخلّص من اليهود على أراضيه.

  1. لا يمكن فصل عبارة إسرائيل عن الشرق الأوسط الجديد، إذ إنّ استغلالاً لمشروع أرض إسرائيل، تعمل الدول الغربية جاهدة لتغيير خريطة الشرق الأوسط وفقاً لمصالح ومعايير كثيرة، فالسياسة .الخارجية تبنى على «متغيّرات»، لتلعب ببقعة أصابتها لعنة الجغرافيا، تلك البقعة هي بعيون الدول الكبرى، «دويلات» عربية صغيرة 
في كتابه «المفاوضات السرّية بين العرب وإسرائيل»  تناول محمد حسنين هيكل قضية فلسطين، وعرض بداية التاريخ لهذا الصراع.  ويذكر أنّ وعد «بلفور» لم يكن وليد تلك اللحظة، بل سبقه وعد نابليون بونابرت نتيجة عمل مشترك بين الساسة الأوروبيين ويهود أوروبا. فقد بدأ الشرق الأوسط يتعرّض لتغيير كبير منذ محاولات نابليون عام 1799 وحتى صدور الوعد المشؤوم عام 1917، وعد «بلفور». 
فجذور هذا المشروع بدأت منذ عام 1916، عندما قررت كل من بَريطانيا وفرنسا تقسيم إرث الدولة العثمانية، أو ما سمي آنذاك «الرجل المريض»، عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وعقد إتفاقية سايكس بيكو.
إنّما  الخرائط التي وضعت للمنطقة لم تكن ثابتة، بل جرت تعديلا عليها عبر السنين، وفقاً للظروف باعتبار أنّ لكلّ مرحلة أحداث خاصّة، ومشروع خاص ينقل الشرق الاوسط من حقبة  إلى أخرى، إلّا أنّها لم تصل حتى اللحظة إلى النتيجة المرجوّة. فكلّ ما جرى اللعب بهذه الدول العربية  كأنّها رقعة شطرنج، تنتج عنها تداعيات جديدة تستدعي تحديثاً جديدًا.  واليوم  قد تعتبر  اللحظة التاريخية التي تمر فيها منطقة الشرق الأوسط هي حصيلة العمل الحثيث منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، بعد خرق الإرهاب للولايات المتحدة. 
من جهة أخرى، تتالت أحداث مفصلية في الشرق الأوسط، من الربيع العربي الى ما عرف بصفقة القرن منذ ٤ سنوات وصولاً الى طوفان الأقصى. أما البعد الإقليمي لصفقة القرن فواضح من خلال السعي الى ترسيخ العلاقات الإقليمية بين إسرائيل والدول العربية ومن ضمنها مشروع  التعاون الأمني والسياسي المشترك عبر تكوين ناتو جديد يعمل على مواجهة التمدّد الإيراني من جانب والجماعات المسلّحة من جانب آخر. ولعلّ هذا ما نراه اليوم، الصراع الكبير في المنطقة بين إسرائيل وإيران، والذي يدفع لبنان ثمنه. 
فما الفرق بين الأمس واليوم؟ 
أولاً لا بدّ من قراءة سريعة حول أبرز الخطط التي جاءت قبل صفقة القرن. 
عام 1982  نشرت الصحف الإسرائيلية خطة الصحفي الإسرائيلي أودد ينون، وترتكز على مفتاحين رئيسين يتلخصان فى أنّه على إسرائيل أن تتحول إلى قوة إمبريالية.
عام 1992 ظهرت خرائط المستشرق البريطانى برنارد لويس التى بدت وكأنّها نموذج معدّل لخطة ينون، فى ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية، التي لا تشبه واقع اليوم ابداً، وقام هذا التخطيط إلى تقسيم الشرق لخطوط عرقية طائفية.
عام  2006، جاء على لسان وزيرة الخارجية السابقة، كوندوليزا رايس مصطلح الشرق الأوسط الجديد، وتزامن ذلك مع ظهور خريطة الكولونيل الأميركى رالف بيتر.
اليوم وبعد عملية «طوفان الأقصى»، وكأنّ ثمّة ما حرّك إسرائيل للإستيقاظ مجدّداً، أي بطبيعة الحال، ظهور مشروع جديد للشرق الأوسط. ولا بدّ أن نعود هنا إلى أيام ما قبل عملية طوفان الأقصى، ففي 22 سبتمبر 2023، حمل نتنياهو نفس الخارطة التي حملها في أيلول 2024، ووقف يتفاخر باتفاقيات التطبيع، مطالباً الفلسطينيين أن يرفعوا الراية البيضاء. 
على الرغم من وجود دولة إيران كقطب بارز في الشرق، الذي لا  يلبث أن ينطفئ حتى يشتعل مرة أخرى. فتحت عملية طوفان الأقصى باباً جديداً للشرق ، إذ إنّ  الحرب القائمة اليوم في الإقليم،يترأسها قطبان:
إيران وإسرائيل، ليشهد لبنان حرب الآخرين على أرضه من جديد، ويكون هذه المرة المفتاح لخطة جديدة، حيث أنّ سوريا أضعف والعراق لم يسترد وحدته الوطنية، والأردن يخشى ضم الضفة الغربية، وإيران تشتري وتبيع. فهل سيكون لبنان مفتاحاً لاستقرار المنطقة أم ساحة لحرب بالوكالة تزيد من تعقيدات المشهد المضطرب أصلاً؟