الوشم موضة و مخاطرة؟

الوشم موضة و مخاطرة؟

  • ٠١ تشرين الثاني ٢٠٢٤
  • تمارا طوق

الوشم في ازدياد، لكن ما مدى أمانه؟ هل يرتبط بسرطان الجلد وسرطان الدم؟ دراسات جديدة تناقش هذه المخاطر.

أصبح الوشم شائعا بشكل متزايد، ممّا أثار مخاوف بشأن المخاطر الصحيّة المحتملة المرتبطة به، وليس أقلها أنّه قد يكون مرتبطا بسرطان الدم وسرطان الجلد. على الرغم من أنّ الحصول على وشم في ظروف آمنة معقّمة يعتبر آمنًا بشكل عام، إلّا أنّ الأبحاث والدراسات حول التأثيرات الصحيّة الطويلة الأمد لحبر الوشم وتفاعله مع الجسم لا تزال مستمرة.

يحتوي حبر الوشم على مجموعة متنوّعة من المركبات، وأبرزها المعادن (مثل الرصاص والنيكل والكروم) والأصباغ العضويّة، والتي يتمّ تصنيف بعضها على أنّها مواد مسرطنة. في دراسة نشرت عام 2017 في مجلة Scientific Reports في المكوّنات الموجودة في حبر الوشم، وجدت أنّ بعض الأصباغ قد تنتقل إلى الغدد الليمفاوية في الجسم، وأنّ التعرّض لهذه المواد الكيميائيّة على المدى الطويل قد يسبّب آثارًا صحيّة طويلة المدى. تشير بعض الدراسات إلى أنّ بعض الأحبار تحتوي على الهيدروكربونات العطريّة المتعدّدة الحلقات (PAHs)، وهي فئة من المواد المسرطنة المعروفة التي قد تسبّب الإجهاد التأكسدي وتتلف الخلايا بمرور الوقت، ولكن مدى خطر الإصابة بالسرطان المحتمل لا يزال غير واضح.

كشفت وكالة المواد الكيميائيّة الأوروبيّة (ECHA) عن قلقها بشأن بعض الأصباغ المستخدمة في أحبار الوشم، وأوّلها الأزرق 15 والأخضر 7، وقد مُنع إستخدامها في أوروبا، واتخذت قرارات قانونية تحظّر إستخدامها بسبب المخاطر الصحيّة المحتملة الناتجة عنها. تشير دراسات الوكالة المذكورة حول أحبار الوشم إلى أنّ التعرض المستمر قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان أو بأمراض جلديّة أخرى، نظرًا لإرتباط بعض الأصباغ بمواد تُعد خطرة في استخدامات أخرى. واليوم، نشهد تطورًا في تقنيات إزالة الوشم باستخدام الليزر، حيث يُعتبر هذا الأمر فعّالًا وهو عبارة تفتيت الأصباغ إلى جزيئات صغيرة، ممّا قد يسبّب إطلاق مواد ضارة في الجسم. تشير بعض الدراسات إلى أنّ بعض المنتجات المتحلّلة قد تكون لها خصائص مسرطنة. ووفقًا لدراسة نُشرت في عام 2021 في  (Dermatologic Surgery)، قد تنتج عمليّة تحلّل أحبار الوشم بعد العلاج بالليزر منتجات ثانوية سامّة، مثل الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات، وذلك بكميات ضئيلة.

n\nالمرجع: Tang, J., Zhang, J., Chen, X., وآخرون (2021). إزالة الوشم والمخاطر المحتملة الناتجة عن تفتت الأصباغ: مراجعة للتأثيرات الكيميائية الناجمة عن الليزر. جراحة الجلد.

الأدلة الوبائية التي تربط الوشوم بشكل مباشر بسرطان الجلد أو الدم ما زالت محدودة وتعتمد في الغالب على تقارير وحالات فرديّة. هناك تقارير عن سرطان الجلد مثل سرطان الخلايا الحرشفية والورم الميلانيني التي ظهرت على الجلد الموشوم، إلّا أنّ هذه الحالات قد تُعد نادرة. ويصعب تحديد علاقة سببية وواضحة بسبب نقص الدراسات الواسعة النطاق والطويلة الأمد. ومع ذلك، ينصح أطباء الجلد بمراقبة الوشوم لأي تغييرات غير معتادة في ملمس الجلد أو لونه أو بروزاته، حيث قد تكون هذه التغييرات علامات مبكرة على سرطان الجلد أو اضطرابات جلدية أخرى.

(المرجع: Kluger, N., & Koljonen, V. (2012). سرطان الجلد في الوشوم: تقارير الحالات، مراجعة الأدبيات، والتوصيات العلاجية. الجلدية)

على الرغم من بعض المخاطر المحتملة، إلّا أنّ إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)  لم تقدّم قرارًا نهائيًا حول زيادة خطر الإصابة بالسرطان مباشرة بسبب الوشوم. وتقوم إدارة الغذاء والدواء بتنظيم أحبار الوشم، لكنّها تشدد على ضرورة إجراء دراسة شاملة وطويلة الأمد لفهم تأثيراتها الصحيّة بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، إتخذت المفوضية الأوروبية موقفًا يظهر توجهًا يتعلق ببعض الأصباغ، ودعت إلى اعتماد بدائل أكثر أمانًا في تركيبة أحبار الوشم بهدف تقليل المخاطر المحتملة

المرجع: FDA. (2021). منظور إدارة الغذاء والدواء بشأن سلامة أحبار الوشم. تم الاسترجاع من FDA.

ووفقًا للأدلة الحاليّة، برغم عدم وُجود دليل قاطع على أنّ الوشوم تُسبّب مباشرة سرطان الجلد أو الدم، إلّا أنّ بعض المركبات الموجودة في أحبار الوشم قد تحمل تأثيرات سامّة ومسرطنة. يُنصح الخبراء بالإختيار الحذر لاستوديوهات الوشم ذات السمعة الجيّدة، والتحقّق من تكوينات الأحبار، وتجنّب استخدام الأحبار التي تحتوي على أصباغ يُمنع استخدامها أو تتطلب تراخيص خاصة، خصوصًا إذا كانت متوفرة في الأسواق الأوروبية. أمّا بالنسبة للأشخاص الذين يحملون وشومًا، يوصي أطباء الجلد بإجراء فحوصات بشكل دائم للكشف المبكر عن أي تغييرات غير طبيعيّة في الجلد، حيث يُعتبر الكشف المبكر يسهّل التعامل مع المشكلة في حال وجد أمر غريب.