بالفيديو- بشرى الدويهي: 11 رصاصة اخترقت جسمي

بالفيديو- بشرى الدويهي: 11 رصاصة اخترقت جسمي

  • ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥
  • تيريزا كرم

بعد 9 سنوات على مجزرة ملهى «رينا» في اسطنبول بشري الدويهي إحدى الناجيات تقول «سامحت كي لا أظلّ أسيرة تلك اللحظة طوال حياتي»


مرّت تسع سنوات على الهجوم الإرهابي الذي استهدف ملهى «رينا» في إسطنبول التركية ليلة رأس السنة عام 2017، ليلة كان يفترض أن تكون مليئة بالفرح والإحتفال، لكنّها تحوّلت فجأة إلى كابوس دامٍ أودى بحياة 39 شخصاً من جنسيات مختلفة وأصابة نحو 70 آخرين بجروح، بينهم لبنانيون أبرياء كانوا يحتفلون كباقي الناس ببداية العام الجديد. في تلك الليلة، فقد لبنان ثلاثة مواطنين كانوا يحتفلون بالعيد كأي شخص آخر: إلياس وارديني، ريتا شامي، هيكل مسلّم، وإلى جانبهم، أصيب عدد آخر من اللبنانيين بجروح متفاوتة، بينهم: فرانسوا الأسمر، نضال بشراوي، ميليسا بابالوردو، وبشرى الدويهي، إبنة النائب السابق اسطفان الدويهي، التي كانت شاهدة على الرعب والدمار بنفسها.

في ثوانٍ… تغيّر كل شيء

تتذكر بشرى تلك اللحظات بتفاصيلها الدقيقة، وكأنّها عادت لتعيشها ثانية. تقول إنّ السهرة كانت طبيعية جداً، لم تشهد أي تشديد أمني، والمنطقة تعج بالمطاعم والموسيقى والإحتفال. فجأة، توقف كل شيء. توقفت الموسيقى، وتوقف الزمن.

«كنا على الطاولة المحاذية للمدخل، وقد احتفلنا بالعام الجديد، وفجأة دخل أربعة مسلحين . لم أستوعب ما الذي يحدث، كل من كانوا بجانبي اختفوا في ثوانٍ، بقيت أنا وصديقتي، والدمار من حولنا. لم أستطِع أن أفهم كيف هرب بعض الناس، ولماذا بقيتُ أنا هناك».

نجاة جسدية… وجرح نفسي تغلبت عليه

أصيبت بشرى بإحدى عشر طلقة في أنحاء جسدها، لكنها بقيت واعية طوال الوقت، تشعر بكل شيء، تسمع الأصوات، ترى القتلى والجرحى من حولها، لكنها كانت عاجزة عن الحركة أو الكلام. تقول «تظاهرت بأنّني ميتة كي لا يطلقوا النار عليي ثانية،  كانوا يقومون بتصفية كل من وجدوه في المطعم» كل ما استطاعته هو الدعاء والصلاة ، ومحاولة البقاء على قيد الحياة.
«كنت أسمع من حولي، أرى من يرحل، من ينجو، وأدركت أنّ كل شيء أصبح ضائعاً. لم يكن معي جواز سفري ، لم يكن معي هاتفي»طلبت النجدة من المسعفين الذين أتوا الى المكان بعد انقضاء الهجوم، رموا بي على لوح الإسعاف وحاولت تهجئة اسمي وعنواني لكي يتصلوا بأهلي.» 
ورغم كل هذا الرعب، تقول بشرى إنّ ما أعطاها القوة للاستمرار هو رغبتها في النجاة، والإيمان بأنّ هناك من يحتاج أن تظل حية من أجله،
معرفة قيمة الحياة بعد النجاة

بعد مرور تسع سنوات، لم يختفِ الخوف من قلبها وروحها على من تحب لكنها لم تعد تخف على نفسها. التجربة علمتها القوة: «لم أعد أقلق على نفسي بقدر ما أخاف على الآخرين. تعلمت أن أكون قوية»

مسامحة… لتحرير الذات

وعن الغفران، تقول بشرى: «سامحت، لو لم أسامح، كنت سأظل أسيرة تلك اللحظة طوال حياتي.» 

مجزرة «رينا» ليست مجرد خبر عابر أو حدث من الماضي. إنّها تجربة ماثلة في أذهان من نجوا ومن فقدوا أحبائهم، وأثبتت أنّ الرعب لا يزول بانتهاء الهجوم، بل يترك أثره في القلب والروح، سنوات طويلة بعد الحادثة. بشهادة بشرى الدويهي، نرى ما تركه الإرهاب من ندوب لا تُرى بالعين، لكنها محفورة في الذاكرة والوجدان، لتذكّرنا أنّ لحظة واحدة يمكن أن تغيّر حياة كاملة، وأنّ القوة الحقيقية هي البقاء، رغم كل شيء.