نتنياهو بين فشل الدوحة وشبح الإغتيال الكبير في لبنان: هدوء ما قبل العاصفة

نتنياهو بين فشل الدوحة وشبح الإغتيال الكبير في لبنان: هدوء ما قبل العاصفة

  • ١٥ أيلول ٢٠٢٥
  • أنطوني سعد

لبنان، الذي يتأرجح بين هدنة هشة وإنفجار محتمل قد لا يصمد طويلاً أمام شهية التصعيد الإسرائيلية وأزمة البقاء السياسي التي يعيشها نتنياهو.

منذ أسابيع يعيش الشرق الأوسط على وقع توترات متصاعدة، أبرزها فشل محاولة إغتيال في الدوحة نُسبت الى أجهزة إسرائيلية. هذا الفشل لم يمرّ مرور الكرام، بل شكّل ضربة مزدوجة لبنيامين نتنياهو: أولاً على مستوى صورته الأمنية أمام الداخل الإسرائيلي الذي اعتاد أن يُسوّق له كرجل الأمن الأول، وثانياً على مستوى رسائله الإقليمية التي أرادها مدوّية لكنها انتهت إلى فضيحة أمنية.

نتنياهو، الذي يواجه أزمة داخلية خانقة من إحتجاجات متواصلة، وإنقسام سياسي حاد، وإخفاقات عسكرية على الجبهة مع غزة، بات يبحث عن «إنجاز» يرمم موقعه. ولأنّ المشهد الداخلي الإسرائيلي يغلي، يصبح الخارج، وخاصة لبنان، ساحة مغرية لإعادة فرض المعادلة.

السيناريو الأخطر الذي يطرحه المتابعون هو إنتقال الخطة من إستهدافات في الخارج إلى إغتيال شخصية لبنانية بارزة، وخصوصاً من قيادات حزب الله. مثل هذه العملية، إن حصلت، قد تكون كفيلة بإشعال مواجهة مباشرة مع الحزب وفتح باب تصعيد أمني واسع داخل لبنان، بما يعيد رسم قواعد الإشتباك على الجبهة الشمالية. الهدف الإسرائيلي من خطوة كهذه لن يكون إشعال الداخل اللبناني، بل توجيه ضربة نوعية لحزب الله وإرباكه ميدانياً وسياسياً في لحظة إقليمية دقيقة.

وفق مصدر دبلوماسي غربي على علاقة وثيقة بدبلوماسية العدو، هناك حالة إستياء متزايدة داخل إسرائيل من بطء تنفيذ الدولة اللبنانية لخططها المتعلقة بحصر السلاح. فالمخيمات الفلسطينية تُعتبر مسرحية، والجيش اللبناني لم ينفذ في الجنوب، حتى جنوب الليطاني، سوى ما يقارب 10% مما هو مطلوب منه. أما المواقف الرسمية للدولة اللبنانية فتُصنَّف في تل أبيب على أنّها إعلامية فقط، ما جعل هذا التوصيف موقفاً موحداً لدى جميع دوائر القرار في كيان العدو. وهو ما يشي بوضوح بأنّ شيئاً أكبر يُحضّر للبنان في الكواليس.

هنا يبرز سؤال: هل يستطيع نتنياهو تحمل تبعات خطوة بهذا الحجم؟ الإجابة معقدة. فلبنان اليوم في وضع هش، إقتصادياً وأمنياً، وأي إهتزاز إضافي قد ينفجر سريعاً. غير أنّ إسرائيل، ومن ورائها الموساد، تراهن على أنّ الخطة التي وضعتها الدولة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله لم تُستكمل بعد، بل بقيت حبراً على ورق. هذا التباطؤ يمنح إسرائيل ذريعة للمضي نحو خيارات أحادية الجانب، سواء عبر عمليات نوعية أو إغتيالات مركّزة، في محاولة لفرض واقع جديد على الحدود الشمالية، بعيداً عن أي تفاهم داخلي أو إقليمي.

لكن ثمة معادلة أخرى: الهدوء الذي يعيشه لبنان حالياً ليس أكثر من هدنة مؤقتة. الجميع يدرك أن ما يجري في المنطقة مرشح للإنفجار في أي لحظة، وأنّ الصراع الإسرائيلي – الإيراني، بما يشمل أدواته وحلفاءه، لا يزال مفتوحاً على كل الإحتمالات. من هنا، فإنّ الحديث عن «خطة بديلة» بعد فشل الدوحة ليس مجرد تكهن، بل إحتمال قائم يتقاطع مع مسار التصعيد العام.

الأيام القادمة ستكشف الكثير: هل يذهب نتنياهو نحو مغامرة إغتيال جديدة في لبنان، أو يكتفي بمحاولات أمنية أقل صخباً لإرباك الداخل؟ المؤكد أنّ لبنان، الذي يتأرجح بين هدنة هشة وإنفجار محتمل، يبقى مرشحاً لأن يكون ساحة لتصفية الحسابات. والهدوء الحالي، على هشاشته، قد لا يصمد طويلاً أمام شهية التصعيد الإسرائيلية وأزمة البقاء السياسي التي يعيشها نتنياهو.