السباق الإنتخابي في المتن الشمالي 2026 مشهد رمادي وتحالفات قيد التشكّل

السباق الإنتخابي في المتن الشمالي 2026 مشهد رمادي وتحالفات قيد التشكّل

  • ٠٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
  • خاص بيروت تايم

في المشهد الإنتخابي في المتن الشمالي تعزّز الكتائب والقوات حضورهما، ومع ذلك، تبقى جميع النتائج مرهونة بما ستحمله الأشهر الفاصلة عن الإنتخابات من تحالفات بين أسماء وازنة ومن تطورات قد تعيد خلط الأوراق.

مع إقتراب الإنتخابات النيابية في 2026، يبدو أنّ المشهد المتني يزداد تعقيداً وضبابية. صحيح أنّ القوات اللبنانية وحزب الكتائب ما زالا يملكان ثقلاً شعبياً ورافعة تنظيمية قد تمكّنهما من حصد أكثر من نصف المقاعد إذا أحسنا توزيع أصواتهما، لكن الصورة لا تكتمل من دونهما وحدهما، إذ يبرز لاعبون محليون قادرون على التأثير بشكل مباشر في النتائج النهائية.

في المقلب الآخر، هناك شخصيات محلية قادرة على قلب الموازين إذا نجحت في التكتل. إبراهيم كنعان، الذي يستطيع أن يؤمّن نحو 3000 صوت، وحزب الطاشناق الذي يملك قاعدة ثابتة بحدود 5000 صوت، ومع تأكيد مصادر محلية أنّ إلياس بو صعب يستعد للترشّح في المتن بحوالى 3000 صوت، يصبح أمام هذا الثلاثي فرصة واقعية لتشكيل لائحة واحدة قادرة على جمع نحو 11 ألف صوت، أي قريبة جداً من عتبة الحاصل الإنتخابي المقدّرة بحوالى 11,572 صوت.

هذا المشهد قد يصبح أكثر خطورة بالنسبة لمنافسيهم إذا عاد رجل الأعمال والوجه المتني المعروف سركيس سركيس إلى السباق بعد غيابه في 2022، إذ تشير التقديرات إلى أنّه قادر على استقطاب نحو 4000 صوت، ما يرفع مجموع هذه اللائحة الافتراضية إلى ما يقارب 15 ألف صوت، وهي كتلة قد تمنحها فرصة قوية لنيل مقعدين عبر كسر الحواصل.

في هذا السياق، تؤكد مصادر محلية أنّ التحالف التقليدي بين الطاشناق و«التيار الوطني الحر» في المتن يلفظ أنفاسه الأخيرة، إذ تشير المعطيات إلى أنّ الطرفين لن يذهبا إلى تحالف إنتخابي هذه المرة، بعدما تراجع التنسيق بينهما بشكل واضح في انتخابات 2022 واقتصر عملياً على دائرة الأشرفية ولم يمتد إلى المتن، ما يعكس تفكّك هذا التحالف التاريخي وفقدانه قدرته على التأثير كما في السابق.

في الوقت نفسه، يظهر التيار الوطني الحر في أضعف حالاته في المتن، مع تقديرات محلية تشير إلى امتلاكه حوالى 9000 صوت فقط، وهو رقم لا يكفي لتأمين أي مقعد من دون حليف. كما يفتقر التيار إلى شخصيات وازنة يرشحها بعد افتراق إبراهيم كنعان وإلياس بو صعب عنه، إذ إنّ جميع الأسماء التي يطرحها حالياً تبدو ضعيفة وغير قادرة على جذب أصوات وازنة. وقد يجد هذا الحليف المحتمل في ميشال المر الذي يُتوقَّع أن يجمع حوالى 7000 صوت، لكن شعبيته تراجعت منذ انتخابات 2022 حين استفاد من التعاطف مع إرث جده الراحل حديثاً، كما أنّ وقوفه إلى جانب «فريق الممانعة» أفقده جزءاً مهماً من الزخم الذي حازه في الدورة السابقة. إضافة إلى إمكانية الإستعانة بالحزب القومي السوري الإجتماعي الذي يملك نحو 1000 صوت.

مع ذلك، حتى في حال تحالف «العونيين» مع ميشال المر، تشير معظم التقديرات إلى أنّ هذا التفاهم قد لا يكون كافياً لضمان تمثيل مباشر للتيار نفسه: فالمقعد الكاثوليكي يُرجَّح أن يذهب لمرشح القوات ملحم رياشي، فيما قد يفوز المر بالمقعد الأرثوذكسي بدعم أصوات التحالف، ما يعني أنّ التيار قد يكتفي بلعب دور المكمّل لإنقاذ موقع المر الإنتخابي من دون أن ينجح في إيصال نائب بإسمه. وبذلك، يبقى إحتمال خروج التيار من دائرة المتن كلياً مطروحاً إذا لم تطرأ مفاجآت أو تبدلات كبرى على الخريطة السياسية.

ولا يمكن الحديث عن المتن من دون التوقّف عند قوى التغيير التي حصدت في إنتخابات 2022 حوالى 11 ألف صوت مدفوعة بزخم انتفاضة 17 تشرين، إلا أنّها اليوم فقدت الكثير من هذا الدفع الشعبي، وتشير التقديرات إلى أنّها قد تتراجع إلى حدود 5000 صوت فقط، ما يجعلها أقل قدرة على فرض معادلات جديدة كما حصل في الإستحقاق السابق، خصوصاً مع إنقسامها وفقدانها القدرة على تقديم خطاب موحّد أو شخصيات جاذبة.

تحليل المشهد يظهر أنّ الكتائب والقوات ما زالتا الأكثر تنظيماً وقوة، لكن أي تحالف بين كنعان ـ الطاشناق ـ بو صعب ـ سركيس قد يشكل خطراً حقيقياً ويخلق لائحة قادرة على إقتناص مقعد أو حتى مقعدين في حال نجحت في إدارة الأصوات وتوزيعها بذكاء. في الوقت نفسه، التيار العوني يبدو مضطراً إلى الدخول في تحالفات إنقاذية، وأبرزها مع ميشال المر وربما الحزب القومي، لكنه مهدّد بفقدان أي تمثيل مباشر إذا بقيت الخريطة الإنتخابية على حالها. أما قوى التغيير فتقف أمام تحدي الحفاظ على ما تبقى من شعبيتها.

وإذا بقي الوضع على حاله من دون أي مفاجآت، فمن المرجّح أن يعزّز كلّ من الكتائب والقوات حضورهما، فيما يحافظ كلّ من ميشال المر والطاشناق على مقعديهما، مع بقاء إحتمال خروج «التيار الوطني الحر» من المشهد النيابي في المتن قائماً بقوة. ومع ذلك، تبقى جميع النتائج مرهونة بما ستحمله الأشهر الفاصلة عن الإنتخابات من تحالفات وتطورات قد تعيد خلط الأوراق.