وزير العدل يحاصر حزب الله… ضغوط مالية غير مسبوقة وتعميم يقطع طرق التمويل

وزير العدل يحاصر حزب الله… ضغوط مالية غير مسبوقة وتعميم يقطع طرق التمويل

  • ٠٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
  • أنطوني سعد

المعاملات التي كانت تُستخدم سابقاً كغطاء لإدارة الأموال أو تهريبها إلى واجهات قانونية ستصطدم اليوم بحاجز قانوني صارم، كتّاب العدل باتوا ملزمين بالتحقّق من الهوية لكل طرف.

تلقّى حزب الله ضربة جديدة على الصعيد المالي بعد إصدار وزير العدل القاضي عادل نصّار تعميماً موجّهاً إلى كتّاب العدل في لبنان، يفرض عليهم تدقيقاً غير مسبوق في كل معاملة بيع أو شراء أو إيجار أو وكالة قانونية. هذا التعميم لا يبدو إجراءً إدارياً عادياً، بل خطوة محسوبة تستهدف أحد أهم مفاتيح العمل المالي الذي اعتمد عليه الحزب وحلفاؤه لعقود لتجاوز العقوبات.

من خلال هذا الإجراء يصبح أي شخص أو كيان مدرج على لوائح العقوبات عاجزاً عملياً عن تسجيل ممتلكات أو إنشاء شركات أو توقيع عقود بيع وتأجير بإسمه. فالمعاملات التي كانت تُستخدم سابقاً كغطاء لإدارة الأموال أو تهريبها إلى واجهات قانونية ستصطدم اليوم بحاجز قانوني صارم: كتّاب العدل باتوا ملزمين بالتحقّق من الهوية الإقتصادية لكل طرف، والتأكد من خلوّ أسمائهم من أي عقوبات أو شبهات تبييض أموال أو تمويل إرهاب قبل إتمام أي معاملة.

هذا يعني أنّ أدوات الحزب المالية، التي لطالما إعتمدت على شبكة من الأفراد والشركات لتسجيل العقارات أو إدارة الأنشطة التجارية، تتعرّض للتضييق بشكل مباشر. لم يعد ممكناً تمرير عقود أو تأسيس واجهات وهمية عبر أسماء لا تخضع للرقابة، إذ صار كتّاب العدل ملزمين قانوناً بإيقاف أي معاملة مشبوهة وإبلاغ الجهات المختصة. وبذلك يتقلص هامش المناورة الذي سمح للحزب بالحفاظ على تدفق الأموال وتدويرها في السوق اللبنانية.

الأخطر أنّ هذه الخطوة تأتي ضمن سياق دولي أوسع لتجفيف منابع تمويل الحزب. فبعد عقوبات أميركية متراكمة وحصار مصرفي وقيود على التحويلات، تضيف الدولة اللبنانية اليوم حاجزاً داخلياً يمنع عملياً أي محاولة لشراء العقارات أو تحويل الأموال عبر واجهات قانونية محلية. ويُتوقع أن يؤدي ذلك إلى صعوبة أكبر في إستثمار الأموال أو إعادة تدويرها داخل لبنان، ما يزيد الضغط المالي على الحزب وبيئته الاقتصادية.

هذه الخطوة لم تمرّ بهدوء. فحزب الله شنّ حملة إنتقاد واسعة للتعميم، واعتبره إنتهاكاً للمناخ القانوني ومحاولة سياسية لإحكام الحصار المالي عليه. مصادر مقرّبة من الحزب رأت أنّ وزير العدل تجاوز صلاحياته، وأنّ التعليمات الجديدة تحوّل كتّاب العدل إلى أدوات تنفيذية للسياسات المعادية للحزب بدل أن يبقوا حماة للمعاملات القانونية. ويُتوقّع أن يلجأ الحزب إلى الطعن أمام الجهات القضائية والدستورية سعياً لإبطال التعميم أو تخفيف حدّته، في حين يروّج إعلامه أنّه إستهداف سياسي سيتجاوزه عبر آليات تمويل بديلة خارج لبنان أو عبر قنوات غير رسمية.

في المقابل، يشنّ عدد من المحامين الموالين للحزب حملة عنيفة على وزير العدل، معتبرين أنّ التعميم يقيد عمل كتّاب العدل ويحوّلهم إلى أدوات رقابية تخدم سياسات معادية للحزب، ويهدّد مبدأ الحق القانوني ويعرقل حرية المعاملات العقارية والتجارية. ويحذر هؤلاء من أنّ هذا الإجراء سيفتح الباب أمام التدخّل السياسي في أعمال الكتّاب ويزيد البيروقراطية، بما قد يضرّ بالحقّ القانوني ويثني المستثمرين عن دخول السوق اللبنانية ويضعف الثقة بالقطاع العدلي والإقتصادي.

سياسياً، يظهر هذا التعميم وكأنّه إشارة من بيروت إلى المجتمع الدولي بأنّ لبنان بدأ يتجاوب مع المطالب الغربية والعربية في ما يخص مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. لكن في العمق، الرسالة الأوضح موجّهة إلى حزب الله: مرحلة التمويل السهل عبر السوق العقارية والتجارية إنتهت، وأي محاولة للإلتفاف على العقوبات ستواجه عراقيل رسمية قد تشلّ قدرتهم على الحركة.

ويسطّر بذلك عادل نصّار موقفاً جريئاً يؤكد أنّه رجل صاحب مبدأ قوي وحازم ومتوافق مع قناعاته، لا يبيع الشعارات ولا يختبئ خلف المواقف الرمادية كما يفعل كثيرون.