ترامب على خطى هتلر… بين جائزة نوبل والسلام المفقود وهاجس الحرب المقبلة
ترامب على خطى هتلر… بين جائزة نوبل والسلام المفقود وهاجس الحرب المقبلة
السيناريو الأكثر إثارة للقلق يتمثل في إحتمال أن يحاول ترامب تحويل خيبة نوبل إلى إنتصار ميداني عبر إشعال صراع جديد في الشرق الأوسط.
في عام 1939، كان أدولف هتلر مرشحًا رسميًا لنيل جائزة نوبل للسلام قبل أن تُسحب ترشيحاته سريعًا بسبب أفكاره المتطرفة وخطابه العدواني. ذلك القرار، كما تشير بعض الوثائق التاريخية، كان من الأسباب النفسية التي غذّت جنون الزعيم النازي ودفعته لاحقًا إلى إشعال الحرب العالمية الثانية، أكثر الحروب دموية في تاريخ البشرية. اليوم، وبعد أكثر من ثمانية عقود، يعود المشهد بصورة مقلقة: رئيس أميركي خسر نوبل للسلام وسط إتهامات بالتحيّز السياسي للجنة، وتحركات عسكرية غامضة في الشرق الأوسط تُعيد إلى الأذهان بدايات الكارثة.
في 10 تشرين الأول 2025 خسر الرئيس الأميركي دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام التي كان من أبرز المرشحين لها. الخسارة لم تكن مفاجأة للمتابعين عن قرب، إذ إنّ اللجنة المانحة للجائزة تُعرف بميولها اليسارية الواضحة، ونادرًا ما منحت جائزتها لشخصية يمينية محافظة. مواقع المراهنات بدورها لم تكن أكثر تفاؤلاً، فقد أعطته نسبة فوز لم تتجاوز ثلاثة في المئة، ما جعل إحتمال حصوله على الجائزة شبه مستحيل. لكن السؤال الأخطر اليوم ليس في النتيجة، بل في التداعيات النفسية والسياسية لهذه الخسارة على ترامب نفسه وعلى سياساته الدولية المقبلة.
في الكواليس، كانت إدارة ترامب تعلّق آمالاً كبيرة على إتفاق غزة للسلام ليكون منصة تتيح له الفوز بالجائزة وإعادة ترميم صورته العالمية. الخطة كانت مدروسة بعناية، وهدفت إلى وقف الحرب، إعادة إعمار القطاع، وإطلاق تسوية كبرى تمنح ترامب مجد صانع السلام قبل الإنتخابات الأميركية المقبلة. لكن بعد خسارة الجائزة، بدأ الحديث في أوساط سياسية أميركية وإسرائيلية عن تبدّل في المزاج داخل البيت الأبيض، وعن اتجاه نحو سياسة إنتقامية لإثبات القوة بدل السعي إلى الجوائز الدبلوماسية.
السيناريو الأكثر إثارة للقلق يتمثل في إحتمال أن يحاول ترامب تحويل خيبة نوبل إلى إنتصار ميداني عبر إشعال صراع جديد في الشرق الأوسط. آخر المعلومات الإستخبارية المفتوحة تشير إلى حشود وتسليحات أميركية متزايدة في قواعد الشرق الأوسط، ونقل كميات ضخمة من الذخائر والأسلحة إلى المنطقة. هذه التحركات تتزامن مع إقتراب إسرائيل من إنهاء عملياتها في غزة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الحرب المقبلة ستكون ضد حزب الله في لبنان أو ضد إيران نفسها في عملية عسكرية مشتركة أميركية إسرائيلية.
الاحتمال ليس بعيدًا. ترامب، الذي يرى في القوة المطلقة وسيلة لإعادة تثبيت الهيبة الأميركية، قد يجد في الحرب طريقًا مختصرًا صورته الدولية التي اهتزت بعد فشله في نوبل. ومن المفارقات أنّ أكثر القادة تشددًا عبر التاريخ، من هتلر إلى ترامب، سعوا إلى نيل الإعتراف كصانعي سلام، لكن عندما رُفضت طلباتهم لجأوا إلى العنف لإثبات جدارتهم. التاريخ يكرّر نفسه حين يُمنح المجنون فرصة ليظن أنّ السلاح هو الطريق إلى المجد.
اليوم، ومع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، تبدو واشنطن أمام لحظة حرجة. هل ستُعيد تكرار خطأ الثلاثينات حين تجاهل العالم تحولات هتلر حتى وقعت الكارثة؟ أم أنّنا أمام رئيس أميركي جديد يعتقد أنّ الطريق إلى جائزة نوبل يمرّ عبر ركام بيروت وطهران؟ سؤال بات يفرض نفسه مع كل خطوة عسكرية جديدة وكل قافلة ذخيرة تُنقل إلى الشرق الأوسط، فحين يخسر المتعطشون للمجد جائزة السلام، غالبًا ما يبحثون عن مجد الحرب.