إسرائيل وخطط التهجير الجغرافي..من الجنوب إلى بعلبك - الهرمل

إسرائيل وخطط التهجير الجغرافي..من الجنوب إلى بعلبك - الهرمل

  • ٢٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
  • أنطوني سعد

الحرب الإسرائيلية المحتملة، تُعدّ الأخطر لأنّها تربط الحرب بأهداف ديموغرافية بعيدة المدى.

تتزايد المؤشرات على أنّ الحرب المقبلة بين لبنان وإسرائيل باتت مسألة وقت لا أكثر، وسط عجز الحكومة اللبنانية عن اتخاذ أي خطوة عملية لنزع سلاح حزب الله، رغم التحذيرات الدولية المتكررة. المهلة التي منحتها واشنطن لبيروت، وفق مصادر سياسية مطّلعة، تنتهي في الثلاثين من تشرين الثاني، وهي مهلة يُفترض أن تُظهر فيها الدولة اللبنانية «نية حقيقية» لتطبيق القرار 1701 ونزع السلاح من خارج الشرعية. إلا أنّ الجمود الداخلي والتمسّك بسياسة «الإنتظار» يدفعان المنطقة نحو مواجهة عسكرية واسعة قد تتجاوز حدود الجنوب هذه المرة. 

مصدر لبناني رفيع كشف أنّ رسالة أميركية وصلت إلى بيروت عبر القنوات الدبلوماسية، حملت تحذيراً واضحاً: «إن لم تنزعوا سلاح الحزب سيكون مصير بعلبك والهرمل كمصير كفركلا ودير سريان.» هذه العبارة، بحسب المصدر، تُظهر أنّ الهدف الإسرائيلي في الحرب المقبلة لن يكون فقط تدمير البنية التحتية العسكرية في الجنوب، بل إستهداف العمق الشيعي في البقاع الشمالي، حيث تُخزّن الصواريخ وتُدار أهم معسكرات التدريب التابعة لحزب الله. 

وبحسب المعلومات التي نقلها المصدر، فإنّ اليوم الأول من الحرب سيشهد أكثر من 1200 غارة جوية إسرائيلية، يُنفَّذ منها نحو 1000 غارة على مناطق البقاع وحدها، في محاولة لتدمير المراكز اللوجستية والمخازن العسكرية الكبرى قبل بدء أي مواجهة بريّة. إنّ منطقة بعلبك الهرمل تُعتبر «المخزن الاستراتيجي» للحزب، وفيها تمتد شبكة الأنفاق والمستودعات والورش التقنية التي تُغذّي جبهات الجنوب والساحل. وفقاً للمعلومات الإستخباراتية، لذلك من المتوقع أنّ إسرائيل تُخطّط لتوجيه ضربات جوية مركّزة على هذه المنطقة في بداية الحرب، تليها حملة قصف مكثّفة تطال الضاحية الجنوبية وكل المواقع التي لم تتعرض للقصف في الحرب الأخيرة في الجنوب. أمّا بالنسبة إلى التدخل البرّي فسيكون محدوداً، إذ يقتصر على توغلات قصيرة مدعومة بسلاح الجو، في محاولة لتجنّب الإنخراط في مواجهة طويلة الأمد أو خسائر ميدانية مباشرة داخل الأراضي اللبنانية.

لكن الأخطر من الجانب العسكري هو ما يُتداول في الأوساط الأمنية عن «الخطة الأوسع»  التي تقف خلف هذا التصعيد. هناك تقارير إستخباراتية غربية منقولة عن مصادر في وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية تفيد بأنّ المنطق الإسرائيلي يقوم على «التهجير الجغرافي»، ويعني ذلك، أنّ الضربات على الجنوب ستدفع السكان نحو البقاع وبيروت، أما إذا ضُرب البقاع فسيهرب الناس شرقاً باتجاه الحدود السورية والعراقية، ما يخلق موجة نزوح كبرى تُخرج جزءاً من اللبنانيين، خصوصاً الشيعة، من البلاد بشكل دائم. هذه المقاربة تُعدّ الأخطر لأنّها تربط الحرب بأهداف ديموغرافية بعيدة المدى، تتجاوز الردع العسكري إلى إعادة رسم الخريطة السكانية للبنان. 

في موازاة ذلك، كشفت المصادر نفسها أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قال لمقربين منه إنّه «لم يشعر يوماً بهذا القدر من الكآبة في حياته البالغة سبعة وثمانين عاماً»، في إشارة إلى قناعته بأنّ البلاد تسير نحو مواجهة لا يمكن تفاديها. ومع إقتراب نهاية المهلة الأميركية، يبدو أنّ لبنان يدخل مرحلة العدّ العكسي للحرب، في ظلّ حكومة عاجزة، وجبهة داخلية منقسمة، وخصم إقليميٍّ يستعدّ لتصفية الحسابات النهائية.