الحزب.. بين الإنتصار الوهمي وخسائر لبنان

الحزب.. بين الإنتصار الوهمي وخسائر لبنان

  • ٠٧ آذار ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

من يتابع تطوّرات الجبهة الجنوبية، منذ بدء طوفان الأقصى، ويراقب كل الخطابات السياسية التي دارت حولها، لا بدّ أن يلمس الملامح الضعيفة لـ«حزب الله».

ads
 
فبين عام  2006 وعام 2024، إختلفت الظروف السياسية والميدانية كثيراً على أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله. فإن لم يكن يعلم  في حرب تمّوز  عام 2006، فهو ملزم أن يعلم هذه المرّة. والدليل على ذلك، أنّه رغم كل محاولته لضبط النفس، تكبّدت البلاد خسائر كثيرة، وسط تصاعد التهديد الإسرائيلي المستمرّ.

فهل حقّاً، أضعفت «طوفان الأقصى»، جذور الحزب في لبنان؟ 
في أول تعليق ل«حزب الله» اللبناني على عملية «طوفان الأقصى» التي أطلقتها «حركة حماس»، أكّد أنّ قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان تواكب التطورات الهامة على الساحة ‏الفلسطينية.
بدءًا برماية قذائف مدفعية  بسيطة على مواقع العدو في مزارع شبعا المحتلة، في اليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى، ليتطور لاحقًا إلى رميها بأسلحة متوسطة ، ثم توسّع الإشتباكات تباعاً في غالبية المواقع الحدودية، وتطوّر إلى رماية صواريخ موجّهة الى أبراج المراقبة الحدودية. وبواسطة هذه الصواريخ،  يحاول «حزب الله» فرض حضوره في الوسط السياسي. 
ووفق ما أعرب عنه المحللّ السياسي  إيلي فواز في حديث عبر «بيروت تايم»، أنّه لا بدّ من التفرقة بين حرب تمّوز وحرب الجنوب اليوم، حيث كان أفرقاء  14 آذار، يواجهون «حزب الله» بزخم عام 2006، أمّا عملية «طوفان الأقصى» فُرضت على المسلمين لا سيّما أنّ الحزب «التقدّمي الاشتراكي» أعلن موقفاً داعماً للحزب، بناء على إيمانه برمزية القضية الفلسطينية.
وأضاف فواز إنّ عملية طوفان الأقصى أظهرت على الصعيد السياسي الداخلي، سيطرة الحزب على الدولة اللبنانية، حيث لا يتجرّأ حتى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للأسف، إلّا التماهي مع مواقف المقاومة. 
كما إعتبر أنّ  توجّه الإدارة الأميركية يمنح «حزب الله» مكاسب عديدة من خلال ما يحمله الموفدون الدوليون في جعبتهم الدبلوماسية، إذ تدور المحادثات حول تطبيق  القرار 1701 من قبل الجانبين اللبناني والإسرائيلي، ما يعتبره الحزب إنتصاراً. 
في المقابل، وعلى مرأى من الموفد الأميركي «آموس هوكشتاين»، بلغ التصعيد مستويات عنيفة بين إسرائيل والحزب على الجبهة الجنوبية. وبالعودة الى المراحل كافّة منذ 7 تشرين الأوّل،  تكبّد الجنوب خسائر كثيرة على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي. 
أمّا عسكرياً، فقد إستطاعت إسرائيل تحويل الحرب الواقعة إلى حرب إستنزاف على «حزب الله»، بحسب ما أكّده الخبير العسكري العميد خليل حلو، الذي يشرح أنّ «حزب الله» يستهدف المراكز الإسرائيلية نفسها منذ بداية الحرب، أمّا إسرائيل دمّرت عددأً من منازل عناصر المقاومة، كذلك مراكز عدّة تابعة للحزب في الجنوب. 
وفيما يعلن الحزب عن إستشهاد  ما يزيد عن 300 عنصراً له، يلفت إلى أنّ هناك عدداً كبيراً من الضحايا غير معلن عنه، بالإضافة الى الضحايا المدنيين والدمار الهائل الحاصل في الجنوب، وتدلّ هذه المؤشّرات العسكرية إلى إحتمال قيام إسرائيل بعمل برّي كامل على لبنان. 
وعلى خط القرار 1701، يشير الحلو الى أنّ إبعاد «حزب الله»  الى شمال الليطاني ليس من مصلحة المقاومة.
 في غضون ذلك، تنقسم الآراء اللبنانية بين مؤيد للحزب ومعارض له كما هي الحال دائماً. ويلفت  الحلو إلى إعتراض الرئيس السابق ميشال عون على تعبير وحدة الساحات بالإضافة إلى الرفض القوّاتي لكل ما يقوم به الحزب. 
وفي أيّة حال، لن يتراجع «حزب الله» عن نغمة المقاومة ذاتها، لا بل ستترسّخ فكرة الإنتصار أكثر وأكثر لدى مناصريه. 

و بين السياسة والميدان، لن يظهرإعتراف «حزب الله» بالخسائر التي يتكبّدها، فمن إعتبر أنّ حرب تمّوز عام  2006 إنتصاراً له، رغم إحتلال إسرائيل الليطاني آنذاك، لن يترّدد في إعتبار اليوم التالي بعد حرب غزّة انتصاراً أيضاَ. وبإنتظار ما ستؤول إليه «هدنة رمضان» وإنعكاسها على الجبهة اللبنانية، لا بدّ من الإشارة إلى تمسّك «حزب الله» بوهم النصر، الذي يزيد إضعاف الدولة الخاضعة وعجز الأحزاب المعارضة. 
ads