الإنتربنك (interbank) بأعلى معدلاتها.... فهل هذا مؤشر لأزمة مصرفية جديدة؟
الإنتربنك (interbank) بأعلى معدلاتها.... فهل هذا مؤشر لأزمة مصرفية جديدة؟
ما إن يتلقى المودع اللبناني أي إتصال من المصرف يبدأ بطرح العديد من علامات الإستفهام حوله، خلال الأسابيع الماضية، تلقى العديد من المودعين بالليرة اللبنانية إتصالات من المصارف تقضي بمنحهم فائدة عالية نسبياً إذا قاموا باجراء بعض المبادلات الداخلية مع مصرفهم. الأمر الذي أثار شكوكهم، ودفعهم الى البحث والإستفسارعن خلفيات العرض، ليتضح لهم مصطلح يجهله الكثيرون، وهو «الإنتربنك».
مصطلح «interbank» هو عبارة عن كلفة التّسليف القصير الأمد الّذي يتمّ بين المصارف و في غالب الأحيان بين المؤسّسات الماليّة، بهدف تأمين السّيولة أو إدارة السّيولة أي ما يُعرف بال« Cash Management» وذلك بشكلٍ يوميّ أو أسبوعي، لتسديد الإلتزامات، كتسديد الحسابات و كل ما يتعلّق بالمصارف المركزيّة أو الإحتياطات أو حتّى لكي تُسدّد النّفقات أو الرواتب. ويتمّ تأمين هذه السّيولة لفترة قصيرة الأمد، و فائدة بنسبة منخفضة جدّاً تتراوح مدّتها بين شهر، أو أسبوع أو حتّى يوم واحد، و تُعرف بفائدة الـ «Overnight» إذ يتداولها العملاء بشكلٍ يوميّ.
إعتبر الخبير المصرفي والإقتصادي محمد أبو الحسن، بأنّ ما يشهده السّوق اليوم من صدمة فيما يتعلق بنسب «الإنتربنك»، ليست بالأمر الواقعي. لأنّ السّيولة في اللّيرة اللّبنانيّة لم تعُد قيد التداول في لبنان حالياً. لذا من البديهي أن يتساءل المواطن اللبناني الملم بالشؤون المالية أو المودع عن هذا الإجراء، خاصة أنّ إنعدام الثقة يتحكم بالعلاقة بين المودع والمصرف.
المشكلة التي نواجهها اليوم، تكمن في السيولة وليس في الطلب على الفوائد. تعزى العوامل التي تؤثر في هذه المسألة أنّ تسديد المحافظ المالية يتمّ بالليرة اللبنانية، سواءً بسبب التعميم رقم 151 الذي يفرض إغلاق الحسابات المصرفية بالدولار للمودعين بما يعادل 15000 دولاراً أو حتى 25000 دولاراً كما يشاع في الوقت الراهن. ومن الطبيعي أن تحتاج المصارف إلى سيولة للتعامل مع هذه المسألة، والنقطة التي يجب أن نفكر فيها هي ما إذا كان هناك مصلحة في عدم تسديد هذه الحسابات أو ما يمكن تسميته بـ«التسوية» الحالية على هذه الأسعار وليس بناءً على تعميم رقم 166 الذي يراقب الأسعار بناءً على 150 دولاراً.
ووفقاً لأبو الحسن، إنّ الطّلب على اللّيرة اللّبنانيّة، متعلّق بعمليّة تأمين السّيولة لدفع ما يستوجب دفعه من فوائد على أساس سنوي و إنْ كانت الفائدة بنسبة %100 أو حتّى 150% . لذا الأمر مرتبط بإدارة السّيولة في هذه الأزمة وهذا الواقع يتكرّر منذ سنة 1995.
ظاهرة إرتفاع معدلات «الإنتربنك» في لبنان تعود إلى بداية عام 2023، حيث بدأت أسعار الفائدة ترتفع من 20٪ إلى 40٪، ووصلت في بعض الأحيان إلى 120٪. يعزى هذا الإرتفاع إلى نقص السيولة بسبب الطلب على الدولار في الإقتصاد اللبناني. ونتيجة لذلك، أصبح المصرف المركزي السلطة المسيطرة الوحيدة في الأسواق اللبنانية من خلال سياسة إدارة النقد التي ينفذها حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري.
ويلاحظ أنّ الليرة اللبنانية اليوم، متاحة فقط للمصرف المركزي، وهو المتحكّم بإدارة سوق الصرف وسوق القطع، وكذلك الليرة متاحة للمؤسسات العامة التي تجبي الضرائب، بما في ذلك البلديات والضمان الإجتماعي والضريبة على القيمة المضافة، بالإضافة إلى المنظمات النقابية التي لا تزال في حوزتها الليرة اللبنانية.
وبالتالي، فإنّ المسألة ليست أزمة بحد ذاتها، وإنّما تتعلق بعملية إدارة السيولة في المدى القصير.....