دار مختارات من بيت العائلة «المفتوح».. الى بيت مفتوح للفن

دار مختارات من بيت العائلة «المفتوح».. الى بيت مفتوح للفن

  • ٠٢ أيار ٢٠٢٤
  • تمارا طوق

في منطقة الزلقا بعيداً عن ضجيج الأرقام وصخب الإنتخابات، قام كمال فغالي الخبير الإنتخابي، وصاحب دار مختارات للنشر سابقاً، بتحويل بيت العائلة إلى منصة للثقافة والفن، ومن بيت العائلة إلى بيت الثقافة، وبيت الأحبّة، وبيت العشرات والمئات، وبيت الفن، وبيت الألوان ، واللّوحات، والمنحوتات والمفروشات القليلة والأنيقة... والى بيت الفرح والدهشة، أو بيت « دار مُختارات».

منذ التّاسع عشر من شهر نيسان إستضاف البيت، الأمسيات الشعريّة والضحكات والألحان، ، وسهر معها العشرات وسيستمر البرنامج  لغاية الثّاني والعشرين من شهر أيّار.
ولا شك أنّ هذا المعرض يُجسّد رؤية صاحبه كمال فغالي، الذي يسعى إلى تحويل بيت عائلته إلى مساحة تفاعلية، حيث يمكن للزوار ليس فقط مشاهدة الأعمال الفنية، بل أيضًا شراؤها بأسعار معقولة..لم يكن المعرض أوّل أفكار كمال وأحدثها. ففي عام 1985 كانت «مختارات» دار نشر وجرّاء الحرب والظروف القاسية غابت عن النشر.
هذا المعرض الفنيّ غير التقليدي يجمع بين تشكيلة متنوّعة من الأعمال الفنية، بما في ذلك لوحات،ومنحوتات، وتراث أفريقي من الأقنعة والسجاد والأواني القبليّة. إضافة الى مكتبة ضخمة تضمّ أكثر من  30  ألف كتاب. 
أما ما يميز المعرض، فإنّ الصور واللّوحات في دار مختارات تتشارك مع المنزل حياته المعتادة  فهو مازال بيتاً ككل البيوت، ففي مطبخه يُعَد الطّعام بشكل يومي  وطاولته تحتفي بأذواق الجميع ولا شك أنّ الطعام اللذيذ لديه القدرة على التلاقي والفرح . 
وموضوع إستضافة النّاس للمنامة  في مُختارات وارد في فكر فغالي، إلّا أنّها فكرة فقط «بدّك تعرفي مين يحترم هالغراض» حسبما يرى. وهذا ما يجعل من مختارات معرضاً خارج عن المألوف.
في التاسع والعشرين من  نيسان 2024، كانت الأمسية مخصّصة للشعر والقصص التاريخيّة ، تحكيها أمال فخري، هي ليست  سهرة وحسب، إنّما سهرة أحبّة وإصغاء وكأنّ الحاضرين كلّهم من بيت واحد لا يجمعهم غير الفرح، الحياة، والسلام.
لقد سردت أمال القصص وحيزاً منها دار حول الأقنعة الّتي ملأت جدران المنزل حيث أنّ كلّ قناع يحمل قصة صانعه، منهم من يرى أنّ الأرواح تسكن الأقنعة وتتواصل مع الأحياء، وأخرى عن الخصوبة والوفرة، وبعضها عن الحماية والشفاء، وبعضها للتعبير عن المشاعر، أوالزينة والجمال، أوالتحوّل والتجديد. حتى ليشعر السامع أنّ الأقنعة كائنات حيّة تتجول بيننا. كما كان للشعرمساحة واسعة خلال السهرة. وفي دردشة مع أمال فخري تقول أمال أنّها كانت بنت البلدة البعيدة عن أجواء بيروت، ومنذ البداية رأت في بيت الفغالي أنّه «شغلة خاصّة» وبيت متحرّر. وأضافت، « كنت نازلة إيامها من الريف، بيت كمال كان بيت بيعمل خضّة كانوا  ناس ثوريين ومتقدمين بأفكارهم عما هو سائد وما نراه ونسمعه في زمن الحرب » ومن بعدها ابتسمت أمال قائلةً «كان بيت يساري بالمنطقة الشرقيّة، وبيت كرم وضيافة»..  
وترى فخري أنّ للميديا اليوم قوّة لا تجابه، فهي تصنع لنا عالمنا الذي نعيش فيه اليوم ، هي سريعة وجذابة، وتصنع الأفكار والأذواق المتشابهة ، لذلك  للكتاب عندها مكانة خاصة لا منافس له في فرادته : «أنا ما بعاكس التاريخ وما بعرف إقرا غير بكتاب بس النوستالجيا بتلاحقنا وين ما رحنا». 
وتضيف «عصر الميديا هو عصر الميديا» هذا كان جواب أمال. جواب مفعم بالإنفعال وسببه عدم قدرة أمور الحياة على مقاومة عصر الميديا ، والمقاومة صعبة... «زمن تاني جايي وشو بدّو يجيب معو أنا ما بعرف» وترى فيه أنّ التفاهة والسرعة تتجاوران وتتساويان مع ما هو جميل وحقيقي. 
لذلك إختارت القصص «خبّرتكن قصص لأن أكتر شي القصص بتعيش». ولأنّي «بحب أوصل لمرحلة الحياة تشبه الفن وليس الفن يقلّد الحياة» بهذه العبارات كانت أمال تعبّر عن نفسها وعن دار مختارات.. وتنصح شباب اليوم بالإبتعاد عن التفاهات «ما بحب الوعظ بس بطلب من شباب اليوم يبعدو عن التفاهة».
 أحببت أمال لأني لم أتعرّف عليها من عالم الأضواء ووسائل التواصل كما نفعل نحن شباب اليوم، أحببتها لأنّها ذكرتني أنّ هناك بشر حقيقيون، إنفعالاتهم غير مصطنعة، تصغي إليهم ولا يلهيك ضجيج المعلومات المشتت.