معتقل الخيام: رمز لإدانة إسرائيل
معتقل الخيام: رمز لإدانة إسرائيل
وجود المعتقلات هو دليل مطلق على ظلم المحتلّ اياً كان
يقع «معتقل الخيام» على تلة مرتفعة ضمن بلدة الخيام في موقع حصين، يطلّ على شمال فلسطين من جهة وعلى مرتفعات الجولان السورية من الجهة الأخرى. يتكوّن المبنى من خمس طوابق، تخفي وراء جدرانها صرخات سجناء، وضربات جلّاد. وكل مبنى يتألف من عشرين غرفة، حيث مساحة الغرفة الجماعية لا تتعدّى المترين طولاً والمتر ونصف عرضاً، كان يحشر فيها من خمسة إلى ستة أفراد. أمّا الغرفة الإنفرادية لا تتعدّى التسعين سنتيمتر طولاً وعرضاً. وقد تأسس تجمّع معتقلي أنصار والخيام في آذار عام 1984، أي بعد 3 سنوات من إجتياح إسرائيل للبنان.
لا يمحى هذا الوصف الدقيق من ذاكرة المعتقلين اللبنانيين الذي مرّوا في هذه المقبرة، وبقيت ملامح هذا السجن، وما يحمله من ذكريات جشعة عالقة في اللاوعي الإجتماعي، حتى ما بعد التحرير عام 2000.
عام 2006، قصفت إسرائيل معتقل الخيام، لأنّ أصوات الـ 18 ألف معتقل، ما زالت تخرق آذان الإحتلال، الذي حاول أن يمحو رمزية «الخيام» في الجنوب اللبناني، وأهميته في التصدّي للإحتلال.
ويشرح أحد الأسرى السابقين أنّ معتقل الخيام يرمز إلى صورتين، الأولى تمثّل صورة الإحتلال، إذ أنّ وجود المعتقلات هو دليل مطلق على ظلم المحتلّ اياً كان. وبالتالي، ترتبط صورة معتقل الخيام بالكيان الإسرائيلي، الذي قام بترهيب وتعذيب الللبنانيين داخل هذه المساحة الضيقة. إذ إنّ إقامة المعتقلات تهدف إلى ممارسة الردع المباشر وغير المباشر. يتلقى نتائجه المعتقل على الصعيد الفردي والمجتمع المحيط به على الصعيد الجماعي. كما أنّها تجسّد الذاكرة المرتبطة برهبة الإعتقال، فتتأثّر خيارات المجتمع، وتشتد العزيمة للتحرّر منه.
أما الصورة الثانية، تتعلّق برمزية البطولة داخل معتقل الخيام. إذ يحوّل المعتقل العلاقة بين الأسير والجلاد إلى معركة متّصلة بالخندق الواحد. يخوض الأسير هذه المعركة الفردية ، ليشعر ببطولة ما تحثّه على المواجهة، لتصبح عنصر قوة للأسير وعار على جبهة المحتلّ. ويشرح أنّ الغاية كانت من قصف معتقل الخيام عام 2006، محو آثار هاتين الصورتين، التي ترتدّان سلباً على إسرائيل، من حيث تكشف المعتقلات وحشية المحتل وصمود الأسرى.بالإضافة، الى توافد مئات الألوف الى معتقل الخيام لرؤية معالم الجريمة، حثّ إسرائيل على قصف المعتقل، حتى تخفّف من إدانتها.
بالمحصّلة، سقط كلّ شيء تقريباً، ولم يبقَ إلا عمود التعذيب، والقن، والهواء. فأيّ زائر لمعتقل الخيام، لن يعرف ماذا يعني وجود عمود الكهرباء في الساحة الصغيرة، ولن يتذكّر طعم مرّ الإعتقال إلّا الأسير وأهله.