كيف تعرفون إنْ كان طفلكم يتعرَّض للتحرّش؟

كيف تعرفون إنْ كان طفلكم يتعرَّض للتحرّش؟

  • ٢٧ أيار ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

تفاقم العنف الجنسي في لبنان.. أسباب عدّة والضحية واحدة!

بعد قضية «التيكتوكرز»، ظهرت قصّة جديدة منذ أيّام مع إكتشاف والد إحدى الطالبات تسجيلًا صوتيًا على هاتف إبنته، يتضمن الكثير من الألفاظ الإباحية وعبارات التحرّش الفاضحة.  وصلت القضية إلى وزير التربية عباس الحلبي، الذي أمر بفتح ملف قضائي، ليبدأ بعدها التحقيق، فأوقفت السلطات الأمنية مدير إحدى المدارس، وأستاذًا فيها، وموظف أمن يعمل هناك، بتهمة التحرش بالقاصرات. بينما القضاء لم ينتهِ بعد من تحقيقاته في قضية  عصابة «التيكتوكرز» الشهيرة، التي بلغ عدد الموقوفين فيها أكثر من 11 موقوفًا، لا يكاد الشارع اللبناني يستفيق من صدمة، حتى تليها صدمة أخرى، فبات الأهل متخوفون يعيشون هاجس تكرار هذه الأحداث. 
فكيف يحمي الأهل أولادهم؟  سؤال ، يطرح نفسه في هذا المجال: لماذا يتفاقم اليوم العنف الجنسي في لبنان، لا سيّما العنف الجنسي حيث يقع العديد من الأطفال ضحية هذه الظاهرة، على الرغم من وجود العديد من المنظمات التي تعمل على الوقاية والتوعية؟ 

من وجهة نظر، الأخصّائي  في تدريب الأعصاب فؤاد قدّوم، أنّه نتيجة تعرّض اللبنانيين في السنوات الأخيرة إلى أربع صدمات (trauma)، من جائحة كورونا، الى الوضع الإقتصادي، ثمّ إنفجار الرابع من آب، والهزات الأرضية، هناك أكثر من 70 بالمئة من اللبنانيين، تأثّروا سلباً، فتظهر هذه التروما، عبر الهرمونات في الجسم (تستيرون، الإستروجين، أوكسيتوسين). وهذه الهرمونات تحفّز على الرغبة الجنسية، وبمجرّد ارتفاعها لدى الشخص، نتيجة الإضطرابات النفسية التي يعيشها، سيُشبع تلقائياً رغباته بأي فريسة سهلة أمامه، وهذا ما نلاحظه في المدارس، لا سيّما بعد الحادثة الأخيرة في كفرشيما، وتسمّى هذه العملية Post-traumatic symptoms.
وبالعودة إلى قضية «التيكتوكرز»، إعتبر قدّوم  أنّ وسائل التواصل الإجتماعي قد تسهّل الأمر على المعتدين، موضّحاً أنّ الأطفال الذين لا يعيشون في بيئة آمنة، هم الأكثر عرضة للوقوع في فخ التحرّش، ويشدّد هنا على ضرورة رقابة الأهل والتوعية، والإنتباه إلى الأعراض عند أطفالهم.
كما إنّ أبرز العوامل الرئيسية لهذه الظاهرة هي نقص التعليم والتوعية حول التحرش الجنسي، وعدم دراية الطفل بحقوقه وكيفية حماية نفسه، والعامل الأهم هو توفّر التطبيقات بين يدي الأطفال وإطلاعهم على محتويات لا تناسب أعمارهم.
بالتالي، يلعب تراجع الدور الرقابي للأهل، خصوصاً بعد الأزمة الإقتصادية، عاملاً فاعلاً للإيقاع بالأطفال، حيث أصبح الأهل يتساهلون بموضوع المادة التي يحصل عليها الطفل من خلال (التيك توك) وغيره. 
ومن جهة أخرى، تغيب عن الأهل العديد من العوارض، التي تظهر على الطفل المعتدى عليه، بحسب الفئة العمرية التي ينتمي إليها. إذ، لا يمكن لطفل عمره أقلّ من ثلاث سنوات التعبير عما تعرّض له، لذلك من الإشارات المهمة التي يستوجب تداركها:
- البكاء الشديد دون سبب واضح.
- تكرار التقيؤ في غياب مشكلة صحية واضحة. 
- الصعوبات في النوم.  
- ممارسة العادة السرية.
- الرعب من الكشف الطبي المفاجئ.
- التعامل مع الألعاب والأشياء من حوله بطريقة تحمل دلالات جنسية.
أمّا بالنسبة للفئة العمرية، ما بين 9 سنوات إلى سن البلوغ، فتظهر الأعراض بأشكال أخرى منها:
- التسرّب أو الهروب من المدرسة.
- تعمّد إيذاء النفس والأفكار الإنتحارية. 
- الكوابيس والمشكلات في النوم.
-  العودة إلى إحدى مظاهر المرحلة العمرية السابقة.
- التعامل بعنف مع محيطه.
- المظاهر الجسدية مثل التهيّج الجلدي، أو الطفح الذي يظهر لدى الطفل.
- الإنسحاب المفاجئ من الأنشطة.
- القلق والإكتئاب وفقدان الشهية.
إضافة إلى ذلك، تقول المعالجة النفسية دكتورة ليلى أعوار، إنّ المتحرّش يبحث دائماً عن طفل خجول، غير مندمج في مجموعة ما، لذلك يستوجب على الأهل الإنتباه إلى هذه السمات في شخصية أولادهم والتي تساهم في وقوع الطفل فريسة أحد المعتدين. 

في المحصّلة، ظاهرة التحرّش ليست جديدة، وهي سلوك إنساني مرضي موجود في المجتمعات البشرية منذ القدم زادت من سهولتها اليوم الفوضى الإلكترونية وسهولة الوصول إليها. وفي لبنان لاحقت الأجهزة الأمنية المئات من المتحرشين، وأحالتهم على القضاء، وصدرت أحكام قاسية في حقّهم، ومن الحلول الناجعة أن يرتفع مستوى الإدراك عند الأهل اليوم.  هذا لقد حذّرت، «اليونيسف»، في تقرير أصدرته في كانون الثاني عام  2021، بعنوان «بدايات مظاهر العنف"»، من تزايد حالات العنف ضد الأطفال والشباب الذين يتعرّضون للعنف والاستغلال الجسدي أو العاطفي أو الجنسي، بحيث تكافح الأسر للتعامل مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد. واليوم، ثمّة عوامل عديدة تقف وراء انتشار هذه «الجريمة الأخلاقية»، تتطلّب وعياً لدى الناس لمواجهتها.