من إنجازات تاريخية إلى بعثة هزيلة: هكذا سقطت السباحة اللبنانية!

من إنجازات تاريخية إلى بعثة هزيلة: هكذا سقطت السباحة اللبنانية!

  • ٠٦ أيلول ٢٠٢٥

منذ نشأت الأكاديميات ونحن نُنادي بأنّ هدفها الأساسي هو الربح المادي وليس صناعة الأبطال، معتمدةً على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الأبواق "الساذجة" لبثّ الأكاذيب والمغالطات والأوهام لأولياء الأمور.

كتب أمين صندوق نادي الجزيرة الرياضي نسيب صعب المقالة الآتية تعليقًا على أداء اللجنة المكلّفة تسيير شؤون لعبة السباحة والنتائج السيئة التي حققتها البعثة اللبنانية في البطولة العربية الأخيرة التي أقيمت في المغرب مؤخرًا:

"عندما تدخل التجارةُ الصناعةَ، ينهدم الهيكل. السباحةُ صناعةٌ وليست أكاديميةً للمتاجرة.

منذ زمنٍ ونحن نواجه بشراسةٍ الفلسفة الجديدة التي أثبتت فشلها ووضعت السباحة في أسفل الدركِ، وذلك ببروز الأكاديميات وانتشارها كالفطر. هدف هذه الأكاديميات هو الربح المادي البحت والضحك على عقول الأهالي، وإيهامهم بأنّ أولادهم سيصبحون أبطال العالم، وهذا محض كذب ودجل.

وهذا ما أخلّ بالموازين، إذ أصبح الأهالي يؤمنون ويعتقدون بالأكاديميات على الرَّغم من أنها لا تبيعهم إلّا الأوهام، متناسين الأندية التي تأسّست ووُجدت لتصنع الأبطال، وهنا بيت القصيد.

منذ نشأت الأكاديميات ونحن نُنادي بأنّ هدفها الأساسي هو الربح المادي وليس صناعة الأبطال، معتمدةً على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الأبواق "الساذجة" لبثّ الأكاذيب والمغالطات والأوهام لأولياء الأمور.

كما أنّ الأهالي مشاركون في هذه الجريمة، لأنّ القرار الأول والأخير يعود لمن يدفع، وهذا لا يبني رياضة. إنّ الاشتراك في سباقٍ من الدرجة العاشرة من هنا، والسفر للمشاركة في لقاءٍ متدنٍ من هناك، وإيهام الأهل بأنّها بطولات دولية، كلّ هذا ليس الحقيقة. لقد أخذتم خياركم، ولكن كونوا متأكّدين أنّ هذه ليست هي القاعدة الصالحة. لا تصدّقوا أوهامكم ولا تعيشوا الكذبة.

الرياضة لها شروطها، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان. إنّ شرف تمثيل الوطن له شروطه الخاصة:

- استحقاق المشاركة من خلال التأكّد من إحراز النتائج المؤهلة.

- أن تكون أرقامك (كسباح أو كسباحة) تؤهّلك لمنافسة باقي الرياضيين، وأن تكون على درايةٍ تامةٍ بمركزك بين خصومك.

- أن تكون مسؤولًا تجاه وطنك ومتأكدًا أنّك لن تخذله وستحصد الميداليات لتُعليَ من شأنه.

- أن يختارك المسؤولون عنك لأنّك ستحرز الميداليات عن جدارة، وليس لأنك دفعت ثمن سفرتك.

- والأهم من هذا وذاك، أن تعرف قدر نفسك وأن تستحقَّ شرف المشاركة، لأن هذا تمثيل للوطن وليس رحلة استجمام.

هكذا تُبنى الأوطان. جميعكم: قيّمون وطارئون وأهالي، كلّكم مجتمعون رسبتم في الامتحان وأهنتم الوطن بمشاركتكم في هذه البعثة الهزيلة في البطولة العربية.

هذه ليست نزهة مع الأهالي وليس لقاء علاقات عامة؛ هذا تمثيل للوطن، وقد أهنتم الوطن.

السباحة لعبة أوقات، واكتساب أجزاء من الثانية هو صناعة بحدّ ذاتها. لقد أثبتت هذه البطولة العربية انحدار مستوانا محليًا وعربيًا، وأثبتت أنها أصبحت مدرسة صيفيّة لشمِّ الهواء والسياحة. خسئتم، فكما تزرعون تحصدون.

لقد ضربتم الاتحاد اللبناني للسباحة الذي عمل طوال مسيرته لبناء سباحةٍ حقيقيةٍ، واختار أفضل السبّاحين الأكفّاء بأدقّ التفاصيل، مع حساب فرص الفوز بالميداليات قبل المشاركة في أي حدث، ليتمثّل الوطن بنخبة النّخبة ولوضع لبنان على الخريطة العربية والدولية.

وقد حصد الميداليات في البطولات العربية، وشهدت المشاركات السابقة إنجازات عظيمة نذكر منها عينةً:

- البطولة العربية 2023 في قطر: شارك 29 سبّاحًا وسبّاحة، وكانت النتائج 56 ميدالية والمركز الثاني بعد تونس من أصل 22 دولة.

- البطولة العربية 2024 في مصر: شارك 39 سبّاحًا وسبّاحة، وكانت النتائج 53 ميدالية والمركز الثاني بعد مصر من أصل 22 دولة.

أيها الأهالي، هذه هي النتائج التي شرّفت وأعلت اسم لبنان.

أمّا في 2025، وبعد ستة أشهر من ضرب الاتحاد اللبناني للسباحة والاستعاضة عنه بلجنةٍ تُدير أمور اللعبة، فقد تألفت بعثة من 38 سبّاحًا وسباحةً و30 شخصًا من الأهالي لتمثيل الوطن. وكانت النتائج: 24 ميدالية، و92 مركزًا أخيرًا وما قبل الأخير في 120 سباقًا شارك اللبنانيون فيها. 8 سبّاحين فقط أحرزوا الميداليات، بينما حصد الـ30 الآخرون المراكز الأخيرة، ليحتلّ لبنان المركز الخامس.

أعتذر من بطلاتنا وأبطالنا لين الحاج، تالين مراد، أحمد صفية، منذر كبارة، لوري عواد، صوفيا شنتيري، ووفاء صبلوح أنتم من أفضل السبّاحين على الساحة الوطنية وحُرمتم من المشاركة لأنكم لم تدفعوا تكاليف سفركم. كنتم مؤهّلين لحصد أكثر من 30 ميدالية معظمها ذهبية، وكنتم ستعزّزون فريق التتابع (البدل)، ممّا أفقد لبنان أكثر من نصف الميداليات وأعدم حظوظه في المنافسة على المراكز المتقدّمة.

مبروك عليكم أيها الطارئون على الرياضة هذه المهزلة.

ليست بهذه النفسية تُبنى الأوطان.

إنّ تبوّؤكم المسؤولية أمانة لإعلاء الشأن وليس للتدمير.

أنتم تدمّرون رياضةً بأكملها، وأثبتّم أنّكم غير جديرين بتحمّل المسؤولية.

وعلى السباحة السلام".