منصّات التواصل الإجتماعي وتأثيرها المزدوج: دعم نفسي أم مصدر قلق؟

منصّات التواصل الإجتماعي وتأثيرها المزدوج: دعم نفسي أم مصدر قلق؟

  • ١٩ أيلول ٢٠٢٥
  • كلاريتا شمعون

) إنّ المفتاح لفهم هذه المعادلة المعقدة يكمن في إدراك أنّ المخاطر النفسية والفوائد الإيجابية لهذه المنصات مرتبطة بوجهة إستخدامنا لها، ما يضع على عاتقنا مسؤولية تحديد طبيعة هذه العلاقة.

في عصرنا الرقمي الحالي، أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. فقد باتت منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر توفر لنا فرصًا غير مسبوقة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، وتبادل الأفكار، ومتابعة الأخبار والمعلومات. لكن مع هذا الإنتشار الواسع، تبرز تساؤلات مهمة حول تأثير هذه الوسائل على صحتنا النفسية: هل هي مصدر دعم فعلي أم تشكل تهديدًا حقيقيًا؟

 

الفوائد الإيجابية «للسوشيال ميديا»

لا يمكن إنكار الدور الإيجابي الذي تلعبه وسائل التواصل الإجتماعي في تعزيز الشعور بالإنتماء والدعم الإجتماعي، لا سيما للأشخاص الذين يعانون من الوحدة أو العزلة. كما تتيح هذه المنصات فرصًا ثمينة لرفع الوعي حول قضايا الصحة النفسية، وتبادل النصائح والمعلومات التي تسهم في دعم المستخدمين نفسيًا، خاصة من خلال فيديوهات التحفيز والإلهام التي ينتشر تأثيرها بشكل واسع، حيث تساعد في نشر الطاقة الإيجابية وتشجيع الناس على مواجهة تحديات الحياة.

 

المخاطر النفسية المرتبطة بالإستخدام المفرط

مع ذلك، كشفت دراسات حديثة أنّ الإفراط في استخدام وسائل التواصل الإجتماعي قد يسبب مشكلات نفسية خطيرة، لا سيما بين الشباب، فقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة BMC  Psychology  أنّ الإستخدام المفرط يرتبط بارتفاع مستويات القلق والإكتئاب، نتيجة التصفح المستمر والمقارنات الإجتماعية التي تؤثر سلبًا على المزاج وتقدير الذات.

ومن التحديات الأخرى التي تواجه المستخدمين هي الإدمان، على التحقق المستمر من إشعارات وسائل التواصل، مما يؤثر سلبًا على حياتهم اليومية وجودة نومهم وصحتهم النفسية.

كما لا يمكن تجاهل العزلة الإجتماعية، ففي مفارقة غريبة، رغم أنّ السوشيال ميديا تهدف لتعزيز التواصل، فإنّ الإفراط في استخدامها قد يقلل من التفاعلات الواقعية، مما يزيد من مشاعر الوحدة والعزلة.

 

تأثير المعلومات المضلّلة

تنتشر المعلومات الخاطئة أيضًا على منصات مثل تيك توك، وتترك أثراً سلبياً على الصحة النفسية، على سبيل المثال، أشارت دراسة حديثة نُشرت في صحيفة The Guardian إلى أنّ المعلومات المضللة حول وسائل منع الحمل عبر وسائل التواصل الإجتماعي تسبّبت في قلق واكتئاب لدى الكثيرمن النساء ممن يعتمدن على إرشادات طبية متداولة على المنصات دون العودة الى الأطباء المختصين.

كيف نستخدم وسائل التواصل الإجتماعي بطريقة صحية؟

للحفاظ على صحتنا النفسية وسط هذا الزخم الرقمي، يُنصح باتباع بعض الخطوات المهمة، مثل:

1. تحديد وقت يومي محدد لاستخدام منصات التواصل الإجتماعي لتجنّب الإفراط. 

2. إختيار المحتوى الإيجابي والملهم الذي يعزز من حالتنا النفسية.

3. الإبتعاد عن مقارنة حياتنا بحياة الآخرين، لأنّ الصور التي نراها غالبًا لا تعكس الواقع.

4. البحث عن الدعم المهني أو الإجتماعي عند الشعور بالتوتر أو الإكتئاب.

 

في الأخير، تبقى وسائل التواصل الإجتماعي سيف ذو حدين، يمكن أن تكون مصدر دعم وتواصل، أو أداة إلهاء بدون أي هدف بناء عندما تستخدم كمصدر أساسي لبناء الأفكار والمواقف. الوعي والإعتدال هما مفتاح الإستخدام الصحي والمتوازن لهذه المنصات، لضمان حماية التركيز وجودة حياتنا.