الضربات الإسرائيلية إعلان تغيير قواعد الإشتباك أم رسالة ضغط؟
الضربات الإسرائيلية إعلان تغيير قواعد الإشتباك أم رسالة ضغط؟
المعادلة المطروحة اليوم هي حرب ولا حرب، إجتياح ولا إجتياح. لكن الحرب في النهاية باتت بيد إسرائيل وحدها، فهي من تقرر متى تبدأ ومتى تتوقف.
مع تصاعد وتيرة الضربات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي اللبنانية، تطرح الساحة الداخلية والخارجية أسئلة مصيرية: هل نحن أمام جولة محدودة تنتهي سريعًا، أم أنّ المشهد يتحوّل تدريجيًا نحو حرب لبنان ثانية؟
مرحلة الغموض والقلق تسيطر على العلاقة بين لبنان وإسرائيل. ووفقًا لمصادر دبلوماسية غربية، فإنّ الضربات الإسرائيلية الأخيرة لا تُقرأ فقط كتحرّكات عسكرية، بل كرسالة سياسية مباشرة إلى الحكومة اللبنانية. فتل أبيب، بحسب هذه الأوساط، تسعى إلى ممارسة ضغط متواصل لدفع الدولة إلى تسريع معالجة ملف السلاح غير الشرعي وحصره ضمن مؤسساتها الرسمية، معتبرة أنّ أي إستمرار في الوضع القائم يضع لبنان في مواجهة مفتوحة. وفي الوقت نفسه، تستخدم إسرائيل القوة الجوية الثقيلة والإعلانات المسبقة عن الإستهدافات لإحراج الدولة أمام المجتمع الدولي وإظهارها بمظهر العاجز.
اللافت في الضربات الأخيرة أنّ الجيش الإسرائيلي وجّه إنذارات مسبقة لسكان بعض القرى الحدودية. هذا السلوك لم يكن عسكريًا بحتًا، إذ كان بإمكان إسرائيل أن تستهدف مواقعها بطائرات مسيّرة أو ضربات دقيقة من دون أي إعلان مسبق. لكنها اختارت استخدام السلاح الثقيل والطائرات الحربية، مع رسائل تحذيرية واضحة للسكان، في خطوة تهدف إلى دفعهم لمغادرة قراهم وخلق حالة «تهجير» ضاغطة. هذا الضغط النفسي والإجتماعي يتحول إلى ورقة إبتزاز بيد تل أبيب، موجهة في الوقت نفسه إلى حزب الله والحكومة اللبنانية، باعتبار أنّ أي فراغ سكاني أو نزوح واسع سيعني مزيدًا من الأعباء على الداخل وإضعاف موقف الحزب في بيئته المباشرة.
المعادلة المطروحة اليوم هي حرب ولا حرب، إجتياح ولا إجتياح. لكن الحرب في النهاية باتت بيد إسرائيل وحدها، فهي من تقرر متى تبدأ ومتى تتوقف. وهذا ما يضاعف مشاعر الخوف لدى اللبنانيين، الذين يعيشون تحت وطأة تهديد دائم، من دون أن يعرفوا متى سيأتي «اليوم الموعود» أو متى ينفجر المشهد إلى مواجهة شاملة قد تقلب حياتهم رأسًا على عقب.
المسألة المركزية تبقى مرتبطة بالدولة اللبنانية: هل ستتمكّن من حصر السلاح ضمن مؤسساتها الرسمية؟ وهل هناك نية فعلية للتنفيذ أم أنّ المواقف ستظل إعلامية؟ ما يزيد التعقيد هو موقف حزب الله: هل سيتعاون مع الدولة في ضبط إيقاع المواجهة، أم أنه سيستمر في رسم قواعده الخاصة التي تضع لبنان دائمًا على خط النار؟
السيناريوهات مفتوحة: إستمرار الوضع الحالي مع ضربات محدودة متقطعة؛ جولة تصعيدية قد تستمر أيامًا أو أسابيع؛ أو إنفجار شامل يفتح الباب أمام حرب جديدة. وفي ظلّ هذا الضباب، تبقى الحقيقة الوحيدة أنّ لبنان عالق بين ضغط إسرائيلي متصاعد، وعجز داخلي عن بلورة موقف موحد أو استراتيجية واضحة.
وفي الخلاصة، شددت مصادر أميركية على أنّ «الساعة تدقّ»، وأن لبنان لم يعد يملك الكثير من الوقت لحسم ملف سلاح حزب الله، ما يجعل الضغوط الدولية تتقاطع مع الضربات الإسرائيلية في رسم مشهد متفجّر قد لا يحتمل المزيد من التأجيل.